دعم إخواننا اللّيبيين للثورة الجزائرية
حدّثني البارحة زميلي الجيلالي جبور وهو أستاذ اللّغة الفرنسية منذ سنة 1990 إلى يومنا هذا فيما نقله عن الأستاذ محمد الصالح الصديق (من مواليد 19 ديسمبر 1925) عبر 3 مواقف نادرة خالدة تعبّر بصدق عن حبّ ومساندة إخواننا اللّيبيين حفظهم الله للثورة الجزائرية:
الموقف الأوّل الخالد: كنت مبعوثا للثورة الجزائرية في ليبيا وفي سنة 1955 وأنا بليبيا رأيت متسول ليبي يفترش الأرض ولا يستطيع أن يخرج يديه من شدّة البرد ويخرجها فقط حين يشعر بقدوم شخص. وبعد أيام وأنا أجوب طرابلس العاصمة رأيت طابورا طويلا من اللّيبيين لتقديم المساعدة للثورة الجزائرية فرأيت ذلك المتسوّل اللّيبي ضمن الطابور فاتّجهت إليه قائلا: ألست فلان الذي كان يتسول؟ أجاب بالتأكيد فقلت له: أنت أحوج النّاس إلى هذه النقود من الجزائريين أنفسهم وطلبت منه أن يحتفظ بماله ويصلح بها شأنه وشأن أولاده فردّ علي قائلا: منزلة الجزائريين في نفوس اللّيبيين عالية غالية وأفضّل أن أساهم في دعم الثورة الجزائرية بما أستطيع وأقدر ولا أبرح مكاني هذا حتّى أساهم في دعم الثورة الجزائرية بالنقود القليلة التي بين يدي الآن.
الموقف الثاني الخالد: بينما نحن نسير في ليبيا عبر سيارة لنحمل السّلاح إلى المجاهدين الجزائريين عبر الحدود إذ بسائق السيارة يقتل طفلا ليبيا بالخطإ وحين علمت القبيلة بذلك وللقبيلة في ليبيا قداسة ومكانة وقوّة وبأس خاصّة حين يتعلّق الأمر بالدّماء جاؤوا عن جماعات جماعات يحملون الفؤوس والسّلاح وكلّ وسيلة قاتلة وحين اقتربوا منّا قلنا لهم أنّنا جزائريون ونحن الآن بصدد تقديم السّلاح لإخواننا المجاهدين الجزائريين عبر الحدود اللّيبية وفي وقت مضبوط معلوم إذا تخلّفنا عنه ضاعت مهمّة تسليم السّلاح وكانت المفاجأة كبيرة أنّهم حين علموا أنّنا جزائريون فرحوا فرحا شديدا وطلبوا منّا أن ننسى مسألة قتل الطفل اللّيبي خطأ وأنّه قضاء وقدر وسمحوا بعد ذلك بالعبور. وبعد أيام جمعنا المال واتّجهنا لعائلة الطفل وقدّمنا لهم دية القتيل فغضب أب الطفل اللّيبي واستنكر علينا تقديم الدية وقال: اعتبروا ابني شهيدا في سبيل الجزائر واعتبروه ضمن المئات من الشهداء والآلاف الجزائريين الذين استشهدوا وأعاد الأموال الخاصّة بالدية إلى المجاهدين الجزائريين قائلا لنا: اعتبروا دية ابني مساعدة منّي لدعم الثورة الجزائرية.
الموقف الثالث الخالد: تعطّلت سيارتنا ونحن في ليبيا فقمنا بتصليحها وإذ بقافلة إبل تحمل عروسا عبر هودجها وحين علموا أنّنا من الجزائر اقتربوا منّا وأخبرنا رئيس القافلة فقال: حين علمت العروس أنّنا من الجزائر طلبت وقف القافلة وخلعت كلّ ماعليها من ذهب وقدّمته مساهمة منها في دعم الثورة الجزائرية وحين طلبت منها أن تبقي بعض الذهب على جسدها لتتزيّن به خاصّة وأنّها عروس وأنّ العروس في تلك المنطقة تفتخر بما لديها من ذهب رفضت بقوّة وفضّلت أن تجرّد نفسها من الذهب كلّه ومنحته للثورة الجزائرية كدعم منها ومساندة لها للمجاهدين الجزائريين وللثورة الجزائرية.
تقدير واحترام: حفظ الله إخواننا وجيراننا اللّيبيين ونظلّ نذكرهم مواقفهم الخالدة تجاه الثّورة الجزائرية وكلّ عربي وأعجمي وفرنسي وغربي ويهودي ساهم في دعم الثّورة الجزائرية بما قدر وآمن واستطاع.
وسوم: العدد 832