الأسير مهدي عامر معاناته من نوع آخر بعد أن حطم الأسر أحلامه وأمانيه

أحرار:

الأسير مهدي عامر معاناته من نوع آخر

بعد أن حطم الأسر أحلامه وأمانيه

لا يقوم الاحتلال الاسرائيلي القابع على الأراضي الفلسطينية والمتربع على سفوحها وتلالها وهضابها، والذي يلاحق الشاب والرجل.. الفتاة والشيخ وحتى الطفل.. بالاعتداء الجسدي أو اللفظي أو القتل أو الاعتقال لهؤلاء، بل يقوم بقتل أحلام وطموحات العشرات والمئات من أبناء الشعب الفلسطيني، وفي بعض الأحيان تكون جريمته مزدوجة، فإما أن يقضي على الحلم والشخص معاً بالقتل، وإما أن يقتل الحلم ويزج بصاحبه في السجن، وهو ما حصل مع صاحب الشخصية التي تحطمت أحلامها والتي ذكرها التقرير الآتي لمركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان.

هي قصة شاب فلسطيني حلم وتمنى وواظب على دراسته، وتمنى أن يدخل التخصص الذي يحب، إنه مهدي عبد اللطيف محمد عامر، من مواليد: 7/6/1989 عاماً، من مدينة قلقيلية، وهو الذي كان له قصة معاناة كبيرة سببها له الاحتلال الاسرائيلي، وكانت نهايتها أن يزج به في سجونه.

حكاية مهدي، بدأت الحديث عنها للمركز الحقوقي أحرار، والدته (أم ممدوح)، فقالت:" كان مهدي وهو الابن الثامن من بين إخوانه، وبعد أن أنهى دراسة الثانوية العامة، يريد دراسة طب التخدير فلم يوفق في ذلك هنا في فلسطين، فأراد السفر للخارج مصمماً على تحقيق حلمه، لكن الاحتلال منعه من السفر وقام بإرجاعه من  والسبب إن له أخ شهيد (مرتجى)، قضى في عام 2001 في إحدى المسيرات.

" عاد مهدي محطم النفسية والمعنوية بسبب منعه من السفر، فانضم إلى صفوف الشرطة الفلسطينية، وفي الشرطة تطلب الأمر منهم السفر للتدريب، وهو الأمر الممنوع منه مهدي... فتعطل عمله في الشرطة أيضاً وبقي بلا عمل أودراسة".

وتكمل أم ممدوح:" أصبح مهدي حزيناً على أحلامه التي ذهبت والتي لن يستطيع أن يحققها... لذا قرر مهدي وعن غير علمنا أن يثأر لأحلامه ممن حطمها وسرقها وعرقلها وهو (الاحتلال الاسرائيلي)".

وفي يوم من الأيام.... رأت الشقيقة الأصغر لمهدي، شقيقها يقبل أبناء أخيه الصغار ويقول لهم:" خلص يا حبابيي هاي آخر مرة بشوفكم فيها"... وانطلقت لتخبر والدتها بذلك، لكن والدتها ظنت أن السفر تحقق له وإنه سيتوجه ليكمل دراسته، لكن ما حدث كان مشواراً أخطر وأصعب من السفر.

وبتاريخ: 19/6/2010، وبينما كانت أم ممدوح في السوق مع ابنتها وكما ذكرت، جرت في السوق حركة غريبة والكل يوجه لها الأنظار، فما عادت إلى المنزل حتى وجدت الأقارب مجتمعين لديهم ويقول لها زوجها إن مهدي أصيب برصاص الاحتلال، وهو الأمر الذي فاجأها لأنها كانت قد تركت ابنها نائماً في المنزل.

وفيما بعد علمت العائلة بكامل القصة، وهي أن مهدي توجه لمقر الارتباط الاسرائيلي في مدينة قلقيلية وحاول طعن مجندة هناك، فقام جنود الاحتلال بإطلاق ثلاثة رصاصات باتجاهه، الأولى أصابت قدمه والأخرى كانت في صدره، أما الرصاصة  الثالثة فكانت في الحوض، مما أدى إلى شلله في البداية.

عاشت أم ممدوح وزوجها وجميع أفراد العائلة العذاب والخوف على ابنهم الذي ظنوا إنهم فقدوه كما فقدوا شقيقه مرتجى، لكنهم علموا فيما بعد، إن مهدي في مشافي الاحتلال وأجريت له عدة عمليات جراحية، وإنه تعرض للتحقيق وهو لا يزال في المشفى وكان يعرض على المحاكم وهو على كرسي متحرك.

وبينما مهدي كان يتعذب في سجنه جراء الإصابات التي تعرض لها، كان منزل عائلته على وشك الهدم، حيث أكدت أم ممدوح في حديثها لمركز أحرار إن الاحتلال بقي لمدة أسبوع كامل يأتي ويحيط بالمنزل تمهيداً لهدمه، ولكن بعد التحقيق مع مهدي تراجعت سلطات الاحتلال عن قرار الهدم وحكمت على مهدي بالسجن مدة 38 شهراً، بعد أن كانت قد وجهت حكماً عليه بالسجن 15 عاماً.

ويشير مدير مركز أحرار فؤاد الخفش إلى إن مهدي عامر والذي يقبع حالياً في سجن النقب، تعافى وإنه يستطيع المشي، لكنه لا زال يعاني من وجود شظية في الحوض، وتسبب له الألم المستمر، وإنه وفي كل مرة يذهب فيها للمشفى،  تنكر إدارة المشفى وجود أي شظايا في جسده وتعيده إلى سجنه دون علاج.

الأسير مهدي عامر.. حاول في مرات كثيرة أن يواصل تعليمه من داخل السجن لكن إدارة السجون تمنع ذلك، وهوالآن بانتظار الفرج له من سجون الاحتلال، وأن يستطيع العودة لإكمال حلمه الذي تمنى.