تداعيات انفجار مرفأ بيروت -الحالة السياسية - لبنان
- تداعيات الإنفجار
- الإقبال الخارجي على لبنان
- تشكيل الحكومة
- استراتيجية كسب الوقت وزيادة المخاطر
- واقع السلطة والأحزاب السياسية المتشاركة فيها
- خلاصة الموقف
أولاً: تداعيات الإنفجار
* ترجيح وجود عدوان اسرائيلي يشبه الضربات على مخازن السلاح في سوريا في إطار الصراع الدولي - الإقليمي القائم في المنطقة، والذي قام بالضربة لن يعترف بها ليرفع عن نفسه حرج تحمل نتائجها، والذي استهدفته الضربة لن يعترف بها ليرفع عن نفسه حرج العجز عن الرد. اذا تأكدت هذه الرواية فالموقف واضح من العدوان الاسرائيلي مهما كانت دوافعه، ومن تخزين السلاح أو المواد القابلة للانفجار في منطقة سكانية كبيروت وفي مرفق حيوي كالمرفأ.
* هناك مسؤولية محلية مباشرة على المسؤولين عن المرفأ والجمارك والأجهزة الأمنية المختلفة، ومسؤولية غير مباشرة على المسؤولين بدءاً من رئيس الجمهورية وصولاً الى رؤساء الحكومات والوزراء الذين تدين لهم الأجهزة الأمنية بالولاء، أو الذين تبلغوا في أي مرحلة عن وجود هذه المواد.
* التحقيق تدوّل بحكم الأمر الواقع وبسبب الإرباك الذي تعيشه السلطة في هذا الإطار مما جعلها عاجزة عن رفض وجود محققين من دول عدة.
ثانياً: الإقبال الخارجي على لبنان
* تحويل لبنان الى ساحة صراع دولي – إقليمي مباشر بعد أن كان محيّداً عن ذلك في السابق، وذلك لعوامل عديدة: الانتخابات الرئاسية الأمريكية، صفقة القرن وموجة التطبيع، التنافس على الغاز والنفط.
* وجود قناعة بأن الكيان اللبناني لا يجب أن ينهار بالكامل ولذلك كانت المساعدات الإغاثية العاجلة، ولكن الحصار الإقتصادي مستمر حتى الإستجابة للشروط.
* هناك وجهتي نظر: فرنسية تقوم على تعويم الطبقة السياسية من خلال طرح حكومة وحدة وطنية وهو ما تم التراجع عنه لاحقاً تحت ضغط الرفض الشعبي والموقف الأمريكي، وأمريكية تقوم على الإستفادة من الواقع المستجد عن الإنفجار لمزيد من الضغط بين يدي التفاوض الأمريكي – الإيراني والتسوية المتوقعة.
* متوقع مزيد من الضغوط للوصول الى سحب لبنان كورقة تفاوضية بيد إيران، إعادة التوازنات السياسية من خلال انتخابات نيابية جديدة، وتطبيق اللامركزية الموسعة كبديل عن التقسيم في ظل زيادة التوتر والتعبير عن صعوبة التعايش في ظل ممارسات وضع اليد على البلاد وانكفاء المكونات لحماية مناطقهم.
ثالثاً: تشكيل الحكومة
* هناك طرحان متناقضان: طرح حكومة الوحدة الوطنية (أقطاب أو وزراء) وهو ما يرغب به الثنائي الشيعي لتأمين غطاء سياسي وكذلك التيار الوطني الحر لضمان بقائه ضمن منظومة الحكم. وهناك طرح الحكومة الحيادية التي يطالب بها حراك الناس ويطرحها بعض الأحزاب فضلاً عن الأمريكيين للحد من وضع اليد على البلد. لذلك يبدو أننا باتجاه تصريف أعمال طويل.
رابعاً: استراتيجية كسب الوقت وزيادة المخاطر
إن استراتيجية كسب الوقت حتى انتهاء الانتخابات الأمريكية وتفعيل المفاوضات الأمريكية – الايرانية تؤدي الى:
* سقف محدود جداً من التنازلات المحلية، وادعاء تقديم تسهيلات في التفاوض على الحدود البحرية، وادعاء التجاوب مع طرح تجديد العقد السياسي فضحى بالحكومة مقابل التخفيف من الضغط.
