ألا يطرح حدث إعفاء جماعي غير مسبوق لمديرين إقليميين بوزارة التربية فكرة إحداث مراكز تكوين لجميع الفئات الممارسة لمهام إدارية
تداولت وسائل الإعلام ، ووسائل التواصل الاجتماعي نبأ إعفاء الوزارة الوصية على قطاع التربية بشكل غير مسبوق 16 مديرا إقليميا من مختلف جهات الوطن متصدية للطعن في قرارها الذي اعتبرته صحيحا ،وبناء على ما سمته تقييما تشاركيا مع مديري الأكاديميات ، وأنه مندرج ضمن الحركية المعتادة لسد المناصب الشاغرة أو الانتقالات، فضلا عن وجود بعض أسباب وراء إجراء الإعفاء والتي تعزى إلى مشاكل تدبيرية وبيداغوجية أوكل النظر والبث فيها إلى فرق تفتيش وإلى مديري الأكاديميات ، كما صرحت بأن الأمر يتعلق بمواصلة تنزيل ورش إصلاح منظومة التربية والتكوين .
ولقد تباينت ردود الأفعال بخصوص هذا الإعفاء الجماعي غير المسبوق، لأنه عادة ما يشمل عددا محدودا من المديرين قد يبادر بعضهم بطلب الإعفاء لأسباب خاصة به أو هكذا يشاع بين الرأي العام . ومن ردود الأفعال الطعن في هذا الإجراء وهو ما دعا الوزارة إلى الرد عليه عبر بلاغ تداولته وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي . ولعل أحد المديرين أو بعضهم حسب ما راج إعلاميا انتقدوا أو ربما استنكروا إجراء الوزارة في حقهم .
ومعلوم أن الإعفاءات كما جرت العادة تصاحبها أخبار متضاربة بخصوص أسبابها وقد تنال بشكل أو آخر من سمعة من تشملهم خصوصا وأن فعل " أعفى " في اللسان العربي له دلالتان هي على طرفي نقيض إما براءة أو اتهام إذ يقال أعفي فلان من التهمة أو من الدين إذا أسقطا عنه ، كما يقال أعفي فلان من منصبه أو مسؤوليته إذا تمت تنحيته و تسريحه ، واستغني عن خدماته .ولما كانت الوزارة قد أشارت في بلاغها إلى وجود مشاكل بيداغوجية ، وتدبيرية وراء الاعفاءات، فإن الأمر يتعلق بتسريح وتنحية تجعل من شملتهم حديث الألسنة ، وفي ذلك ما فيه من إساءة إلى سمعتهم الوظيفية والشخصية إلا إذا ثبت في حقهم ما يجعلهم موضع اتهام وإدانة ومحاسبة أو مقاضاة .
ويبدو أنه قد آن الأوان لطرح فكرة إنشاء مراكز تكوين خاصة بمختلف الأطر الإدارية على غرار المراكز الموجودة التي تكوّن الأطر التربوية تدريسا ،وتفتيشا وتخطيطا ،وتوجيها، وتدبيرا ماليا وماديا. ومعلوم أن غالبية الأطر الإدارية تكون من الأطر التربوية التي تكلف بمهام تمارسها مباشرة لأول وهلة ، وقد يخضع بعضها لمصاحبة ميدانية من طرف لجان مكونة من مفتشين وإداريين وتنتهي بالإقرار في المناصب . ويستثنى من هذا المسار المديرون الإقليميون ومديرو الأكاديميات الذين تسند لهم المهام لاعتبارات تستأثر بوضعها الوزارة الوصية ، وتكون أحيانا مفاجئة بالنسبة لمن لهم صلة بقطاع التربية وحتى بالنسبة للرأي العام ، وتدور بخصوصها أحاديث أو إشاعات تشير إلى وجود تدخلات حزبية أو نقابية ومحسوبية أو محاباة ... ما صحّ منها وما لم يصح ، والدخان دليل على النار كما يقول المثل .
ولهذا يمكن تجاوز مشكل الإداريين التابعين لوزارة التربية على اختلاف أصنافهم ومهامهم بإنشاء مراكز تكوين يولج إليها عبر مباريات كتابية وشفهية ، ويخضع الملتحقون بها إلى تكوين نظري وآخرعملي وميداني تشرف عليهما أطر مختصة ، وينتهي التكوين بامتحانات تخرج .
أما الطريقة الحالية التي تعتمدها الوزارة في تعيين وإعفاء الأطر الإدارية خصوصا بالنسبة للمديرين الإقليميين، ومديري الأكاديميات ، فإنها تؤكد على ضرورة إنشاء مراكز تكوين خاصة بهم على غرار ما يوجد لدى وزارات أخرى وإلا فإن الأمر سيظل محصورا في عمليتي التكليف والإعفاء .
ولا بد من كلمة أخيرة بخصوص إجراء إعفاء الأطر الإدارية التابعة لوزارة التربية على اختلاف رتبها من أدناها إلى أعلاها بما في ذلك المديريبن الإقليميين ومديري الأكاديميات إذ يجب أن تتحمل الجهات التي تُسند إليهم المهام مسؤولية فشلهم في حال ثبوته مع ضرورة مراعاة اعتماد الانصاف والاتزان في تقييم أدائهم بحيث يُحسب لهم النجاح ، كما يحسب عليهم الفشل ، ولا يكون حالهم كما قال الشاعر زفر بن الحارث :
أيذهب يوم واحد إن أسأته بصالح أعمالي وحسن بلائيا
ويجدر بالوزارة قبل الإقدام على إعفاء من تعفيهم من المديرين الإقليميين ومديري الأكاديميات أن تراعي ظروف عملهم فرب فشل لا يتحملون وحدهم مسؤوليته، بل يتحملها معهم الفريق المصاحب لهم الذي قد لا ينضبط لتعليماتهم وتوجيهاتهم في حالي صرامتهم التي تعد شدة أو ليونتهم التي تعد ضعفا . ومعلوم أن السفينة لا يتحمل مسؤولية غرقها قبطانها وحده، بل يتحملها معه كل بحارته .
وسوم: العدد 1119