الشيطان يعظ !
محمود القاعود
عرّاب الانقلاب الدموي محمد حسنين هيكل يخرج من جديد ليُبرر جرائم الانقلاب
هيكل المقيم بإمارة دبي يُؤيد مذابح رابعة العدوية والنهضة ويحاول الترويج للسيسي كرئيس للجمهورية
هيكل يقوم بدور الكاهن الأعظم "إلخماهو" فى تزيين المنكر للفرعون
كل المؤشرات تدل أن هيكل هو منسق حملة " كمّل جميلك يا سيسي "
محمد حسنين هيكل الصحفي المصري الذى يحمل فوق كتفيه تسعين عاما مُعبأة بالمكر والخداع والكذب والتزييف ، يأبى أن يترك العالم العربي يحيا فى هدوء وسلام .. لم يكتف الرجل بما قام به - وتسبب فى تدمير العديد من الدول العربية، وخاصة هزيمة 1967م الساحقة التى أهلكت الحرث والنسل وضيعت سيناء والضفة والجولان- لم يكتف بذلك .. وإنما أخذ على عاتقه تدمير حياة أجيال كاملة ، والعبث بمقدرات الأمة من خلال كمية كبيرة من الأكاذيب يضخها فى وسائل الإعلام، ومن خلال نظريات شريرة يطرحها يساند فيها كل ديكتاتور وأى طاغية.
هيكل ليس مجرد صحفيا يكتب رأيه، أو مؤرخا يحكي ما عاصره .. إنه أحد صناع أبشع هزيمة فى القرن العشرين ( هزيمة 1967) وأحد صناع الانقلاب الدموي العسكري فى مصر 2013م ، وأحد مروّجي الفكر الناصري المخاصم للإسلام وحضارته وثقافته.
ويبدو أن الشيخوخة التى أصابت عقله، قد أصابت روحه ، فجعلته سعيدا بانقلاب يدمر مصر وينخر فيها كما ينخر السوس فى الخشب ، ليدافع عن جرائم الانقلاب الدموي ويُلمع سيده اللواء السيسي !
كان هيكل يظهر فى حلقات أسبوعية بعنوان " مصر أين ؟و إلى أين؟" قبل الانقلاب العسكري بعدة أشهر ، وذلك من خلال فضائية الـ سي بى سي المملوكة لامبراطور الإعلام محمد الأمين ، سخر هيكل حلقاته الأسبوعية للتشنيع على حكم الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، والتمهيد لتغيير كبير يحدث فى مصر.
بدا الرجل ناقماً على الرئيس مرسي- ربما هى دوافع الحقد التاريخية- كما بدا كاذبا لأقصي درجات الكذب ، لا يتحدث بمعلومات صحيحة، ولا ينقل بأمانة عمن يستشهد بهم .. وحدهم عبدة هيكل وسدنة الذين يحملون المباخر، هم من يعتبرون ثرثرته " تنزيل" .. لكنهم تناسوا أن الشياطين هى من تنزلت على أستاذهم وصنمهم.
كان من اللافت للنظر أن هيكل انتقد بشدة مؤتمر الرئيس محمد مرسي الذى عقده فى 15 /6/ 2013م لنصرة الشعب السوري الذى يتعرض للإبادة منذ نحو ثلاث سنوات على يد الطاغية بشار الأسد ، ووصف هيكل المؤتمر بأنه يشعرك أنك تعيش فى القرن الثامن عشر ! في إشارة إلى افتتاح المؤتمر بقراءة القرآن الكريم وحضور علماء ودعاة ..
وفى حلقة قبل الانقلاب بأيام وتحديدا يوم 27 /6 انتقد هيكل استشهاد الرئيس مرسي بآيات القرآن الكريم فى خطبه ، وقال هيكل: " لا أحب الاستشهاد بآيات قرآنية فى حطب سياسية وأوروبا وصلت إلى الصندوق بعد أن فصلت الكنيسة عن الدولة " ! هكذا بوضوح شديد أعلن هيكل أن مشكلته مع الإسلام وليس مع محمد مرسي أو الإخوان ..
