الخامنئي وعملائه في العراق ولبنان في مزبلة التأريخ
هناك العديد من القواسم المشتركة بين النظامين الايراني والعراقي، فكلا البلدين يحكمها مرجع ديني وهو من يصدر الأوامر الى رئيس الحكومة، ولا يستطيع الأخير ان ينحرف عنها قيد أنملة، على الرغم من ان الدستور الايراني منح المرشد الأعلى هذه الولاية، ولكن في العراق لم يرد في الدستور مثل هذه الولاية، بل مجرد احترام المراجع الشيعية، وهي فقرة سخيفة لا يمكن قبولها لأن هذا الاحترام هو رأي شخصي ولا علاقة للدستور به. حتى ان علاقة الإنسان مع ربه هي علاقة فردية، فكل نفس بما كسبت رهينة، فكيف يطلبون احترام شخصيات مشبوهة ولها مواقف مشينة من الإحتلال، ولم تنكرها المرجعية نفسها بل بلعت الإهانات ولم ترد عليها، لكن على أي حال صار رأي المرجعية عرفا عند رؤساء الحكومات في العراق على إعتبار أن توجيهاتها بمثابة أوامر لها، بمعنى أن المرجعية هي التي تمسك بدفة الدولة ولس رئيس الوزراء، ويتشبث الأخير برأي المرجعية قبل أن يصدر أي أمر كغطاء مذهبي لسياسته، تحت عنوان عرضنا الأمر على المرجعية وننتظر ردها. كل هذه التدخلات من قبل المرجعية في الشؤون السياسية ومع هذا تدعي انها لا تؤمن بولاية الفقيه، فماذا نسمي هذه الولاية على الحكومة العراقية، والتدخل في كل تفاصيل إدارة الدولة؟
إن التظاهرات الأخيرة في العراق وايران ولبنان أسقطت قدسية المراجع الدينية في هذه الدول، فقد اطلق الايرانيون وصف (الطاغية) على المرشد الأعلى، ووصف اللبنانيون حسن نصر الله بالدجال والعميل الايراني، وفي العراق فقد المرجع الشيعي الأعلى وبطانته من المعممين مثل مقتدى الصدر وعمار الحكيم واليعقوبي وهمام حمودي وغيرهم الهالة التي كانت معشعشة فوق رؤسهم، بل صارت العمامة موضع استهزاء وسخرية من قبل العراقيين عموما، فهي صارت ترمز الى الدجل والسرقة والفساد الأخلاقي والتخاذل والإحتيال والعمالة والتراخي والتجهيل والضحك على الذقون وهذا ما تجلى برفع المنظاهرين الشعار الرائع (بإسم الدين باكونا الحرامية)، وهذا ما يقال أيضا عن علماء الدين من أهل السنة الراكبين في سفينة الولي الفقيه مثل خالد الملا وعبد العفور القيسي والهميم والصميدعي ومن لفٌ لفهم من العملاء والدجاجيل.
لقد رفض المتظاهرون ان يكون للمراجع الدينية أي دور في التظاهرات، بل رددوا هتافات ضدهم، ورفضت اللجنة التنسيقة للتظاهرات تدخل علي السيستاني بمناشدته الحكومة بالإصلاحات والتعجل بها، وهي بالطبع عملية إلتفاف على مطالبات المتظاهرين ومحاولة تسويفها، فكيف تناشد الفاسد أن يصلح؟ طالما ان الفساد يشمل الرئاسات الثلاث والسلطة القضائية وكل المؤسسات الحكومية فمن الذي يصلح؟ بل ان الفساد يشمل المرجعية نفسها التي تطالب الحكومة بالإصلاح وهي أحوج من غيرها الى الإصلاح. لتصلح المرجعية نفسها أولا، وبعدها تطالب الحكومة والبرلمان بالإصلاح! كما اعتبرت اللجنة التنسيقية للتظاهرات السيستاني جزءا من المشكلة وليس حلٌها. وطالبت وكلائه بإعادة ما سرقوه من اموال وممتلكات ومؤسسات الى الشعب العراقي، وحذرت جميع مراجع الدين بلا إستثناء من ركوب موجة التظاهرات. التظاهرات شعبية ومستقلة عن جميع رجال الدين.
