ثورة دي أم إنقلاب؟

خليل الجبالي

مستشار بالتحكيم الدولي

[email protected]

إن الإنقلابات التي تتم في مستوي العالم إما أنها تكون لنزوات شخصية فاشية نازية ليصل قادتها إلي ما يريدونه من مناصب أو سلطات، أو تحقيق طموحاتهم الشخصية، أو طموحات دول أخري يدينون لها بالولاء.

 وإما أن تكون الإنقلابات لصالح الشعوب لتخرجها من ظلم رؤسائها، أو بطش ملوكها، أو جور دول قامت بإحتلالها.

الإنقلابات التي تمت في الأوطان العربية تزيد عن 29 إنقلاب عسكري بداية من الإنقلاب الذي تم من قبل رشيد عالي الكيلاني لإسقاط عبدالإله بن علي الهاشمي عام 1941 في العراق حتي الإنقلاب الذي قام به عبدالفتاح السيسي لإسقاط حكم الرئيس الشرعي محمد مرسي عام 2013 في مصر.

والانقلاب هو تغير نظام الحكم إما من خلال وسائل سلمية بما يسمي بالانقلاب الأبيض، ويكون على العادة من داخل مؤسسة الحكم نفسها سواء كانت سياسية أو مدنية التي تحكم الدول كالإنقلاب الأبيض الذي تم من قبل أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على والده خليفة بن حمد ال ثاني.
وإما بوسائل غير سلمية بإستخدام أسلحة بيضاء أو أجهزة عسكرية أو معدات حربية، أو وسائل أخري غير مشروعة من إعتقال للسلطة الحالية أو التخلص منها  بمحاكمتها، أو من خلال التقتيل والتشريد للأفراد أوتدمير للمنشات العامة والخاصة كما تم من قبل العسكر في مصر بإنقلاب عبدالفتاح السيسي علي حكم محمد مرسي وما إستتبعه من فض إعتصامات وقتل الأفراد بالقنص وحرق الجثث وتدمير للمنشات الخاصة بجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، وما تم من محاصرة قري بأكملها مثل قرية دلجا، وكرداسة وناهيا وغيرهم من قرى مصر.

والإنقلاب العسكري بمفهمومه السياسي هو إسقاط الحكومة، أو رأس الدولة بواسطة مجموعة من أفراد عسكريين،وإستبدال تلك السلطة بسلطة أخري  مدنية أو عسكرية أو خليط بينهما.

حتي أن الإنقلابات التي تتم بواسطة مجموعة عسكرية مدنية يطلق عليها إنقلابات عسكرية لوجود عنصر العسكر بها.

وهذا المعنى يؤكده كوزيو مالابارتي في كتابه ـ تقنيات الإنقلاب ـ حيث يقول (لا ينطبق مفهوم الانقلاب العسكري فقط على العسكريين والسياسيين بل يشمل حتى القوى المدنية التي تشارك أيضا من خلال زعزعة استقرار الحكومة لإجراءات تهدف إلى خلق حالة من الفوضى الاجتماعية تمكن وتبرر في وصول الإنقلابيين إلى السلطة).

إن سمات الإنقلاب العسكري يبينها د. طارق البشري في قوله (من سمات الانقلابات العسكرية، أن القوى العسكرية التى تقوم بها، بما تشمله من مجموعات ووحدات وأفراد عسكريين، إنما يتحركون بآلاتهم وأجهزتهم الحربية للسيطرة على الأوضاع المادية والإحاطة بها والتمكن منها، إنما يفعلون ذلك وهم لا يعرفون أية أهداف سياسية ستتحقق بسبب حركتهم، ولا يعرفون أنهم يقومون بانقلاب عسكرى يستهدف الإطاحة بالنظام السياسى القائم فى الدولة، ولا أنهم يستبدلون به نظاما آخر وسيطرة سياسية أخرى، لا يدرى هؤلاء المتحركون عنها شيئا. ولا يعرفون ما هى المجموعة السياسية التى سيتاح لها بصنيعهم أن تتولى السيطرة على الدولة).

أما الثورة فلها تعريفها التقليدي القديم الذي وضع مع إنطلاق الشرارة الأولى للثورة الفرنسية عام 1830 والمعروفة بإسم ثورة يوليو والتي أطاحت بالملك الفرنسي شارل العاشر، والثورة هي قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة.

وقد طور الماركسيون هذا المفهوم بتعريفهم للنخب والطلائع المثقفة بطبقة قيادات العمال التي أسماهم البروليتاريا.

وهناك تعريف أخر في الفهم المعاصر والأكثر حداثةً هو التغيير الذي يحدثه الشعب من خلال شخصيات تاريخية مثلاً لتحقيق طموحاته بتغيير نظام الحكم العاجز عن تلبية هذه الطموحات ولتنفيذ برنامج من المنجزات الثورية غير الاعتيادية.

إن المقاييس الدولية والمصطلحات السياسية والنتائج الأولية لما قام به السيسي ومعاونيه سواء كانوا من العسكريين أو المدنيين المعادين للمشروع الإسلامي علي المستوي الداخلي أو الخارجي إنما يؤكد أنه إنقلاب عسكري بكامل أركانه وصفاته وأداواته.

ومن هنا فإن مثل هذه الإنقلابات لا تدعمها إلا الدول التي لها مصالح إقتصادية، أوأغراض عقائدية وحدودية، وكذلك لا يدعمها إلا أصحاب الإتجاهات السياسية والحزبية المعارضة للسلطة الحاكمة الشرعية.

إن الحقوق الشرعية للسلطات الحاكمة التي أتت من خلال شعوبها لا يحميها إلا قوة الساعد والسلاح ، ولكن عندما تنقلب هذه القوي عليها لا يسعها إلا أن تسعي بكل الوسائل المتاحة والمشروعة لنيل حقوقها المسلوبة حتي تعود إليها شرعيتها وذلك بعد الإستعانة بالله عز وجل ، وهذا ما قاله موسي لقومه ( قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ واصْبِرُوا إنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ والْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) سورة الأعراف