المتتبع لحلقات هيكل منذ بداية هذا العام على فضائية سي بى سي ، يُدرك جيداً أن خلف جميع الخطط التى سبقت الانقلاب الدموي وأن العقل المدبر للانقلابيين .
فى حلقة 14 مارس 2013 خرج هيكل ليهيئ الرأى العام للانقلاب ، فقال: " الجيش المصري يضع لديه كل الاحتمالات، ومش عايز الجيش يقفز، ولا ينبغي أن يتخذ الجيش خطوة تبدو كانقلاب عسكري" وكانت هذه أول دعوة صريحة من هيكل بالانقلاب العسكري ، وتوضح حقيقة التخطيط المشترك لهذا الانقلاب .. فهيكل يُريد عدد جماهيري يخرج مع الجيش حتى لا يبدو الأمر انقلابا عسكريا!
وفى حلقة 4 إبريل 2013 يدافع هيكل عن الإعلام الذى بلغ مرحلة الفجور، ويؤيد ما يفعله باسم يوسف من إسفاف فقال: " وبالتالى فإذا لم تحسن الجماعة التعامل مع الإعلام فسوف تجد نفسها فى صدام كبير مع المجتمع ككل. وأعتقد أن هذا جزء من الأزمة. فهم لم يتعودوا نهائياً على النقد الساخر وهذا ما يخص قضية باسم يوسف والسخرية من أدوات الحرب، وهى بمثابة حرب أعصاب مؤلمة" !
يعترف هيكل بأن ما يفعله الإعلام حرب وأن باسم يوسف هو أحد الأدوات التى تم استخدامها لتشجيع الناس لقبول الانقلاب ، وهو ما يوضح لماذا اختفي باسم يوسف منذ الانقلاب فى 3 يوليو .
فى حلقة 11 إبريل 2013 يصف هيكل الإخوان بأنهم " أهل الكف" الذين لا يعرفون التعامل مع الواقع ، قال: " وأقول إننا أهل الكهف، أقصد من يحكمنا، فهم ناس خرجوا ولم يتعلموا شيئاً، ولم يعلموا أن الزمن اختلف، ولغة الخطاب نفسه تغيرت، والقرآن يخبرنا بأن أهل الكهف مكثوا فى كهفهم 309 سنين، ومن معنا اليوم مكثوا فى كهفهم بين السبعين والثمانين عاماً، وخرجوا للعالم وأخذوا السلطة فى ظروف معينة، وقد اختلفت العملة واللغات واختلفت أيضاً المقاييس ولم يعرفوا أن العالم تغير وهم بعيدون عنه، ويصرون على أن يتعاملوا بنفس المنطق والطريقة، ولا يستطيعون تصور هذه التغيرات، والمسألة أن هناك ثقافة معادية لهم لأن الشعب المصرى لن يتخلى عن تاريخه وثقافته" !
يُصوّر هيكل أن الشعب له ثقافة مغايرة لثقافة الإسلام وتاريخه ، وهذه إحدي الأكاذيب التى يُلح عليها دائماً ليصور أن ثمة صراع بين الشعب والإسلام.
هيكل وتمرد
علاقة هيكل بالحركة المخابراتية "تمرد" ليست خافية ، وقد التقى بهم فى مزرعته يوم 26 يونيو قبل الانقلاب بأسبوع ، وقد ذكرت الصحف أن هيكل قال لأعضاء الحركة : أن معركة تمرد والقوى السياسية ليست إسقاط الإخوان ولكنها معركة إنقاذ مصر، مشيرًا إلى أنه من الضروري أن يتولى الشباب هذه المرحلة وعدم السماح لأي من الكبار بالظهور على قمة الموجة الثالثة من الثورة التي فجرها الشباب !
