أيها الداعشيون: بئس ما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين
أيها الداعشيون:
بئس ما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين
محمد أحمد الكردي
أيها الداعشيون: ماذا تريدون من سورية ومن قبل من أهل السنّة في العراق؟ أحقاً أنكم مجاهدون تريدون حكم الله؟ أصحيح أنكم تريدون إعادة الخلافة الإسلامية؟ متى كان من يسعى لإعادة الخلافة يترك أعداء الإسلام ويُعمِل في المسلمين السيف واستباحة الحرمات وتفجير السيارات المفخخة في صفوفهم؟ أليست مقاصد الإسلام هي حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال؟ أي شيء مما ذكر حفظتموه؟ بل أي موبقات باسم الدين لم ترتكبوه؟ من سوّل لكم ووسوس – إلا أعداء الدين – أن إعادة الخلافة تكون بهذه الصورة المرفوضة المقززة المنفرة الملعونة؟ أليس أمر المسلمين شورى بينهم؟ من قال لكم إن السوريين بذلوا الغالي والنفيس لتحرير بلادهم من ظلم الأسد وعصاباته ليقعوا تحت ظلمكم؟ أتظنون أنهم قدّموا كل هذه التضحيات من دمائهم وأموالهم وأعراضهم ليستبدلوا طاغوتاً بطاغوت أشد إجراماً (وإن كان بلبوس الإسلام)، ومجرمين بمجرمين أعتى؟
بأي منطق يحاول البغدادي فرض سلطته على شعب سورية؟ أبزعم أنه قرشي هاشمي سامري ألبو بدري؟ إنه مع الطعن في نسبه القرشي فإن هذا الأمر لا يخوّله ادعاء شيء ليس له. أليس في سورية هاشميون ومن آل البيت قطعاً وليس فيهم من يدّعي الخلافة ويطالب الناس بمبايعته وبالقوة!! ألا يوجد في المسلمين من هو أصلح من صاحبكم؟ وهل هذا وقت هذا الأمر؟ اتقوا الله في دماء المسلمين وأعراضهم.
والله لم يقتف (خليفتكم المزعوم الغارق في أحلام اليقظة) سيرة الخليفة الحق أبي بكر، ولم يكن بغدادياً حتى يتسمى بأبي بكر البغدادي. مَن مِن أهل سورية يعرفه ويعرف نسبه ودينه وسيرته حتى يتّبعه ويبايعه؟ ماذا حرر من المناطق السورية المحررة حتى يقيم عليها سلطته الجوفاء الخلّبية وحكمه البغيض البعيد كل البعد عن الإسلام؟ لو أن السيارات المفخخة التي فجّرها في حواجز الجيش الحر فجّرها في معسكرات قوات بشار وشبيحته ألم يكن قد أراحنا منها؟؟!!
أيها الداعشيون: ما الذي أتى بكم إلى سورية؟ من دعاكم إليها لتتولوا أمرها بقوة السلاح؟ أتظنون أن السوريين غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم وتحرير بلدهم؟ لماذا استقدمتم المقاتلين من الشيشان إلى سورية لقتال المجاهدين فيها؟ هل حررتم الشيشان حتى التفتم إلى سورية؟ لماذا لم تذهبوا إلى بورما لإنقاذ مسلميها من البوذيين المتعصبين؟ لماذا لم تذهبوا إلى بلادكم وتحرروها من حكامها، وتطبقوا فيها شريعتكم؟ اتركوا سورية لأهلها، ويا ليتكم جئتم إليها لتحريرها من طاغوتها، فلم نجد من جهادكم فيها إلا كل عنت وغدر وظلم وتكفير وتنفير وجرأة على انتهاكات المحرمات وقلة أدب مع المسلمين وأعلامهم ورموزهم!
اتركوا سورية وتيقنوا أنها ستكون بخير طالما كنتم بعيدين عنها، إن كنتم صادقين. ويعلم الله ونعلم أنكم كاذبون.
لم يجد السوريون في (جهادكم) سوى الاعتداء عليهم والاحتلال للمناطق المحررة من بلادهم، وفرض السيطرة عليها بالقوة، وقتل من يقاوم تخلفكم وانحرافكم، وأسر كل من يحمل السلاح من المجاهدين، واستباحة الأموال والممتلكات، والاستيلاء على مستودعات سلاح المجاهدين والمقاتلين من فصائل الجيش الحر.
