ترجمة لكلمة الكاتبة الحقوقية الهندية أروندهاتي روي تدين فيها جرائم الإبادة الجماعية

ترجمة لكلمة الكاتبة الحقوقية الهندية أروندهاتي روي تدين فيها جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها  الصهاينة في قطاع غزة مع تعليق عليها

تداولت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو تضمن كلمة باللغة الانجليزية ألقتها في اجتماع الكاتبة الحقوقية الهندية أروندهاتي روي ، وفيما يلي ترجمتها العربية :

( ها نحن اليوم بعد كل هذه السنوات التي مرت ، وبعد أكثر من مرور عام على استمرار الإبادة الجماعية التي تشنها الولايات المتحدة وإسرائيل على سكان قطاع غزة ، وهي منقولة على شاشات التلفاز ، وقد امتدت الآن إلى لبنان ، والتي تعتبر دفاعا عن الاحتلال الذي هو دولة فصل عنصري مثل كل الدول التي مارست التطهير العرقي والإبادة الجماعية كما سجل ذلك التاريخ .

الصهاينة  المحتلون لأرض فلسطين، يعتقدون أنهم شعب مختار بدءوا بإذلال الفلسطينيين قبل طردهم من وطنهم ، وقتلهم . ورئيس وزراء الكيان الصهيوني يصفهم بأنهم وحوش ذات قوائم ، كما أن إسحاق رابين وصفهم بأنهم بجراد

 يجب سحقه ،  فضلا عن كون جولدا مايير نفت أن يكون وجودا لشيء اسمه فلسطينيون .

وبمجرد إبادة تلك الوحوش ذات القوائم ، أوالجراد ، وتطهيرهم عرقيا ، وعزلهم ، ولدت دولة جديدة  " إسرائيل "، وقد غض الطرف عن  كل الجرائم التي ارتكبتها ، ونشأت كطفل مدلل يحظى بالرعاية ، وقد نشأ في منزل ثراء ، يبتسم أبواه عندما ترتكب الفظائع تلو الفظائع ، فلا عجب اليوم أن يشعر بالحرية ، ويتباهى علانية بارتكاب الإبادة الجماعية . ولا عجب أن بظهر الجنود الصهاينة بلا ضمائر ولا إحساس وهم يغرقون وسائل التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديوهات مخزية تصور جرائم فظيعة، فمن يكون هؤلاء البشر ؟

ما الذي يمكن أن يبرر ما تفعله إسرائيل ؟ هذا هو الجزء الذي قصدت فيه الانزلاق إلى  المقارنة الأخلاقية، وإدانة حركة  حماس ،وإدانة شعب غزة الذي احتفل يهجومها. أنا لن أتدخل في كيفية أو طريقة مقاومة  المضطهدين ضد اضطهادهم أو من يجب أن يكون لهم حلفاء، فالهدف هو أن نسأل أنفسنا ما إذا كانت القوة المقاتلة العلمانية الليبرالية يمكنها الوقوف ضد آلة حرب الإبادة الجماعية ؟ وعندما تكون كل قوى العالم متحدة ضدهم  فإلى من سيلجئون ؟   

أنا أدرك أن حزب الله وإيران  لهما منتقدون ينتقدونهما ، وبعض المنتقدين قد زج بهم في السجون، وواجهوا أسوأ العواقب . وأدرك أيضا أن بعض أفعالهم تشكل جرائم حرب ، ولكن لا يجب أن تكون هناك مقارنة بين هذا وبين ما تفعله إسرائيل والولايات المتحدة في قطاع غزة ، والضفة الغربية ، والآن في لبنان .

وأنا أسألكم أي منا مما يحضر هذا اللقاء في هذه القاعة يمكنه أن يستسلم طوعا للإهانة التي يتعرض لها الفلسطينيون لعقود من الزمان  قد مرت؟ وأتساءل ما هي الوسيلة السلمية التي لم  يجربها الشعب الفلسطيني ؟ أو ما هي التسوية التي لم يقبلها  من غير تلك التي تفرض على مواطنيه الجثو على ركبهم وأكل التراب ؟

إن إسرائيل لا تخوض حربا للدفاع على النفس  كما يقال ، بل تخوض حربا لاحتلال المزيد من الأراضي ، وتعزيز أجهزتها ، وإحكام سيطرتها على الفلسطينيين و على كامل المنطقة . فعندما يرفع نتنياهو خريطة للشرق الأوسط  قد تم فيها محو فلسطين ، وفيها تمتد إسرائيل من البحر إلى النهر ، ومع ذلك تتم الإشادة به ، ويعتبر صاحب بعد نظر ، لأنه يعمل لتحقيق حلم إنشاء  وطن لليهود ، ولكن إذا ما  هتف  الفلسطينيون وأنصارهم  بأنه ستكون فلسطين حرة من النهر إلى البحر، فإنهم  حينئذ سيتهمون بأنهم يدعون صراحة إلى إبادة اليهود ، فهل هذا صحيح ؟ أم أن هذا محض خيال مريض يلقي بظلاله على الآخرين، و أنه لا يحتمل . ألا يمكن للتنوع أن يؤيد فكرة العيش في بلد جنبا إلى جنب مع أشخاص آخرين على قدم المساواة، و التمتع بكل الحقوق ؟ )

وفيما يلي التعليق على هذه الكلمة ، نبدأها بالتعريف بصاحبتها  التي هي مواطنة هندية من مواليد شيلونع سنة 1961 ، وهي كاتبة روائية ، اشتهرت برواية تحت عنوان : " إله الأشياء الصغيرة " ، وهي كاتبة مقالات ، وممثلة  سينمائية ، وكاتبة سيناريوهات  أفلام ، وهي ناشطة حقوقية من أجل العدالة الاجتماعية والاقتصادية ، كما أنها معروفة برفضها للعولمة ، وبدفاعها عن البيئة ، وبمناهضتها للميز العنصري ، وبدفاعها عن حقوق النساء . وقد نالت عدة جوائز منها جائزة " بوكر" التي نالتها عن روايتها ، كما نالت غيرها  من الجوائز مقابل سيناريو أعدته عن شبه سيرة ذاتية ، ونالت أيضا  جائزة   سيدني للسلام ، و لكنها رفضت تسلم الجائزة الوطنية  لأكاديمية الهند للأدب احتجاجا على سياسة دولتها .

