الداعون إلى جنيف2 هل توافقوا على تفسير جنيف 1؟!
الداعون إلى جنيف2 هل توافقوا على تفسير جنيف 1؟!
وهل وافقت عصابة بشار من قبل عليه
أو هو الخداع والمخادعة ؟!
زهير سالم*
خداع ...
بهذا الوصف الموجز والصادم يستطيع أي متابع جاد أن يختصر المشهد الدولي مما يجري على الأرض السورية ، وأن يصف الدعوة إلى مؤتمر جنيف 2 بشكل خاص ...
خداع ..
بعضهم يخدع نفسه ، وبعضهم يخادع الناس ، والمطلوب لكي تثبت أنك دبلوماسي وعصري وفي مستوى الملعب واللعبة واللاعبين أن تنخدع وأن تخدع أيضا ...
الداعون إلى جنيف 2 يخدعون أنفسهم ويخادعون الناس فيزعمون أن جنيف 2 مؤسس على مقررات جنيف 1 . ولكن متى كان جنيف 1 موضع توافق وموضع اتفاق ..
منذ اللحظة الأولى لإعلان جنيف 1 في 30 / 6 / 2012 أي منذ ثمانية عشر شهرا ، وعلى الرغم أن المقررات كتبت بالحبر الروسي وعلى الورق الروسي ، توقف كل المتابعين وعلى الهواء عند مفارقات أساسية بين القراءة الروسية ( اللافروفية ) والقراءة الأمريكية ( الكيرية ) لمقررات المؤتمر التي لم يكن قد جف حبرها بعد . مما يثبت أن الأمريكي كان يسعى لأي اتفاق يلقي به العبء عن كاهله . وما تزال هذه المفارقات جاثمة على صدر المؤتمر والمؤتمرين ، فعلى أي مقررات جنيف 1 سيعتمد المدعوون إلى جنيف 2 وأي القراءتين ستكون المرجعية المعتمدة فيه ؟! يقول العارفون : إن كيري الأمريكي سيترك لبراعة المفاوض الروسي الحق في إقناع المفاوض المستضعف أو المعارض المزور بالقبول بالتفسير الذي يريد ..
المفارقة بين القراءة الروسية والقراءة الأمريكية لمقررات جنيف 1 ليست أحادية بل هي متعددة ومتشابكة آثر الموقف الأمريكي أن يلقي موضوعها عن كاهله ويتركها لمراوغة المراوغين ..
ثم بغض النظر عن القراءتين والموقفين ، هل وافقت عصابة القتل في سورية على جنيف 1 ، وهل قبلت أن تلتزم بمقرارته ؟ ولو فعلت ذلك هل كان السيد شديد الاحترام لنفسه وللدم البشري وللقيم الإنساني كوفي عنان سيستقيل من مهمة / استمراء الخداع / هذه التي تلقفها فرحا جذلا خلفه ذو الدم العربي فأكد سقوط كل دعاوى القومية العنصرية ..
ولو وافق بشار الأسد وعصابته على الالتزام بمقررات جنيف واحد : فتوقفوا فورا عن قتل المدنيين . وسحبوا كل أسلحتهم الثقيلة من الأحياء والمدن . وأطلقوا سراح عشرات الألوف من المعتقلين . وسمحوا لوسائل الإعلام العالمي بالدخول إلى سورية . وتركوا للسوريين أن يشكلوا حكومة انتقالية معبرة عن المجتمع أجمع وليس عن إرادة العصابة. ولو باشرت الحكومة الانتقالية المشار إليها بالتحقيق في الجرائم ضد الشعب السوري ومحاسبة مرتكبيها .. لو فعلوا – بشار وعصابته - كل هذا أو بعضه فهل كنا في سورية سنحتاج إلى جنيف 2 ؟! وهل كانت الثورة السورية ستذهب بعيدا في طريق العمل المسلح ؟! وهل كان عملاء الأسد سيجدون الفرصة للالتحاف بعباءة التطرف ؟! وهل كانت سورية ستدمر كما دمرت ؟! وهل كان عدد الشهداء سيبلغ مئات الألوف ؟! وهل كان تعداد اللاجئين سيشتمل حتى الآن على نصف السكان ..؟!
خداع ..
وحين يعلن كيري اليوم إن إيران لا يمكنها أن تشارك في جنيف 2 لأنها لم توافق على جنيف 1 !! ألا يفرض نفسه مباشرة سؤال : هل وافقت عصابة بشار الأسد أصلا على جنيف 1 ؟! هذا السؤال الذي يفرض نفسه والذي يرفض الداعون إلى المؤتمر اليوم أن يطرحوه حتى على أنفسهم كتعبير مباشر عن استمراء الخداع والمخادعة !!
هل يتوافق ما أعلنه وزير إعلام العصابة عن رؤيتهم لمؤتمر جنيف2 أرضه وسقفه وشرطه وقوله ( ستعرض المخرجات على استفتاء على الشعب السوري ) . مع منطوق ومفهوم دعوة السيد بان كيمون ؟! ... ولماذا يقبل الداعون إلى المؤتمر بجواب مراوغ قبل أن يصل المؤتمرون إلى المؤتمر أو قبل أن يخوض الناس في أقنية المراوغة الأسدية التي اشترط لها وليد المعلم مهارات خاصة بالسباحة ..
لماذا ..؟!
وشلال الدم السوري لا يتوقف وآلة القتل الأسدية الإيرانية الروسية بكل عنفها وقسوتها وتلونها تفري فريها فتقتل وتدمر ..
إنه حين يقول السيد كيري إنه لا يجوز لأحد أن يفرض شيئا على الشعب السوري !! أليس من حقنا أن نسأله : ولا الطائرات المدمرة ، أو البراميل المتفجرة ، او الصواريخ الاستراتيجية ، أو القنابل الفراغية ، أو البرد أو الجوع أو العصي الكهربائية أو ... أو .... أليس من حق هذه الأدوات جميعا حسب الشرعية التي تمتعت بها من المجتمع الدولي والدول الخمس دائمة العضوية أن تفرض شيئا على الشعب السوري حسب منطق العصابة المشرعن دوليا وإنسانيا وحقوقيا : تخضعون أو تقتلون وتعتقلون وتشردون ..!!
أو أن الحديث كله حديث خداع وخرافة ..
يا أم عمرو ..
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية