وحكمت المحكمة ببراءة مبارك

نافز علوان

لوس أنجليس

وقف المتهم حسني مبارك وبداء القاضي بسؤاله ..

إسمك؟

محمد حسني مبارك.

وظيفتك؟

رئيس جمهورية سابق.

هل لديك محامي للدفاع عنك؟

وقف محامي الدفاع وقال حاضر عن المتهم.

تابع القاضي قراءة مذكرة الإعداء ..

أنت متهم بتشويه سمعة المرحوم ياسر عرفات وإتهامه بالخيانة لشعبه الفلسطيني وللأمة العربية والإسلامية وذلك عن طريق الإدعاء بأن ياسر عرفات قام بتسريب معلومات إلى إسرائيل تخبرهم بموعد الهجوم المصري على إسرائيل.

ما هو دفاعك فيما هو موجه إليك مذنب أم غير مذنب ؟

أشار حسني مبارك بإصبعه نحو محام الدفاع فوقف محامي الدفاع موجهاً خطابه إلى القاضي قائلاً إن موكلي بريئ من كل التهم الموجهة إليه. وجلس.

وقف محاموا الإدعاء وكانوا عبارة عن خليط من النيابة الفلسطينية والمصرية وعدد من وكلاء النيابة العرب.  قاموا بإنتداب واحد منهم وبداء بقراءة لائحة الإتهام قائلاً ..

إن الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك قال لعدد من الإعلاميين وعلى مرأى ومسمع عدد من شهود الإثبات أن المرحوم ياسر عرفات قام بتسريب معلومات إلى ايسرائيل مفادها إطلاع العدو لإسرائيلي آن ذاك بموعد الهجوم الذي تعده مصر على إسرائيل لإستعادة صحراء سيناء والسيادة المصرية على أراضيها المحتلة من قبل إسرائيل، وقال الرئيس المخلوع بأن الرئيس الراحل محمد أنور السادات كان قد أخبر السيد المرحوم ياسر عرفات بتاريخ وساعة الهجوم وأن السيد المرحوم ياسر عرفات نقل تلك المعلومات إلى إسرائيل عن طريق مكتب المراقب الفلسطيني لدي الأمم المتحدة في مدينة نيويورك وكما يعلم عدالتكم ويعلم العالم والجميع مدى بطلان هذا الإدعاء ومدى زيفه وما فيه من نوايا سيئة لتشويه سمعة رجل حمل عبئ القضية الفلسطينية على كتفيه وسار بها عبر الأشواك وحقول الإلغام التي كانت تحيط به للإطاحة به وبقضيته وقضية شعبه العادلة.  إن هيئة الإدعاء ستقدم الأدلة والبراهين على الأسباب التي دفعت الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك بأن يطلق تلك الإدعاءات الباطلة وتلك التهم الكاذبة على المرحوم ياسر عرفات ونبداء بالقول بأن محمد حسني مبارك ورغم كونه في تلك الحقبة التاريخية قائداً للقوات الجوية إلا أنه لم يكن سوى أحد العسكريين الذين لا يرقون ولا مكان لهم في مجالس ومصاف الزعماء العرب آن ذاك فمن أين أتى ذلك الرئيس المخلوع وهو محدود الإطلاع والقيمة إلا فيما يختص بالسلاح الذي كان موكلاً إليه؟ وكذلك نحب أن نشير إلى أن الحقد الذي كان يكنه الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك للمرحوم ياسر عرفات كان واضحاً وجلياً منذ أن كان محمد حسني مبارك نائباً للرئيس وكيف كان إنعدام قيمته ومركزه في ذلك الزمن ما يجعل من ياسر عرفات قائداً وشخصية عربية لا تنزل عند لقاء نواب الرؤساء وما شابه ذلك وكم من المواقف التي لا تزال مختزنه في ذاكرة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك عن رفض المرحوم ياسر عرفات الإجتماع به نيابة عن الرئيس السادات وكيف كان إصرار عرفات عدم السماح بمجرد دخول حسني مبارك إلى المكان الذي يتواجد فيه ياسر عرفات مما كان يسبب الإحراج والقهر لحسني مبارك من تعالي وترفع رمز الثورة الفلسطينية وهو كان وبالمناسبة ولإحقاق الحق لم يكن يفعل ذلك من باب الكبرياء ولكن كان يفعل ذلك كما كان يردد ويقول لأعوانه ومرافقيه إنني ٱجتمع فقط بأصحاب القرار فإن كان صاحب القرار غير متوجداً أنتظره وإن كان يرفظ لقائي ذهبت إلى من يرحبون بلقائي فأنا لست ممن يفرضون أنفسهم على أحد.  كان ولا يزال حقد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك على عرفات واضحاً وجلياً حتى في زمن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الأولى وكيف تم تهميش محمد حسني مبارك وتنحيته عن تلك المفاوضات والتأثير عليها وليس ذلك وحسب بل كان كل ما يدور في تلك المحادثات والمفاوضات ممنوعاً على مصر وعلى حسني مبارك التدخل فيها حتي جهاز المخابرات المصري لم يكثف نشاطاتها حول تلك المفاوضات والإجتماعات وكما هو معروف لدى الجميع أن محمد حسني مبارك لم يكن محبوباً لدى رجالات المخابرات المصرية وهو بالمناسبة الجهاز الذي سهل عميلة الإنقلاب عليه وبالتنسيق مع المخابرات العسكرية المصرية والتي كانت وحتى ساعة الإنقلاب عليه تكن له شديد العداء وذلك إنتقاماً من زجه في وسائل الإعلام في عهد رئاسته بأنه هو صاحب الضربة الجوية الأولى وما إلى ذلك من خرافات وبطولات حربية نسبها إلى نفسه في تلك المعركة التاريخية بين مصر وإسرائيل وقام بحرمان راعي الضربة الأولى الحقيقي في القوات الجوية المصرية وهو الفريق أول طيار محمود شاكر عبد المنعم وكان في إحدى اللقاءات يشتاط غضباً عندما كان محمد حسني مبارك رئيساً وكان في زيارته المرحوم ياسر عرفات وكان حاضراً في ذلك اللقاء الفريق أول طيار محمود شاكر عبد المنعم والذي كان يقول له عرفات في كل مرة يلتقي بها الفريق أول محمود شاكر أهلاً بصاحب الضربة الأولى الحقيقي وكم كان حسني مبارك يتميز غيظاً وغضباً في كل مرة كان يستمع فيها إلى تلك العبارة.

