ميليشيا "جيش الدفاع الوطني"..

ميليشيا "جيش الدفاع الوطني"..

شبيحة ومرتزقة ينفذون أجندة الأسد بغطاء شرعي

غيث الأحمد

مسار برس (خاص)

بعد توالي الانشقاقات داخل المؤسسة العسكرية في نظام الأسد منذ بداية الثورة الشعبية في سورية، جند النظام مجموعة من اللصوص وأصحاب السوابق الذين أفرج عنهم إبان تصاعد الثورة، كما جند أشخاصا موالين له بحكم الانتماء أو المصلحة، لإيجاد قوة عسكرية جديدة تساند المؤسسة العسكرية المنهارة، ثم دفع بهم للتصدي للمظاهرات السلمية، بالإضافة إلى نصب الحواجز في المدن وقمع الحريات.

وبعد الجرائم الكثيرة التي ارتكبتها تلك المجموعات التي عرفت بـ"الشبيحة"، عمد نظام الأسد إلى إدراجهم في مؤسسة ذات طابع وطني وشرعي، فأطلق عليها في البداية "اللجان الشعبية"، ثم غيره إلى "جيش الدفاع الوطني".

تفيد تقارير بأن عدد المنتسبين إلى هذه اللجان في جميع المحافظات يصل إلى عشرات الآلاف، يتلقون تدريبا بسيطا على الأسلحة الخفيفة لمدة 15 يوما على أيدي ضباط متقاعدين، ويترك بعدها العنصر أمام خيارين؛ إما الذهاب إلى منطقته وحمايتها، أو الالتحاق بدورة متقدمة تدربه على أسلحة أكثر تطورا وثقلا.

ويتقاضى المنتسبون لميليشيا جيش الدفاع الوطني راتبا شهريا يتراوح بين 15 ألف و 30 ألف ليرة سورية، بينما تتكفل منظومة طبية خاصة بطبابة هؤلاء المتطوعين.

ويشترط في المنتسب إلى جيش الدفاع الوطني أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية، كما يشترط أن يتراوح عمره بين 20 و40 عاما، وألا يكون موظفا في القطاع الحكومي، بالإضافة إلى شرط ينص على أن يكون المتقدم للانتساب من أبناء المنطقة التي سيعمل بها، على اعتبار أنه سيكون أكثر معرفة بجغرافية المنطقة وسكانها.

جيش الدفاع الوطني ومجازر بانياس والبيضا

يقول الناشط أبو جعفر الجبلاوي من اللاذقية، إن اللجان الشعبية والتي أصبحت فيما بعد تعرف بالجيش الوطني، هي الآن القوة الوحيدة الضاربة في محافظات الساحل السوري، في حين أن قوات الأسد متمثلة بالجيش اختفت تماما هناك، ويقتصر تواجدها على القطع العسكرية المغلقة.

وأضاف الجبلاوي أن الجيش الوطني هو المسؤول عن حماية الطرقات والحواجز والدوريات ومراكز الرصد وسواها، والتي يقودها عدد من شخصيات المنطقة المشهورين وهم من أسر الأسد - الشمالي - إسماعيل - والعاتكي، موضحا أن هذه المجموعات هي نفسها التي ارتكبت عددا من المجازر ولا تزال تركتب مجازر أخرى، ومن أهم ما قامت به هو مجازر بانياس والبيضا في شهر أيار من العام الحالي.

مجرمون وأصحاب سجل أسود

وبيّن أحمد الحصن وهو من أبناء مدينة بانياس ونازح في مدينة طرطوس أن "عناصر الجيش الوطني يعتبرون أنفسهم المدافعين عن الوطن ضد المؤامرات الكونية، وهذا ما يبرر لهم ممارسة ما يشاؤون دون أي صيغة قانونية أو سلطة تضبطهم".

وأشار الحصن إلى أن المنتسبين لهذه الميليشيا هم من الشريحة الاجتماعية المعروفة تاريخيا بسجلها الإجرامي، وقد خرجوا من السجون بعد مراسيم العفو التي أصدرها الأسد.

كما بيّن أن من ضمن أنشطة هذه العناصر هو خطف المدنيين ومن ثم مقايضتهم بمبلغ مالي كبير، كما تقوم بسرقة المحال التجارية ومصادرة السيارات بحجة الدفاع عن الوطن.

تضخيم إعلامي

ويرى الشاب محمد رمضان أحد سكان مدينة دير الزور أن هناك تركيزا إعلاميا مبالغا فيه عن جيش الدفاع الوطني، وذلك كله ينصب في الخدمة الدعائية التي يسعى إليها نظام الأسد والتي تتحدث عن جيش جرار من المتطوعين للدفاع عن الوطن وإرهاب الثوار، مضيفا أن تلك العناصر غير مدربة بشكل جيد وهم "لا يستطيعون الوقوف بوجه الجيش الحر" على حد وصفه.

وأوضح رمضان أن عدد المنتسبين إلى هذ الجيش في محيط دير الزور لا يتجاوز أكثر من 1200 عنصرا، يتبعون لرئيس فرع أمن الدولة في المدينى والذي يدعى "دعاس الدعاس"، ولا يجمعهم سوى الولاء للمال والانتفاع من نظام الأسد، مضيفا أن أماكن تواجد هذه المجموعات في مدينة دير الزور يقتصر في الحارات التي لاتزال تحت سيطرة قوات الأسد كالقصور والجورة وحي الجبل.

دور أمني في محافظة الحسكة وإثارة للفتن الطائفية

ولكن الأمر يبدو مختلفا في محافظة الحسكة والتي تقتصر سيطرة قوات الأسد فيها على مركز المحافظة بالإضافة إلى مدينة القامشلي، حيث تلعب ميليشيا جيش الدفاع الوطني دورا أمنيا ملحوظا في تلك المدينتين، مثل حملات الاعتقال، ومداهمة المنازل وأماكن تواجد النشطاء، بالإضافة إلى تنظيم دوريات متنقلة في شوارع المدن وأطرافها، ويطلق على هؤلاء العناصر اسم "المقنعين أو الملثمين" وذلك بسبب وضعهم أقنعة على وجوههم كي لا يتعرف عليهم أحد من أبناء المنطقة.

ويبلغ عدد عناصر تلك المجموعات حوالي 1000 عنصرا ويتخذون من مبنى فرع حزب البعث في مدينة الحسكة مقرا لهم، وتنتمي غالبية تلك العناصر إلى مجموعات معروفة بولائها لنظام الأسد، ويشرف عليهم ضابط برتبة نقيب يدعى "بسام العرسان" ويلقب أبو باسل والذي يتبع بدوره لجهاز "الأمن القومي" في دمشق.

كما يقول ناشطون إن نظام الأسد يسعى من خلال هذه التشكيلات لإثارة حرب أهلية ونزاعات عرقية في منطقة الحسكة، وذلك من خلال الهجوم المتكرر على قوات كردية تسيطر على بعض من مدن وبلدات شمال محافظة الحسكة، ثم نسب تلك الهجمات إلى مجموعات من الجيش الحر أو كتائب أخرى ذات انتماء عربي.