صفقة القرن تفضح أمريكا والعرب
بعد أن تمّ تطبيق الكثير ممّا يسمّى صفقة القرن الأمريكيّة على أرض الواقع، مثل اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل، والإعتراف بالسّيادة الإسرائيليّة على مرتفعات الجولان السّوريّة المحتلة، وإغلاق مكتب منظمة التّحرير في واشنطن، وقطع مساهمة أمريكا عن وكالة غوث اللاجئين "الأنروا" تمهيدا لتصفية قضية اللاجئين، وتمويل الإستيطان اليهودي في الجولان والضّفّة الغربيّة وجوهرتها القدس. وبعد تدجين غالبيّة الدّول العربيّة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وعمل تنسيق أمني وتحالفات عسكريّة معها في ظلّ استمرار احتلالها للأراضي العربيّة، وبعد نعي اتفاقات أوسلو التي كفلتها أمريكا! وبعد نشر "ثقافة الطّائفيّة- سنّي وشيعيّ" وشيطنة إيران ومحاصرتها وتجنيد أنظمة عربيّة لعدائها، وبعد تدمير دول عربيّة وقتل وتشريد الملايين من مواطنيها مثلما حصل ولا يزال يحصل في العراق، سوريا، ليبيا، اليمن، الصومال وغيرها، وبعد تقسيم السّودان، وبعد السيطرة على منابع البترول العربي، واحتلال دول البترول من خلال القواعد العسكريّة على أراضي هذه الدّول، وبعد حصار السلطة الفلسطينيّة والأردنّ اقتصاديّا وماليّا، واحتلال تركيّا لشمال سوريّا، حملت الأنباء أنّ الرّئيس الأمريكيّ ترامب سيعلن عن "صفعة القرن" يوم الثّلاثاء القادم، وأنّه وجّه الدّعوة لنتنياهو وغانيتس لزيارة واشنطن للتّنسيق معهما حول هذه الصّفقة.
وهذا يعني مسبقا أنّ الصّفقة المزعومة تأتي لتلبية أطماع اليمين الصّهيونيّ المتطرّف في التّوسّع والإستيطان، والتي تتخطّى حدود فلسطين التّاريخيّة.
وممّا رشح من أنباء عن بنود هذه الصّفقة، فإنّ نشرها الآن يأتي لدعم نتنياهو في الإنتخابات الإسرائيلية المزمع عقدها في الثاني من مارس القادم، ولكسب اللوبي اليهودي لدعم حملة ترامب في الإنتخابات الرئاسية الأمريكيّة المزمع عقدها في نوفمبر القادم.
ويستشفّ من أنباء الصفقة أنّها بمثابة إعلان حرب مفتوحة على الشعب الفلسطيني الفلسطينيّ بشكل خاصّ وعلى من تبقّى من العرب بشكل عام. فمجمل الصّفقة يتمحور حول تصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ التّوسّعيّ، ومنع الشّعب الفلسطينيّ من حقّه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس. لكن ترامب ونتنياهو وأتباعهما من قادة عرب، ومن باب الإستقواء على الشّعب الفلسطيني وعلى الأمّة العربيّة لا يعلمون أنّ حقوق الشّعوب لا تضيع، وأنّهم سيُدخلون المنطقة في صراعات وحروب ستهدّد شعوب ودول المنطقة وستتخطاها لتهديد السّلم العالميّ. وأنّ عروشا عربيّة تحتمي بأمريكا وتعادي شعوبها وأوطانها ستتهاوى أمام غضب الشّعوب التي جرى إذلالها أكثر ممّا تحتمل، وأنّ عنجهيّة ترامب ونتنياهو لن تجلب لبلديهما إلا الويلات.
وسوم: العدد 861