حضرة القاضي، إن الحقد الذي يكنه الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك للمرحوم ياسر عرفات لا يخفى سره على أحد ولا يستغربه أي من زعماء العرب بل كان غالبيتهم العظمى يحقدون على عرفات بنفس القدر والكمية التي كان يحقدها عليه محمد حسني مبارك والسبب معروف، فابالإظافة إلى شهرة عرفات العالمية فهو شخصية محبوبة، محبوب من أصدقائه وحتى من أعدائه ولذلك كانت تتجنب إسرائيل إغتياله رغم أن الفرص كانت سانحة لهم في مرات عديدة إلا أن الدهاء الإسرائيلي أدرك أن عرفات بالنسبة للعالم وللعرب هو بمثابة غاندي في صورة وحلة جديدتين ستفقد إسرائيل كل ما لها من وزن في هذا العالم لو أقدمت على إغتياله.  وعلى ضوء ما تقدم فإن هيئة الإتهام تطالب بتطبيق أقصى العقوبة على الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك وذلك لكي يكون عبرة لكل من تسول له نفسه المساس بالرمز العالمي الفلسطيني المرحوم ياسر عرفات.

القاضي، الدفاع يتفضل.

سيدي القاضي السادة هيئة الإتهام الموقرة، لقد دفع الإتهام وألقى تهمة على الرئيس السابق لجمهورية مصر العربية دون أن يتبين حقيقة ما قاله هذا الرئيس السابق لأكبر الدول العربية وأكثرها أهمية وثقلاً من الناحية السياسية و من الناحية التاريخية في المنطقة العربية وفي العالم. نحن في دفاعنا عن الرئيس السابق محمد حسني مبارك لن ننفي هذه التهمة عنه وبل سنقر بأن السيد محمد حسني مبارك كان قد قال تلك العبارة بل ويصر على أنه قد قالها وذلك لأن فيما قال الحقيقة كاملة غير مقتطعة ولا منقوصة. إلا أن من قام بنقل ما قاله السيد حسني مبارك قام بنقله لغرض التحريض وإثارة الأحقاد وتجييش الرأي العام وإلهاب لأحاسيس ومشاعر كل مريدي ومحبي الرمز العربي وأسطورة لكفاح المسلح المرحوم ياسر عرفات.  لقد كانت حقبة التاريخ العربي والفلسطيني والتي عاشها وعاصرها ياسر عرفات مليئة بأحداث إنعكست في بعض جوانبها على السيد عرفات سلباً في بعض جوانبها وإنعكست إيجاباً في جوانبها الأخرى، لا يوجد هناك من ينكر على السيد ياسر عرفات تاريخه وما قام به من أجل القضية الفلسطينية ومن أجل الشعب الفلسطيني، ولكن، هل كان ناجحاً رحمه الله في كل مسعاه في تلك القضية؟ هذا ما سنقوم بتفنيده في دفاعنا ولعل الصورة تتضح لكل من كان غامضاً بالنسبة له ما كان يدور في فلك الثورة الفلسطينية منذ إنطلاقتها الأولى وحتى يومنا هذا.  لقد كان ولا يزال الشعب بالفلسطيني في كفاح مستمر من أجل تحرير أرضه واقامة دولته عليها والعيش بكرامة حاله حال بقية دول العالم، إلا أن الأقدار والأحداث شاءت عكس ذلك وساقت الوطن الفلسطيني بإيعاز من قوى كانت ولا تزال تتحكم بمصير هذا العالم، ساقت هذا الوطن الفلسطيني إلى أن يصبح وطناً لغير الفلسطينيين وأن يكتب على الفلسطينيين حرباً طاحنة لإثبات هويتهم وأحقيتهم في تلك الأرض أمام قوىً عظمى أنكرت عليهم حق هذه الهوية وحق ملكيتهم لتلك الأرض.  