اغتيال الشعراء الأحوازيين، منهج الاحتلال الفارسي(2)

طارق أبو فراس الأحوازي

اغتيال الشعراء الأحوازيين

منهج الاحتلال الفارسي(2)

طارق أبو فراس الأحوازي

"تدري يا بلبل عليش انت ابقفص؟

انت محكوم اعلى صوتك چي تصيح"(1)

هذا مطلع قصيدة للشاعر المرحوم جمال عبد الحميد امهنى، الذي توفي يوم السادس من شهر ديسمبر عام 2010، في الثلاثينيات من عمره، إثر ازمة صحية مفاجئة شبيهة بالأزمة التي أدت الى استشهاد الشاعر الشهيد ابو مختار.

وأحد الشعراء الأحوازيين من الذين استهدفتهم أيادي القدر الاجرامية الفارسية، هو الشاعر الشهيد منان ناصر بيت صياح، ابن عمة الشاعر الشهيدابو مختار رحمه الله، من اهالي " الشكارة " التابعة للأحواز العاصمة، الذي اشتهر بقصائده الثورية، توفي يوم الثالث والعشرين من شهر مايو عام 2012، إثر حادث مروري مشكوك فيه ومدبر من قبل أجهزة المخابرات الايرانية حيث كان الشهيد في طريقه الى امسية شعرية اقيمت في مدينة شيبان الأحوازية.

ومن نفس العائلة، الشاعر الشهيد سعيد جاسم العباس، أحد رفاق الشهيد البطل ريسان الساري، وهو شقيق زوجة الشهيد الشاعر ستار ابو مختار، بعد عامين من الافراج عنه من حكم الاعدام، تم اغتياله في يوم الخامس عشر من اكتوبر عام 2013 بعد أن تعرض لحادث سير مشكوك فيه، بعد امسية شعرية حضرها في احدى المدن الأحوازية.

وفي عام 2006 توفى الشاعر الوطني الشهيد أيوب خنافرة بعد أيام من حضوره في أحد الامسيات الشعرية التي اقيمت في الأحواز العاصمة وكالعادة إثر حادث مروري حدث له في طريق " كوت عبد الله " في الأحواز المحتلة. 

وبنفس الطريقة اغتالت هذه الأيادي المجرمة ثلاثة شعراء في ليلة واحدة،وهم طاهر سلامي و عباس جعاوله و ناظم هاشمي، في حادث مروري، بين مدينتي عبادان والمحمرة، عند عودتهم من مدينة معشور بعد الانتهاء من امسية شعرية اقيمت هناك، في يوم الخامس والعشرين  من شهر مارس عام 2008 .

كذلك الشهيد نبي كريم الهاشم النيسي ، من أهالي مدينة الحويزة ، من الشهداء الذين سقوا شجرة الحرية بدمائهم الطاهرة الزكية  ، من أهم الشخصيات الأحوازية البارزة ، صاحب القلم الحر ، صاحب قصيدة : (ردّت اتقول الأغاني ** الگاع من تعطش ترها اتريد ماي، الماي من يعطش تراه ايريد دم**واحنه جينه ابغيرة عربية طبعنا او لايهم بينه التعب ...الخ) وهو من الادباء والشعراء المعروفين الذين تشرفت ببطولاتهم صفحات التأريخ ، اغتيل في بداية مجيئ "الهالك الخميني" الى سدة الحكم ، حيث نصبوا مسلحون  من القوات الحرس الثوري، كمينا له في طريق عودته من امسية شعرية كانت قد أقامها في جزيرة " صلبوخ " ،الواقعة بين مدينتي المحمرة و عبادان ،وأمطروا سيارته بوابل من الرصاص وسقط على أثرها شهيدا خلّد ذكراه تاريخ النضال العربي الأحوازي  .

وشارك عدد كبير من الأحوازيين والادباء والشعراء في تشييعه الى مثواه الأخير في مدينة الحويزة، حيث اقيمت امسيات شعرية بعد وفاته اذ كانت أحد الأبيات الخالدة في تلك الأمسيات هي لأحدى الحرائر الأحوازيات التي القت قصيدتها في رثاء الشهيد نبي رحمه الله، بعنوان: نبي ما مات لا تبكين يا بنت الخفاجيه، وقامت الهتافت من الجمهور بـ (نبي عاش عربي، نبي مات عربي، نبي يا صاحب الفلاح، نبي يا صاحب العامل، نبي ما مات. نبي ما مات.

وكتبت احدى أبياته الوطنية على قبره الطاهر :( (آنه أحب كل شبر من أرضي عزف بي ناي راعي، آنه أحب كل الأطفال الصفّقوا او بصفاقهم شالوا شراعي.)).

والجدير بالذكر أن سلطات الاحتلال الفارسي قامت بتصفية عدد هائل من المثقفين والكتاب والشعراء ونشطاء وطنيين من خلال تدبيرحوادث مرورية، تستهدف الأقلام الحرة الثائرة بوجه الظلم، التي رفضت حياة الذل والعار، التي قابلت رصاص العدو الإيراني بصدور عارية للدفاع عن الحرية والكرامة.

وبالتأكيد لا يخفى على أحد، أن ضحايا حوادث الطرق والسير في الاحواز كثيرة، ولكن لماذا دائما تكون هذه الضحايا هم من الشعراء والأدباء والمثقفين الناشطين ؟!!!

ولماذا تكون هذه الحوادث مباشرة بعد عودتهم من الامسية الشعرية ؟!!

لماذا هذه الصدفة تحمل على متنها كل هذه الاحقاد لأصحاب القلم الحر وتؤدي الى مقتلهم ؟!!

(وفي الأخير لا يسعني الا أن أشكر كل من ساهم وساعد أثناء عملية البحث، لاعداد هذا العمل المتواضع.)

1: "چي" في اللهجة الشعبية الأحوازية تعني " لأن “.