أماطت التظاهرات الأخيرة في ايران اللثام عما جرى في العراق، لقد توضحت صورة القناصين والملثمين الذين غدروا بالمتظاهرين السلميين في العراق، وعلى الرغم من تستر الرئاسات الثلاثة عن هويتهم مع معرفتهم بهم، لأنهم ينتمون الى الدولة العميقة وهي أقوى من حكومة عبد المهدي، لقد تيقن اليوم الجميع من هم الملثمون، لأن الحقيقة كأشعة الشمس لا يكن حجبها بغربال، وبزلة لسان او ربما نتيجة مرض عقلي (مشاكل في الذاكرة) عند وزير الدفاع العراقي (نجاح الشمري) كما نوهت سلطات بلده (سويدي الجنسية) كشف بأن ميليشيات الحشد الشعبي هي التي تقف وراء استيراد واستخدام القنابل السامة والمميتة ضد المتظاهرين، مؤكدا ما ذكره المتظاهرون عن هوية القناصين من ميليشيات الحشد الشعبي وعناصر من الحرس الثوري الايراني.
وهنا لا بد من إجراء مقارنه لمعرفة المقاربة بين التظاهرات في العراق وايران وموقف النظامين المجرمين من المتظاهرين.
كلاهما استخدام سلاح والذخبرة الحية وقتل المئات من المتظاهرين.
كلاهما استخدام القنابل الغازية السامة بكثافة لا مبرر لها، والقنابل الغازية خارج المواصفات الدولية المسموح بها.
كلاهما هدد بإستخدام قوات غير رسمية لفض التظاهرات، أي الباسيج في ايران، والحشد الشعبي في العراق.
كلاهما زعم أن التظاهرات مؤامرة على الحكومة.
كلاهما زعم بأن الولايات المتحدة واسرائيل تقف وراء التظاهرات.
كلاهما وصف المتظاهرين بالمشاغبين والمراهقين ومنفدي أجندات خارجية.
كلاهما قطع الأنترنيت عن جميع المحافظات.
كلاهما منع وسائل الاعلام المحلية والعالمية من تغطية التظاهرات.
كلاهما قام باختظاف النشطاء السياسيين ورجال الاعلام من قبل مجموعات مسلحة بزي مدني.
كلاهما قام بإعتقال الآلاف من المتظاهرين السلميين.
كلاهما حاول اسقاط المتظاهرين بتلفيقات ودعايات سخيفة لا يمكن أن يقنع بها طفل.
كلاهما حاول أن يجر المتظاهرين الى صدامات مسلحة.
كلاهما توعد المتظاهرين بعقوبات وصلت الى حد الإعدام على اعتبار انهم ارهابيون وعملاء.
قبل أيام وصف المرشد الاعلى للثورة الاسلامية الذين انتفضوا من الشعب الايراني بسبب رفع اسعار الوقود بنسبة 300% بأنهم " من الأشرار"، وأضاف بعد مقتل (106) متظاهر وآلاف الجرحى" ما يحصل ليس من فعل الشعب، هذا فعل الأشرار، وما يقوم به الأشرار، على الأصدقاء والأعداء أن يعلموا اننا تصدينا للعدو عسكريا وسياسيا وأمنيا"!!
بربكم هل هناك قائد يصف شعبه بالعدو كما وصف نفسه لعدة مرات الإسرائليين بالعدو؟ هل يعتبر هذا المرجع القاصر الإيرانيين والإسرائيليين أعداءا على حد سواء؟
لماذا تتصدى لشعبك أيها المستبد، ولا تتصدى للعدو الحقيقي لنظامك كما تدعي وهو الكيان الصهيوني، الذي يطرق على رأسك في دمشق عشرات الطرقات دون أن تحرك ساكنا؟
أنتم على شعوبكم أسود هواصر، وعلى أعدائكم فئران وصراصر. أنت لست بمرشد بل مضل ودجال، وثعلب ماكر.
في يوم 19/11 الجاري كان مرشد الضلال الخامنئي يقتل المتظاهرين في الوقت الذي دمرت في الكيان الصهيوني عددا من القواعد الايرانية التابعة للحرس الثوري في دمشق. بمعنى إن الكيان الإسرائيلي يصفع الخامنئي، فيرد الخامنئي الصفعة لشعبه.
يا للعار لقد بلغ دجلكم الزبى، وآن للشعب العراقي واللبناني والإيراني تقليم أظافر المراجع الدينية الموالية للولي الفقيه.
وسوم: العدد 852