القاسم الانتخابي مكاسب أحزاب ومتاعب ناخبين
لن نخوض في موضوع القاسم الانتخابي الذي سيميز الانتخابات القادمة عن سابقاتها ، والتي قرب موعدها بعدما خاض فيه الخائضون بإسهاب نظرا لاختلاف الأحزاب السياسية حوله بين رافضة أو قابلة له وفق ما عندها من هاجس الخسارة والربح إلا أننا سنتناول موضوع الناخبين وما سيتيحه لهم هذا القاسم مما لم يكون متاحا لهم من قبل .
من المعلوم أن الناخبين هم أهم عنصر في العملية الانتخابية لأن نتائجها تتوقف عليهم من حيث إقبالهم عليها ومشاركتهم فيها ،وهو ما يضفي على اللعبة الديمقراطية مصداقية أو يجعلها مفتقرة إليها أمام الرأي العام الداخلي والخارجي.
والناخبون عبارة عن مسجلين في القوائم الانتخابية وغير مسجلين وهؤلاء لا حق لهم في التصويت ، وعبارة عن مصوتين وغير مصوتين وهؤلاء حكمهم كحكم غير المسجلين . والمصوتون إما أن يصح تصويتهم، فيكونون هم الفئة المعتمدة في تحديد مصير الانتخابات أو يلغى تصويتهم وهؤلاء يكونون في حكم المسجلين غير المصوتين بحيث يكون حضورهم وغيابهم سيّان في عملية التصويت .
وبالرجوع إلى المعايير المعتمدة في الانتخابات المقبلة وهي : عدد المقاعد ، وعدد الأصوات الصحيحة ، وما يسمي بالعتبة ،وهي عدد الأصوات المفروض الحصول عليها بالنسبة لكل حزب لخوض التنافس على عدد المقاعد المتنافس عليها ، وكل حزب لا يدرك هذه العتبة يقصى من التنافس .
والأحزاب التي تبقى في مضمار التنافس الانتخابي ، فتحتكم إلى القاسم الانتخابي، وهو عدد يكون حاصل قسمة عدد الأصوات الصحيحة على عدد المقاعد ،وهو المطلوب للحصول على كل مقعد من المقاعد المتنافس عليها ، وما يتبقى من أعداد الأصوات دونما يفرضه القاسم الانتخابي لا اعتبار لها ، وتكون في حكم الأصوات الملغاة إلا في حالة التنافس بين الأحزاب على ما تبقى من مقاعد لم يتم الحصول عليها باعتماد القاسم الانتخابي، فحينئذ تعود تلك المقاعد إلى الأحزاب التي يبقي في حوزتها أكبر عدد من الأصوات دون العتبة ، وفي هذه الحالة قد يتساوى الحزب الأقل أصواتا مع الحزب الأكثر أصواتا في الحصول على عدد المقاعد بسبب تفوق عدد ما بقي لديه من أصوات على عدد ما بقي لغريمه الأكثر أصواتا ، الشيء الذي يعني هنا أن القسمة ضيزى بينهما .
هذا بالنسبة للحصول على مقاعد المجالس الترابية أما بالنسبة للحصول على مقاعد البرلمان فتوزيعها يكون بقسمة عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية على عدد المقاعد، وهو ما يكون ناتجه عبارة عن أعداد كبيرة من الأصوات الصحيحة قد لا تحصل عليها كل الأحزاب المتنافسة ،وحينئذ توزع عليها المقاعد بالتساوي مقعد لكل حزب، فتتساوى في ذلك الأحزاب الأكثر أصواتا مع أقلها أصواتا ، وهي قسمة ضيزى أيضا .
والذي يعنينا من هذا الموضوع هو كون القاسم الانتخابي يحقق مكاسب للأحزاب بغض الطرف عما سيشعر به بعضها من غبن بسبب القسمة الضيزى كما مر بنا بيان ذلك لكن الناخبين لا يجنون منه سوى متاعب التسجيل في القوائم والذهاب للتصويت خصوصا أولئك الذين يكون مصير أصواتهم التي دون نصاب الحصول على المقاعد كمصير الأصوات الملغاة تماما ، ويكونون حينئذ كأنهم لم يشاركوا في التصويت أوكأنهم لم يسجلوا أصلا في قوائم الانتخابات ، وهو ما يعني أن مشاركتهم كانت مجرد عبث ، ومن ثم يكون هذا هو أهم مغمز في اعتماد القاسم الانتخابي أو القاسم الضيزي إذا ما صحت الشروح التي خاض فيها الخائضون، ولم يخف عليهم من أمره شيء .
وسوم: العدد 944