أيها الداعشيون: أتظنون أن السوريين لا يعرفون الحق وأهله، والباطل وأهله؟ ليتكم سمعتم كلام الشيخ صالح الحموي وهو يخاطبكم خطاب الأخ لأخيه المشفق عليه: "كم رجوناكم أن تبقوا في جبهات الرباط؟ وأن لا تتدخلوا في شؤون الناس، فأنتم أتيتم للجهاد فقط، وليس لتحكمونا. كم طلبنا منكم أن تكونوا شركاءنا في الجهاد؟ كم طلبنا منكم أن تكونوا شركاءنا في المحاكم الشرعية؟ لكنكم أبيتم وتريدون أن تحكمونا فقط. ولا ترضون قاضياً من غيركم، ولا ترضون محكمة غير محكمتكم. ذهب أحد أشياخنا في الهيئة الشرعية لحماة لأجل إخراج معتقلين عند الدولة، فقال له القاضي: إما أن تبايعونا أو القتال. والشيخ موجود ومعروف ولا زال في الجهاد". ولكن الشيطان والهوى وشهواتكم وجهلكم وغروركم أعمت بصيرتكم فأبيتم إلا أن تكونوا حرباً على السوريين وثورتهم، وإن زعمتم وزعمتم وادّعيتم. لقد رأى الناس وسمعوا ما فعلتم بالمعتقلين في مقركم قبل أن تنسحبوا من حارم وأحياء من حلب وغيرها. هل يندرج إعدام الأسرى والإعلاميين والناشطين في مجال الإغاثة ضمن تصنيف الجهاد لديكم؟ وهل إعدام ستين منسحباً من أحرار الشام الإسلامية من قتالكم باجتهادات خاطئة وحقناً لدماء المسلمين على طريق الرقة – تل أبيض يقع ضمن جهادكم في سورية؟ وخدمة لمشروع إقامة الخلافة الإسلامية فيها وتنصيب بغداديّكم خليفة على المسلمين؟ إذن بئس ما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين!!!.
أيها المجاهدون المخلصون، المغرر بهم، ممن انخدعوا بشعارات داعش ودعاياتها:
لا يخدعنكم قادة هذا التنظيم المشبوه بالبيعة والطاعة، وما يترتب على نكث البيعة والعهد؛ فإن المدعو أبا بكر البغدادي أول من خلع طاعة أميره أيمن الظواهري وتمرد عليه وشق عصا الطاعة له، وأول من انقلب على صديقه وأخيه في التنظيم أبي محمد الجولاني، وأول من نكل بالمنشقين من قادته والمسؤولين لديه؛ اسألوا عن أبي سعد الحضرمي قائد النصرة في الرقة ونائبه أبي دجانة وأبي لقمان أمير الدولة في عموم محافظة الرقة. اسألوا عن الغدر والتآمر المتأصّل في نفوس قادة داعش وتعطشهم لدماء المسلمين الأبرياء في مناطق أهل السنّة في العراق.
ألم تسمعوا بتخطئة كل منظري القاعدة والسلفية الجهادية للبغدادي؟ أيكون كل هؤلاء على خطأ والبغدادي الذي يركب رأسه على صواب؟ هل أتاكم البيان الصوتي للشيخ عبدالله المحيسني** بخصوص داعش ومواقفها ورفضها الاحتكام إلى شرع الله؟ وهل سمعتم بغدر داعش اليوم عندما ذهب موفدهم إلى قادة مجاهدين للحوار ففجر نفسه بينهم، ففطس وقتل الحاضرين!! أين عهد وذمة لهؤلاء!!؟؟ وأي إسلام هذا الذي يبيح الغدر والخيانة والتآمر على المسلمين؟؟!!
أيها الداعشيون: إن تهديداتكم للمجاهدين والثوار على لسان العدناني بعنوان "الرائد لا يكذب أهله" لا تصدر عن مؤمن بالله واليوم الآخر تجاه مسلمين مجاهدين. ليته وجهها ضد أعداء الدين والوطن كبشار وعصابته وشبيحته والروافض المعتدين الغزاة لسورية... ولكنه أبى إلا أن يظهر حقيقة جهاده وتدينه وادعاءاته. ألا "بئس ما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين".
يا قادة داعش إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وتريدون لسورية وأهلها خيراً فلتحلوا أنفسكم، وتُسلموا سلاحكم للمجاهدين لتدرأوا الفتنة، ومن منكم كان من المخلصين انضم إلى ثوار سورية من أي فصيل يختار، لقد كرهكم الشعب لأفعالكم وغلوكم، لقد احتضنكم السوريون وأحسنوا الظن فيكم ولكنكم خيبتم آمالهم، وما زال باب التوبة مفتوحاً، وباب العودة للصواب لم يغلق، ولم تضق صدورنا الواسعة بكم إن عدتم إلى رشدكم وكان قدومكم لتخليص السوريين من العصابة الأسدية. وثقوا أن السوريين لن ينسوا فضل من وقف معهم في ساعات الشدة، كما لا ينسى من طعنهم في الظهر أثناء مواجهتهم أشرس عدو وأعتى طاغية.
* بيان صوتي وشهادة حق بما يسمى: داعش، من الشيخ الدكتور عبد الله المحيسني