الصين تعيد الضربة

قالت الاقتصادية للبترول في ٣ سبتمبر بأن الصين وافقت على ان تستثمر ٢٩٠بليون دولار في تطوير قطاع  البترول والغاز في ايران, وان تستثمر ١٢٠ بليون دولار في البنية التحتية للصناعة والنقل. وهذه تعتبر ضربه محسوبة موجهه للتطلعات الاميريكيه.

حسب هذا التقرير يصبح للصين الحق في رفض اي مشروع آخر في إيران ولها الحق في ١٢٪؜ تخفيض في الطاقة المستوردة من إيران. الصين سوف تقدم النظام التكنولوجي اللازم لإكمال هذا المشروع بما في ذلك وضع ٥٠٠٠ رجل امن صيني على الأراضي الإيرانية لحماية مشاريعها. وافقت الصين على اقامة هذا المشروع المالي الضخم مع إيران من اجل اتمام الطريق الحزامي الضخم لها. وتعتبر هذه الخطوة ضربه في الوجه للتحديات الاقتصادية والتكنولوجيه والعسكرية الأمريكيه ضد الصين التي حدثت في السنوات الماضية. فهي بذلك تثقب بالون امريكا المنتفخ جداً للاستراتيجية الامريكيه وبذلك سوف ترغمها صاغرة  بأن تقبل البرنامج النووي الايراني وبرنامج تطوير الصواريخ الإيرانية وتكبح الطموحات العسكرية لها في الشرق الأوسط. لذلك الصين لم تبدي مؤخراً بأنها متضايقة جداً من الحظر الاقتصادي الأمريكي عليها وعلى إيران.

تستطيع الصين ان تستورد كل انتاج الغاز والبترول  الايراني وبذلك ممكن لها ان ترفع الإنتاج الايراني من ٢٠٠ الف برميل في اليوم في الوضع الحالي الى ٥ مليون برميل في اليوم. العملاق الصيني للطاقة  CNPC’CNOC,Sinopec يستطيع ان يرفع انتاج إيران من الغاز والبترول الى اعلى حد ولن تحتاج إيران الى سوق آخر مثل سوق الهند، الذي اوقفته مؤخراً استجابة للحظر الأمريكي. لذلك فإن الصين مستعده لصرف مبالغ ضخمة في ايران لإتمام مشروعها للطريق الحزامي. جزء كبير من الغاز الايراني ممكن ان يصدر الان الى الصين عن طريق تركمانستان- الصين  ويمكن لها ان تقوم بتشييد خط آخر لنقل البترول. وهذا سوف يلغي بتاتاً الخطر الأمريكي الغربي على الصين في إيقاف الطاقه عنها وسوف يلغي حاجتها الى بترول أصدقاء امريكا (السعودية والإمارات وإندونيسيا) حيث ان الصين سوف تحصل على كل مانحتاجه من الطاقة من ايران وروسيا.

البنية التحتية لطرق المواصلات التي تزمع الصين إقامتها في ايران هو خط .قطار سريع جداً يعطي الصين طريق جديد لتجارتها من خلال ايران وتركيا الى أوروبا وعن طريق الثلاثي الهندي شاه بهر الى الشرق الأوسط وأفريقيا. العلاقة الاقتصادية بين ايران والصين سوف تدعم أيضاً علاقتهما بروسيا وهذا سوف يغير في معادلات القوى في الشرق الأوسط. وسوف يجعل للصين نفوذ قوي في طهران وفي برنامجها النووي وفي امن ايران وهذا بلا شك سوف يدعم مخططات ايران في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وافغانستان وقد يشجع ايران للانتقام من إسرائيل عن ضرباتها المتكرره للمواقع العسكرية في سوريا والعراق.

في اليمن تلعب ايران الان دور كبير جداً في دعم الحوثي. أما التحالف العربي فإنه الان منهك جداً بالخلافات بين العرب وبالانتقادات المستمرة الامريكيه والأوروبية للدول العربيه عن حقوق الانسان.

في سوريا استطاع بشار الأسد ان يكسب الحرب الأهلية أمام التحالف الخليجي الغربي وذلك بدعم روسيا وإيران وحالما يتحسن الوضع الاقتصادي لسوريا فإن ايران سوف تلعب دور مهم جداً في سوريا والعراق ولبنان.

وممكن للصين وإيران ان تنفذها في أفغانستان. صرح دونالد ترامب ان اتفاقه مع طالبان فشل وهذا الاتفاق يتطلب قبول طالبان بتواجد ٨٦٠٠ أمريكي على اراضيها من اجل محاربة الإرهاب وهذا يتطلب استخدام أمريكي للقوة في جميع حدود أفغانستان.

الان يبدو ان طالبان لن تقبل بهذا الاتفاق مع امريكا والعلاقة بين الصين وإيران سوف تتطلب على المدى الطويل تعاون باكستان معهما. من الواضح ان بكين ترغب في إقامة علاقة مع كليهما. وعلى كل حال ان العلاقة بين ايران والصين سوف تفتح نافذه جديده غير نافذة أوبيك وضمان للصين من التدخلات المؤذية من امريكا والهند للممر الصيني الباكستاني وبالإضافة الى ذلك سوف يعطي مجال عسكري وامني اكبر.  التخيلات الغربيه تقول ان الصين سوف تقوم بإنشاء قاعدة بحريه في مدينه قوادا ولكنها في الحقيقة قد تظهر هذه القاعدة في شاه بهر.

الوقت يمضي بسرعه على الهند ان تختار. بين  اما ان تكون مع النظام الآسيوي والذي يضم الصين وروسيا وإيران وباكستان وتركيا ووسط آسيا تحت مظلة SCO and BRI او ان تكون مع التحالف الأمريكي الهندي. وعلى كل حال الهند لاتزال تتمتع بكلا الخيارين فهي تطور التحالف الأمريكي لمعادلة القوة الصينيه في جنوب آسيا والمحيط الهندي فهي لاتزال تطلب من امريكا إمدادها العسكري وتقيم علاقه تجاريه مع الصين وعلى كل حال في المستقبل سوف تضيق الخيارات للهند بين ان تكون مع القوة ألغربيه والشرقية في نفس الوقت. فمساعدة الصين للباكستان في كشمير المحتلة يدل على انبثاق معادلة جديده وبالرغم من تهديدات ترمب المستمرة بالإضافات الجمركية والخرافات العسكرية ابقت الصين الخيارات في العلاقة مع امريكا. من الواضح الان ان واشنطن بدأت ترى ان الصين المنافس الاكبر لها في ابقاء سيطرتها على العالم وأنه يجب عليها ان توقف هذه السيطرة الصينيه ولا يزال الصراع بينهما مستمر

كتبت بواسطة السفير الباكستاني السابق في الأمم المتحدة ونشرة في ١٥ سبتمبر ٢٠١٩ في مجلة الفجر

وسوم: العدد 845