قامت الثورة الفلسطينية وحاربت كل تلك القوى العالمية بجبروتها وبقدراتها المتناهية والثورة الفلسطينية مسلحة بإيمانها بوجود هويتها الفلسطينية وعدم السماح بأن تزول كما تطمح قوي القهر العالمية وبأحقيتها في تلك الأرض التي قامت نفس تلك القوى العالمية بمنحها لشعب إسرائيل بقرار وورقة صدرا عن هيئة دولية هي من المفروض أنها قامت من أجل إحقاق الحق ورفع الظلم والقهر عن شعوب العالم فكان أول قرارتها هو إيقاع الظلم بالشعب الفلسطيني وقهره عن طريق سلب أراضيه وإعطائها لغيره وطناً. قرر الشعب الفلسطيني أن يثور على هذا الواقع الظالم فكان كفاحه الأول بالمعول والمنجل والسكين وقدم في كفاحه ولا يزال الألاف من أبناء شعبه رجالاً وأطفالاً ونسأً لم يكن الموت الذي سلطته قوي القهر عليهم ليرحم طفلاً صغيراً ولا إمرأةً حبلى ولا شيخاً جليلاً كان الموت الذي حكمت به قوي الطغي والظلام عادلاً يشملهم جميعاً ولا يستثني منهم أحداً. ومن المعول والمنجل والسكين إنتقل الفاح الفلسطيني الي بارودة صدئةً ومسدس لا يقتل ربماً فئراً وهكذا حتى تمكن الشعب الفلسطيني من جمع ولم الصف العربي من حوله. حاولت بعض دول العرب مخلصة إستعادة الوطن السليب للفلسطينيين وسعت دول عربية خائنة إلي حرمانهم من ذلك الوطن الفلسطيني وإلى الأبد وبين فشل المخلصين ونجاح الخونة خرجت منظمة التحرير الفلسطينية من رحم ذلك الصراع بارك خروجها ونشأتها من كان لهم مصلحة في قيام تلك المنظمة وجد في القضاء عليها كل من كان لهم مصلحة في بقاء الشعب الفلسطيني مشرداً بلا وطن.  كان المرحوم ياسر عرفات أحد علامات منظمة التحرير البارزة ونجح في جلب وتركيز الأضواء حول القضية الفلسطينية ومن مهندس فلسطيني في دولة الكويت إلى مهندس ومخطط للكفاح المسلح الفلسطيني نجح في هندسة وإنشاء العديد من صروح ذلك الكفاح المسلح منها من كانت أساساته قوية وثابتة حتي يومنا هذا ومنها من إنهار وكان لإنهيارها زلزلةً ودوياً لا تزال أصداء تلك الزلزلة وذلك الدوي تتردد في أرجاء القضية الفلسطينية. إنهيارات في الأردن وفي لبنان وتونس وليبيا، وسبحان الذي يصيب على الدوام ولا يخطئ فكما كان ياسر عرفات محقاً في حمله لغصن الزيتون بيد وبندقية المناضل في اليد الأخرى إلا أنه أخطاءعندما تاه بالشعب الفلسطيني في صحاري ودهاليز الدول العربية أكثر من أربعين عاماً لكي ينزل ويركع عند رغبات الغرب في نهاية المطاف وهو الذي كان بإمكانه ما دام الأمر كذلك أن يوفر على الشعب الفلسطيني الألاف من خيرة شباب الشعب الفلسطيني وأبنائه الذين قضوا في كفاح مسلح عقيم لم يسترد من الأراضي الفلسطينية المحتلة ولا حتي شبراً واحداً بل على العكس لقد كان في عرض محمد أنور السادات إبان صلحه مع إسرائيل أضعاف أضعاف ما حصل عليه الفلسطينيون اليوم، وعودة إلى تلك الحقبة والتى كانت السبب في إنعقاد جلسة قضيتنا هذه نقول أن ياسر عرفات كان جزءً من مخطط المخابرات العسكرية المصرية وأن من أجل أن ينجح أشرف مروان العميل المزدوج بين مصر وإسرائيل في أكبر عملية تمويه قام بها جهاز مخابراتوالدلائل تشير إلى أن إسرائيل إعترضت شيفرة لاسلكية خاصة بمنظمة التحرير يخاطب بها مكتبها في نيقوسيا مكتبها في مدينة لارنكا مفادها أن هناك يوم سبت عصيب قادم علي شعب إسرائيل.

