حلفاءُ الأسد إذْ يستشعرون سقوطَه

محمد عبد الرازق

لم يَعُدْ الحديث عن سقوط الأسد حديثَ ظنٍّ و تخمين، بعد سلسلة الإخفاقات التي مُني بها على مدى سنتين و نصف من عمر الثورة، و لا سيّما ما كان منها في الشهرين الأخيرين، و بالأخص بعد تحرير كلٍّ من خان العسل، و مطار منغ، و مجموعة القرى في ريف حماة الشرقي، و فتح جبهة الساحل، و إحكام إغلاق طريق الإمدادات من جهة الساحل باتجاه إدلب بعد تحرير مدينة إريحا، و كذا من جهة الصحراء باتجاه حلب بعد السيطرة على بلدة خناصر.

ناهيك عن السيطرة في الغوطة الشرقية على منطقة الصوامع الرئيسية، و اغتنام عدد من بطاريات صواريخ ( أوسا ) المضادة للطائرات، و الشروع في إعلان المنطقة منطقة حظر جوي، و وضع اليد على مستودعات كبيرة من  مخازن السلاح في منطقة القلمون، و اغتنام ( 300 ) مضاد دروع ( كونكورس)، و السيطرة على الفرقة الثالثة أيضًا، و فيها كتيبة ( شيلكا ) ، و عدد من الدبابات، و العربات المدرعة.

و بالطبع مازالت الأخبار تتأتي تترى عن سلسلة من الاستسلامات للجنود و بالعشرات، في أكثر من موضع ( في جوبر، و الفرقة 17 في الرقة، و مطار دير الزور ).

و كذا الحديث عن مهلة ( 24 ) ساعة التي منحها الجيش الحر للضباط، و الجنود المُحاصَرين في مطار النيرب العسكري، و كتيبة الدفاع الجوي في حلب للاستسلام، أو أن يلقوا حتفهم المشؤوم.

كلُّ ذلك يأتي وسط حشد دوليّ لتوجيه ضربة عسكرية له، عقب مجزرة الكيماوي التي ارتكبها اللواء ( 155 )، التابع للفرقة الرابعة، و بأوامر مباشرة من ماهر الأسد إلى اللواء ( محمد أصلان ) الذي قتل على يد أبطال الجيش الحر بعد أيام قليلة من الجريمة المروعة التي أقدم عليها، إثر مكالمة من ماهر إليه في الساعة الثانية صباح يوم: 21/8 / 2013م.

بعد هذه الإخفاقات التي مُنيَتْ بها كتائب الأسد، و بعد صحوة الضمير العالمي المتأخرة،  عقب مجزرة الغوطة الكيماوية، لم يعد أمام حلفاء الأسد سوى أن يُعيدوا قراءة المشهد بعيون غير التي قرأوا فيها أحداث ( القصير ) قبل بضعة أشهر؛ و ذلك أن ما كانوا يعولون عليه حينها لم تنسحب آثاره على بقية الجبهات، و لا سيما في العمق السوري، حيث تقطعت السُبُل بعناصر حزب الله اللبناني، و فقدَ عمقه الاستراتيجي الذي كان له هناك.

و بناء على هذه القراءة الجديدة تأتي تصريحات الوزير(لافروف ) بأن روسيا لن تخوض حربًا مع أية دولة إذا ما ضُربتْ سورية، و كذا وقف بيع عدد من شحنات الأسلحة ( صواريخ أرض جو:إس 300 )، و ( صواريخ أرض أرض: إلسكندر )، و كذا صفقة طائرات ( ميغ 29 )، و ذلك تحت ذريعة واهية ( التمويل غير جاهز ).

و في هذا الإطار تأتي جملة من التصريحات الإيرانية كان آخرها ما نقلته وكالة أنباء العمال الإيرانية عن الرئيس الإيراني الأسبق، و مهندس بيت الرئيس الحالي حسن روحاني، ( هاشمي رفسنجاني ) الذي أعلن فيه أن الشعب السوري قد ضُرب بالغازات السامة من قبل نظام الأسد.

و كان قد سبق هذا التصريح لرفسنجاني ما ذكرته وكالات الأنباء عقب الاستعدادات الدولية لتوجيه ضربة للأسد، من نفي إيران عن وجود اتفاقية دفاع مشترك مع سورية.

إنّ هذا الذي نقرأه، و نسمعه من التصريحات، و المواقف من جانب حلفاء الأسد؛ ليؤشر على قرب ساعة سقوطه؛ و هم بالتالي سيسعون وفق تقديراتهم للقيام ببتر الغصن الذي يُمثِّل الأسد و حاشيته في شجرة هذا النظام الذي قدموا له الكثير خلال حِقَب من الزمان، و ما زالوا ( هُمْ ، و كثيرٌ من دول أصدقاء الشعب السوري ) يراهنون على بقائه من خلال الاحتفاظ بالمؤسستين: العسكرية، و الأمنية.

 إلاَّ إذا وجدوا البديل المناسب، الذي سيُناط به القيام بالدور الذي كان يقوم به الأسد تُجاه ربيبتهم، و تُجاه ما يُطلب منه من أجندات تخدم مصالحهم.

و هو الأمر الذي مازال يجلب الكثير من الآهات، و العذابات للشعب السوري.