* زيادة في الضغوط الاقتصادية
* احتمال إرباكات أمنية مصنوعة من جميع الأطراف، الأمريكي الذي يمكن أن يسعى لجر الحزب الى معارك داخلية لاستنزافه ودفعه للقبول بالتسوية، والفريق الآخر الذي يمكن أن يدفع لأزمات مناطقية جلّها في مناطق السنة، لتغطية إخفاقاته أو ممارساته أو لتقوية موقعه التفاوضي، كما يمكن أن يلجأ لتضخيم الوجود التركي لاستدراج الفرنسي للتحالف معه في وجه التركي الداخل على المنطقة، أو اصطناع حالة إرهاب لحرف التركيز وتسهيل الاتفاق مع الأمريكي تحت عنوان محاربة الارهاب.
خامساً: واقع السلطة والأحزاب السياسية المتشاركة فيها
* منظومة الطبقة السياسية كلها تهاوت في الفترة الأخيرة وأصبح فسادهم مكشوف بالكامل، وفقدوا ثقة المواطنين وثقة الخارج ولكنها لا تزال مصرة على نفس الممارسات.
* لا يمكن للطبقة السياسية الفاسدة أن تقوم هي بالإصلاح، كما لا يمكن انتظار نفس الشيء من الخارج، فالرئيس الفرنسي يعاني من تحركات شعبية فرنسية ضد سياساته، والرئيس الأمريكي يتاجر بأزمات العالم كله للنجاح في انتخاباته، والنظام الإيراني يسخر كل الأوراق لخدمة مشروعه التوسعي وهكذا الجميع.
* عندما نتكلم عن طبقة سياسية لا بد أن تتغير، نتكلم عن أشخاص قاموا بوضع اليد على الأحزاب والغوا دورها الحقيقي بتقديم برامج وحولوها لأدوات. بالتالي قد تبقى الأحزاب إن غيّرت من طبيعة أدائها وتصرّفت كأحزاب حقيقية وليس كأداة لخدمة الزعيم.
* جميع الأحزاب دون استثناء مأزومة، وحجم الضغط الخارجي تزايد بعد الإنفجار، بالإضافة الى تزايد النقمة الداخلية على الدولة والأحزاب بسبب ممارسات الفساد والمحاصصة أو عملية وضع اليد على قرار البلد، وهذا يجمع نوع من الحصار الدخارجي والحصار الداخلي، مما يجعل أولوية كل حزب حماية نفسه.
سادساً: خلاصة الموقف:
* من مصلحة الجميع إيجاد مخرج لا يسمح للخارج بتمرير صفقة القرن أو التطبيع أو تقسيم المقسم وفي نفس الوقت إنقاذ البلد من سوء الإدارة والنهب والفساد وانعكاسات الصراعات الخارجية وهذا يستدعي نقاش سياسي جدي بعيداً عن المكابرة أو العزل.
* الثورة على الفساد لا تنجح إلا عندما تنطلق من ذاتها بعيداً عن انتظار دعم الأحزاب السياسية التي تشاركت بالسلطة، أو دعم خارجي يهتم بأجنداته وليس أجندة هذه الثورة.
* تحييد لبنان من أن يكون ساحة للصراعات الإقليمية والدولية، دون أن يشمل ذلك الصراع مع العدو الصهيوني، فمقاومة العدو الصهيوني واجب دائم، ولكن دون أن يعني ذلك تكوين كيان موازٍ للدولة تحت هذا الشعار وإنما في إطار استراتيجية دفاعية يتشارك فيها اللبنانيون دور المقاومة وعبءها.
* العودة الى ممارسة الديمقراطية الحقيقية وإعادة تشكيل السلطة من خلال انتخابات نيابية برقابة دولية، حكومة انقاذ من خارج الطبقة السياسية قرارها من داخلها، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
* التأكيد على بناء الهوية الوطنية الجامعة بعيداً عن الطائفية التي منعت محاسبة الزعيم الذي يستنجد بطائفته ويتحصّن بها.
* فضح جميع محاولات إصطناع إرباكات أمنية والمتاجرة باستقرار المواطنين والمناطق.
وسوم: العدد 890