لن يفسد على المغاربة تقديسهم لشعيرة النحر غلاء الأضاحي
لن يفسد على المغاربة تقديسهم لشعيرة النحر غلاء الأضاحي الذي استغله بعض المغرضين لنقل التذمر من هذا الغلاء إلى النيل من الشعيرة في حد ذاتها
لقد كان المغاربة منذ أن أنعم الله تعالى عليهم بنعمة الإسلام من أكثر الشعوب المسلمة تدينا، يقدسون دين الله تعالى كأشد ما يكون التقديس ، ويحرصون شديد الحرص على إظهار الإخلاص له في تدينهم ، ويبدون شدة فرحهم وسعادتهم بما أسعدهم به الله تعالى من نعمه التي منها شعيرة النحرالتي تطيب بها نفوسهم كما دعا لهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ونظرا لتوالي سنوات الجفاف في بلادنا ، وذلك ابتلاء من الله تعالى ، نعوذ به أن يكون نقمة بسبب تقصير منا ، زادت كلفة تربية الأنعام ، وانعكس ذلك على غلائها هذه السنة بشكل ملحوظ ، ولا شك أن من يعرفون " بالشناقة " والذين كانوا دائما موجودين ، وهم فئة ـ غفر الله لهم ـ يستغلون فرصة عيد الأضحى بدافع جشعهم كي يجنوا أرباحا ، ربما اعتبرت في نظر الشرع سحتا .
ومع اجتماع عامل الغلاء الذي كرسه توالي مواسم الجفاف ، والذي طال كل السلع دون استثناء بسبب زيادة كلفة الوقود كما يشاع إلى جانب غياب الرقابة الصارمة والفعالة من طرف من تقع عليهم مسؤوليتها، وقع شيء من العبث بأثمان الأضاحي هذه السنة ، واشتكى سواد الشعب من هذا الغلاء إلا أن بعض المتربصين السوء بدين الله تعالى ،أرادوا تحويل هذه الشكوى إلى تبرم من شعيرة النحر مستغلين أحيانا بعض المحاويج من العوام لابتزازهم إعلاميا عبر بعض مواقع التواصل الاجتماعي البخسة والمنحطة من أجل الحصول منهم على تصريحات يتم توظيفها بمكر وخبث مكشوفين لتنقل التبرم من غلاء الأضاحي إلى تبرم من الشعيرة في حد ذاتها . وفي غياب الرقابة الأخلاقية على وسائل التواصل الاجتماعي، عمد إلى تصوير أسواق المواشي بعض من أسميهم ممارسي الكدية الرقمية أو الاستجداء أو بالتعبير العامي " السعاية الإلكترونية " التي تدر عليهم مالا مدنسا لا شك أن للشرع فيه قول أيضا ، وهم يستجدون الناس ويلحون عليهم في طلب ولوج مواقعهم كي يطلعوا على ما يسوقونه من تفاهات وتراهات ليستفيدوا من ريع يكسبونهم من وراء ذلك ، وقد هولوا هذه السنة من أمر أثمان الأضاحي ، وأثاروا فتنة بسبب ذلك ، وهم يتظاهرون بالإشفاق على المحاويج من الفئات الهشة ، ومن خلال ذلك يكرسون تذمرها من شعيرة النحر التي جعلها الله تعالى نعمة ورحمة بعباده ، ولم يجعل لهم فيها عنتا ، ولا مشقة ، وقد جعل للمحاويج نصيبا معلوما في الأضاحي، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومنهم من استغل بعض ربات البيوت اللواتي عبرن عن استيائهن من أزواجهن، لأنهم لم يقتنوا لأسرهم الأضاحي ، وقد شهرن بهم أسوأ تشهير دون مراعاة من بينهن وبين أزواجهن من رباط يقتضي حفظ ما حفظ الله تعالى من أسرار بينهم ، والتي من قلة المروءة أن تشاع عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقد كثر فيها تسويق كل أشكال العفن .
ولقد كانت أغلب الأسر المغربية تجتمع حول أضحية واحدة في تكافل منصوص عليه شرعا ، و يفرح بها الأقارب ،يضحي بها الموسر منهم ، ويشاركه المعوز أضحيته دون أن يشعر هذا الأخير بغبن ، ودون أن يعبر المضحي عن ضجر أو أثرة ، بل يحرص على إظهار سروره وأريحيته لمن يشاركه الفرحة بالعيد ، ويصيب معه من أضحيته . وكان أيضا من مظاهر التكافل أن يساعد الموسر المعسر في الحصول على أضحيته . ومع مرور الزمن ، ورقة التدين ، فعلت الأنانية والأثرة في كثير من الناس فعلها ، و غاب الإيثار والتراحم ، وغابت بعض تلك الأجواء السارة التي كانت سائدة ، ومعبرة عن روح المحبة بين الأسر والجيران بمناسبة هذه الشعيرة الدينية التي تعد نعمة من نعم الله تعالى باعتبار ما رصد لها سبحانه وتعالى من عظيم الأجر والثواب ، وهي جائزة سنوية منه جل وعلا ، نحمده عليها كثير الحمد والثناء .
ولا شك أن أغلب المغاربة لا زالوا يكنون لهذه النعمة الإلهية ما تستحقه من تقديس ، ولن يؤثر فيهم شيء مما يروجه المغرضون الذين يحاولون استغلال فرصة غلاء الأضاحي لجعل الناس يتذمرون من شعيرة دينية قد فرحهم الله تعالى بها منة ونعمة منه .
ولا شك أن جل المغاربة سيفرحون بهذه الشعيرة يوم غد ، وفي المقابل سيخيب المغرضون الذين يستهدفون دين الله عز وجل من خلال استهداف تدين المغاربة .
وفي الأخير نحث المغاربة، وهم شعب كريم يعشق الكرم أن يشركوا المحاويج في فرحتهم بالعيد ، ويعودوا عليهم بشيء من أضاحيهم كما أمر بذلك الله تعالى ، وكما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لا يضيع أجر المحسنين.
وسوم: العدد 1083