كان ذلك لتعزيز أكبر عملية تمويه قام بها وساعد علي نجاحها كل من ياسر عرفات وأشرف مروان وذلك ضمن خطة مدروسة لمواجهة كارثة أن المخابرات المصرية تأكد لديها وصول معلومات إلي إسرائيل مفادها أن مصر ستقوم بشن هجوم مباغت في السادس من أكتوبر وكانت المقامرة من الجانب المصري هي في أن إسرائيل لديها نظام في التعامل مع المعلومات لا تحيد عنه وهو إذا جاءها خبر عن طريق أحد الثقاة في جهاز جاسوسيتها في العالم فإن الخبر يكون صحيحاً إذا لم يكن هناك ما يسمي في عالم المخابرات بأخبار ذات صدىً يحاكي صدى ذلك الخبر ولكن إذا كان هناك أخبار مماثلة ومشابهة لتلك المعلومة فإن في الغالب أن الخبر تمويهي لبلبلة أجهزة المخابرات الإسرائيلية وفي إعتراف خطير لرئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي إيلي زاعيرا خلال حرب أكتوبر قال إن الشيفرة اللاسلكية التي إلتقطتها إسرائيل كانت صادرة من مكتب منظمة التحرير في نقوسيا وموجهة إلي شخص مقيم في مدينة لارنكا والمدينتين تبعدان عن بعضهما البعض اقل من الثمانين كيلو متراً ولو تفكروا قليلاً كما إعترف في إستجواب له أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية له لإتهامه بالتقصير والسبب في الهزيمة في حرب أكتوبر، أنهم لو تفكروا في الأمر لإكتشفوا أن منظمة التحرير لا تستخدم الشيفرة اللاسلكية لنقل معلومات بين مسافات قصيرة ولكان أدرك أن إستخدام تلك الشيفرة كان لزيادة التشكيك في معلومات أشرف مروان بموعد الهجوم الذي قام بتسريبه إلى إسرائيل والذي كان قد أتاهم عن طريق أحد الملوك العرب كما تدعي إسرائيل ودارت الإشاعات أن هذا الملك هو الملك حسين، نجحت الخطة المصرية وتفادت عملية تسريب موعد الهجوم والذي كان حقيقياً والذي لو لم يساهم عرفات في عملية تضليل إسرائيل لقامت بمهاجمة مصر قبل أن تقوم مصر بتنفيذ هجومها المباغت على إسرائيل.  يتضح لكم هنا أن الخبر صحيح وما قاله السيد محمد حسني مبارك هو صحيح مائة بالماءة ورغم كل ما قاله الإتهام من كره شخصي يكنه السيد محمد حسني مبارك للمرحوم ياسر عرفات إلا أن هذا لا يعني أن ما قاله عن نقل عرفات تاريخ وموعد الضربة المصرية إلى إسرائيل غير صحيح بل هو الحق بأدق تفاصيله وكان لعرفات الفضل في إنجاح أكبر عملية تمويه قامت بها أي دولة في العالم وذلك عن طريق تسريب خبر صحيح وإقناع العدو بعدم صحته. إن المصريون يكنون لعرفات الكثير من الإحترام بل ويقدرون له هذا العمل وجميع أجهزة الجيش المصري تعلم بصحة تلك المعلومة التي تقول أن عرفات قام بتسريب تلك المعلومة عن عمد إلي إسرائيل وبالتنسيق مع المخابرات المصرية.

بناء على ما تقدم نطالب ببراءة السيد محمد حسني مبارك ورد ورفض الإتهام الموجه إليه جملة وتفصيلاً.