أما التعليق على كلمتها فهو كالآتي :

ـ إنها شهادة تشهد على ضمير العالم الحر والحي الذي  أيقظه طوفان الأقصى ،والذي أسقط دعاية الصهاينة التي خادعوا بها الرأي العام العالمي لعقود ، وهم يصورون أنفسهم ضحايا ، ويسوقون لفكرة  معاداة السامية التي يرتزقون بها ،  ويلوحون بالتهديد  في وجه  كل من يندد  بجرائمهم في فلسطين ، وهم يدعون الدفاع عن النفس تمويها على احتلالهم أرض فلسطين بالقوة  ، و على تشريد وتهجير شعبها  قسرا ، وإبادته  الإبادة الجماعية.

ولا شك أن شهادة هذه الناشطة الحقوقية الهندية تدحض ، وتفضح ارتزاق الصهاينة بمقولة  معاداة السامية ، خصوصا وأنها ناشطة محايدة ،لا يمكن اتهامها بالعروبة أو بالإسلام ، فهي من أم مسيحية ، وأب هندوسي ، وهي معروفة بالدفاع عن القيم الإنسانية ، كما  أنها ضد الميز العنصري ، وضد قوى الاستكبار في العالم .

ـ  وهذه الشهادة من هذه الناشطة الحقوقية التي تحظى باحترام كل المحافل الحقوقية في العالم، تعتبر وثيقة في غاية الأهمية ، والتي يمكن اعتمادها لدى المحاكم الدولية التي أدانت جرائم الإبادة الجماعية  المرتكبة  من طرف الصهاينة في حق الشعب الفلسطيني الذي اغتصبت أرضه ، وله حق الدفاع عنها  ككل باقي شعوب العالم في كل الشرائع والقوانين السماوية والوضعية .

ـ وهذه الشهادة تدعم شهادات أخرى لفلاسفة، ومفكرين ، وسياسيين ، وبرلمانيين ، ونشطاء  حقوقيين في العالم خصوصا في بلاد الغرب التي تدعم إداراتها الكيان الصهيوني بلا حدود أو قيود أو شروط . ولا يمكن لكل هؤلاء أن يكونوا مظنة اتهام الكيان الصهيوني بأنهم يعادون السامية .

ـ وهذه الشهادة وثقت وأرخت للتاريخ  فضح الأطماع التوسعية للكيان الصهيوني في البلاد العربية ، والتي صرح بها رئيس وزرائه المدان بجرائم الإبادة الجماعية  والصادر في حقه قرار بالاعتقال ، وهو يلوح بخريطة جغرافية تعكس ما يسمى بوطن اليهود المنصوص عليه في التلمود، و هو الذي ركبت بسببه الصهاينة عقدة الاستعلاء العرقي على البشرية من خلال وهم شعب الله المختار. وهذه الأطماع التوسعية كافية للحكم على الطبيعة النازية للكيان الصهيوني ، وهو ما يتعين على العالم الحر التصدي له، كما تصدى للنازية الألمانية ، وغيرها من النازيات والفاشيات ذات النوازع العرقية البائدة ، والتي عفا عنها الزمن ، وأدانها التاريخ البشري  بشدة .  

ـ وهذه الشهادة كما شهدت على عنصرية ونازية الكيان الصهيوني ، فهي شاهدة على كل من يقف في صفه  لممارسة جرائمه الفظيعة التي لا زالت في تزايد مستمرا يوميا دون أن  يتحرك العالم لإيقافها ، وذلك أمام عجز مجلس الأمن الذي لم يعد له دور بسبب الفيتو الأمريكي الذي يقف عائقا دون وقف الإبادة الجماعية على غرار ما حدث في جهات أخرى من العالم ، وهو ما يفضح ازدواجية المكيال لدى دول الفيتو، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية . كما أن هذه الشهادة تشهد على الرأي العام العالمي بكل أطيافه ، وتضع الجميع أمام مسؤولية أخلاقية تقتضي إيقاف الإبادة الجماعية  في غزة والضفة الغربية من أرض فلسطين المحتلة .

وأخيرا، ومن هذا المنبر الإعلامي، نحيي  هذه الحقوقية الهندية السيدة أروندهاتي روي على موقفها الشجاع والذي يثمن غاليا  وعاليا في وقت أصاب الخرس التام  أنظمة، ومنظمات ، وأحزاب ، وجهات وأفراد .... هم  جميعا مطالبون برفع أصواتهم دعما وتأييدا للشعب الفلسطيني  ضحية الإبادة الجماعية في عصر من العار أن يحصل فيها مثلها،  وقد طوت البشرية خرافة  شعب الله  المختار الذي يمتهن كل الأعراق البشرية ، ويرفع من  شأن عرقه فوقها، بل يصف بعضها بالحيوانات والحشرات، كما هو الشأن مع الشعب الفلسطيني ،ومع  باقي الشعوب العربية والإسلامية اعتمادا على ما سماه الفيلسوف الفرنسي رجاء جارودي " الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية في كتابه الذي صودر بتهمة  معاداة صاحبه للسامية .

وسوم: العدد 1106