التآمر القرمطي الصفوي على العروبة والإسلام ( 2 )

د. أبو بكر الشامي

وما إن نفض المسلمون أيديهم من تراب الفاروق رضي الله عنه ، حتى بايعوا لخليفته من بعده ، عثمان بن عفان ( ذي النورين ) رضي الله عنه ، فسار بالأمة على منهج العمالقة الذين سبقوه ، وخفقت راياته فوق المشارق والمغارب ، فغصّ به اليهود _ مرّة أخرى _ وشرقوا ، وعلموا أنهم كلما قتلوا قائداً للأمة أنجبت ألف قائد ، فهي أمة القيادة والريادة والقدوة ، عندها أضاف أساطين اليهودية إلى خطتهم الخبيثة عنصراً جديداً ، ألا وهو : ( قتل القادة وتحريف الدين )...!!!

وانطلق اليهودي بن اليهودية ( بن السوداء ) عبد الله بن سبأ ، يجوب أرجاء الدولة الإسلامية من مشرقها إلى مغربها ، يبث سمومه ، ويتقيؤ أحقاده ، وينشر بين رعاع الناس ، والدهماء من العامة ، والموتورين من أصحاب السوابق _ من الذين نالهم من أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وعماله ما يستحقون من العقوبة والقصاص ، جراء مخالفات ارتكبوها _  أقوالاً وأفكاراً لا عهد للعرب والمسلمين بها ، ولم يسمعوا بأمثالها من قبل ، وكان ابن السوداء قد استوحاها من تقيؤات تلموده الحاقد ، وخرافات توراته المزوّر ، مثل :

( الطعن في خلافة الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان ) رضوان الله عليهم .

وابتداع ( أحقية علي في الخلافة ) و ( أكذوبة النصّ عليه من الله ورسوله ) و ( أكذوبة أنه معصوم )  و ( أن الصحابة غصبوه حقه في الملك ) وأمثال هذه الافتراءات والأكاذيب الوضيعة ...

و القول : ( إن لكل نبي وصي ، فمحمد هو النبي وعليّ  هو الوصي ) .

وهو أول من ابتدع عقائد ( الرجعة ) و ( العصمة ) و ( التقية ) وغيرها من العقائد الفاسدة المستوحاة من اليهود والصليبيين والبوذيين وغيرهم ...  كما أنه أول من تجرأ على الصحابة الكرام رضوان الله عليهم فخوّنهم وكفّرهم ... وغير ذلك كثير..

ولقد اعترف بهذا كبار الشيعة ومؤرخوهم ، فهذا هوالكشّي ( كبير علماء التراجم المتقدمين -عندهم -الذي قالوا فيه : إنه ثقة ، عين ، بصير بالأخبار والرجال ، كثير العلم ، حسن الاعتقاد ، مستقيم المذهب )  يقول : وذكر بعض أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ، ووالى علياً عليه السلام ، وكان يقول  _ وهو على يهوديته _ في يوشع بن نون وصيّ موسى بالغلو ، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في علي مثل ذلك ، وكان أول من أشهر القول بفرض إمامة علي ، وأظهر البراءة من أعدائه ، وكاشف مخالفيه ، وكفّرهم ، ومن هنا قال من خالف الشيعة ، إن التشيع ، والرفض ، مأخوذ من اليهودية ( "رجال الكشي " ص 101 ط مؤسسة الأعلمى بكربلاء العراق ).

ونقل المامقاني ، إمام الجرح والتعديل ، مثل هذا عن الكشي في كتابه " تنقيح المقال " ( "تنقيح المقال " للمامقاني ، ص 184 ج 2 ط طهران ) .

ويقول النوبختي  في كتابه  فرق الشيعة  : ( عبد الله بن سبأ كان ممن أظهر الطعن على أبى بكر، وعمر، وعثمان ، والصحابة ، وتبرأ منهم ، وقال إن علياً عليه السلام أمره بذلك ، فأخذه علي ، فسأله عن قوله هذا ، فأقرّ به ، فأمر بقتله فصاح الناس إليه ، يا أمير المؤمنين !  أتقتل رجلا يدعو إلى حبكم ، أهل البيت ، وإلى ولايتكم ، والبراءة من أعدائكم ، فسيره (علي ) إلى المدائن (عاصمة فارس آنذاك ) ... وحكى جماعة من أهل العلم ، من أصحاب علي عليه السلام : ( إن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ، ووالى عليا عليه السلام ، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى عليه السلام بهذه المقالة ، فقال في إسلامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في عليّ عليه السلام بمثل ذلك ، وهو أول من أشهر القول بفرض إمامة علي عليه السلام ، وأظهر البراءة من أعدائه ، وكاشف مخالفيه ، فمن هناك قال من خالف الشيعة أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية) .

وذكر مثل هذا مؤرخ شيعي في (روضة الصفا) : (  أن عبد الله بن سبأ توجه إلى مصر حينما علم أن مخالفيه (عثمان بن عفان ) كثيرون هناك ، فتظاهر بالعلم والتقوى ، حتى افتتن الناس به ، وبعد رسوخه فيهم بدأ يروج مذهبه ومسلكه ، ومنه : إن لكل نبي وصياً وخليفة ، فوصيُّ رسول الله وخليفته ليس إلا عليا المتحلي بالعلم ، والفتوى ، والمتزين بالكرم  والشجاعة ، والمتصف بالأمانة ، والتقى ، وقال : إن الأمة ظلمت عليا ، وغصبت حقه ، حق الخلافة والولاية ، ويلزم الآن على الجميع مناصرته ومعاضدته ، وخلع طاعة عثمان وبيعته ، فتأثر كثير من المصريين بأقواله وآرائه،  وخرجوا على الخليفة عثمان ) . انظر ( روضة الصفا)  في اللغة الفارسية ص 292 ج 2 ط إيران.