وفى يوم 27 / 6 خرج هيكل ليقول فى برنامجه : رهانى على الشباب، وألتقى تمرد، لأن المستقبل مرهون بهم، وهدف 30 يونيو هو تحرير طاقة البلد، الذى لا يصح أن يكون رهيناً للماضى ولا لتصفية الحسابات .. طلبت من تمرد مزيداً من الحرص على سلمية المظاهرات، وأن يهتفوا لتقدم مصر .وأضاف هيكل فى ذات الحلقة : أطالب بتحقيق كامل فى مسألة هروب الرئيس من السجن، وفى تعاونه مع جهات أجنبية !
وبدا من كلام هيكل وقتها أنهم حسموا كل شئ ورتبوا للانقلاب جيدا وأن خريطة الدماء والدمار وضعت بمعرفة كهنة الناصرية وكبيرهم .
هيكل بعد الانقلاب
فى اليوم التالى للانقلاب الدموي ، ظهر هيكل مع لميس الحديدي لينظر ويقول أن 30 يونيو ليست انقلابا! وقال هيكل فى فقرة كوميدية هزلية: ما حدث ليس انقلابًا عسكريًا، لأن الانقلاب هو الاستيلاء على السلطة، والجيش يحمي العملية الديمقراطية دون التدخل فيها !
هيكل الذى كذب على العديد من الأشخاص ، يدعي أن ما حدث ليس انقلابا لأنه تم تعين " شخص" فى منصب رئيس يأتمر بأمر السيسي ، والسيسي يحمي الديمقراطية !
يوم الأحد 7 يوليو وقبل مجزرة الحرس الجمهوري بيوم التقي هيكل بعدلي منصور الرئيس الذى عينه السيسي ، وقال هيكل فى اللقاء :" إننى أتصور أن المهمة الأساسية الآن هى أن يواجه البلد مستقبله بكل الوسائل المتاحة، موحداً، على الأقل بالفكرة. والفكرة التى أقصدها هى إنقاذ الوطن، فالبلاد لا تتحمل أى حماقات، ولابد أن يدرك الجميع أنهم أمام مهمة إنقاذ. " !
ومنذ دعوة المواجهة بالوسائل المتاحة ، سافر هيكل إلى دبي واختفي تماما عن المشهد الذى ارتكبت فيه المحارق والمجازر والاعتداء على المساجد وحرقها وخنق المعتقلين بالغازات السامة فى سيارات الترحيلات وخطف واعتقال الأطفال والفتيات والنساء والشيوخ ، ليرجع الكاهن الأعظم يوم الخميس 12 /9/2013 ليبرر جميع الجرائم ويدافع عن جريمة فض اعتصام ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة بزعم أن مصر كانت ستُقسم لو استمر الاعتصام.
قام هيكل بدور "إلخماهو" الكاهن الأعظم الذى كان يوسوس فى أذن الفرعون ويُزين له الجرائم التى يرتبكها .. عاد هيكل من جديد لينفث سمومه فى عقول المصريين وسط ترحيب من سدنته ، وفى حالة من حالات النرجسية أخذ الكاهن الأعظم يتحدث عن حريق مكتبته لمدة نصف ساعة ويتهم الإخوان أنهم هم الذين حرقوها، فى الوقت الذى ألقت فيه الشرطة القبض على بلطجى اعترف ارتكابه الجريمة.
عاد هيكل من جديد .. لم يكن الهدف الكبير هو ما يسود الساحة الآن فى ظل جرائم الانقلاب ، وإنما السبب الرئيسي الترويج لتلميذه قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي ليكون رئيسا للجمهورية .. ولم لا ؟.. وقد أقنعه هيكل أنه توأم عبدالناصر ! ولم لا .. وقد ظهرت حركة تُدعى " كمّل جميلك يا سيسي" تدعو لتنصيب السيسي رئيسا للجمهورية وتدل كل المؤشرات على أنها من بنات أفكار فيلسوف النكسة الذى يأخذ مصر إلى المجهول .