سورية والضربة القادمة

سورية  تناديكم ( 23)

د. عامر البوسلامة

[email protected]

الأصبع على الزناد، والاستعدادات – من كل الأطراف المعنية - على قدم وساق، ويكاد المشهد، يكتمل من حيث الإعداد والسيناريو والإخراج، لم تبق سوى ساعة التنفيذ.

وواضح أن الأمر ليس سهلاً، ويحمل في جعبته جملة من المخاطر الكبيرة، ومجموعة من الاحتمالات المقلقة، رغم تفاؤل كثير من الناس بالقادم، لكن هذا لا ينفي التوجس والحذر والترقب، فالجو العام يلفه صراخ من جانب، ومحدودية هدف من جانب آخر. وضبابية الأمر، هي التي تدفع نحو هذا القلق، وهذه الريبة، لأننا سنستقبل حدثاً، لم يكن للناس يد في صناعته وترتيبه، وكله كان خارج مطابخ العاملين من السوريين، ثواراً ومعارضة سياسية.

فمن حقنا أن نقلق، ومن حق شعبنا أن يتوجس، ومن حق الثوار أن يتحسبوا، ومن حق المعارضة أن تبحث عن سبل المعرفة، لهذا القادم الجديد، وما يحمل في بطنه، إن خيراً، وإن شراً، ومن حق كل غيور أن يفكر في الخطوط الحمراء والبيضاء والصفراء، ويضع تحت كل واحدة منها ما شاء من تأشيرات، وضوابط، وتحذيرات، فالأمر في النهاية، يهم جميع الناس.

**********************

وسبب كل هذه المشكلات من أولها إلى آخرها، هذا النظام العصابة، المتسلط على رقاب شعبنا، منذ أكثر من خمسين عاماً.

هذه العصابة التي أذاقت شعبنا، كل أنواع المرارات، وكل صنوف الأذى، وكل ألوان المأساة، وكل صور الجريمة، وكل معاني الويل والثبور، وكل الطعوم المؤلمات، ولم يسلم منهم إلا من كان مجرماً مثلهم مشاركاً، في الجريمة الكبرى التي ارتكبت بحق أبناء هذا الشعب السوري الأبي.

هذه العصابة، التي أصمت آذانها لكل صيحات الإصلاح، ونداءات الثورة الشعبية العارمة، التي شارك فيها كل أبناء الشعب السوري، وتفاعل معها من كل مكونات هذا الشعب، الثورة ولا بديل عنها، النزول إلى الشارع والاعتصام في ساحات الوطن، هو الملاذ الآمن الذي لا بد منه، حتى تحمى الحقوق، ويتحقق العدل، ويرتفع الظلم، وتكون كرامة الإنسان شاهد عمل، من خلال حقيقة واقعية، وليس من خلال ترضيات عابرة، وضحك على الدقون، بوعود كاذبة، وبإصلاحات شكلية، وبترقيعات مل الناس منها، وصارت مكشوفة على نمط المسرح التنفيسي، فهذا الزيف والتلوين، ما عادت تنطلي حيلته، على شعبنا المثقف الواعي، الذي شب عن الطوق، وكسر حاجز الخوف الرهيب.

*************************

الثورة كانت سلمية، وشعبنا لا يريد أن تحل مشكلاته بالدم أو العنف، لكن خرج بروح حضارية ، يدعوا إلى الإصلاح والتغيير، ويبحث عن سبل الخروج بالوطن من أزماته التي استفحلت، وآن أوان الخلاص منها، لأن استمرارها، سوف يأتي على البلد بهذا اللون، أو باللون الآخر.

ولكن نظام البغي والجريمة، الذي اعتاد على تكميم الأفواه، وتعليق الناس على أعمدة المشانق، لأنهم خالفوا سياسته الضالة، ولم يصفقوا لفساده المستشري، في كل مفاصل الحياة، وسجن الأحرار من المفكرين والساسة، وقادة المجتمع، عشرات السنين لمجرد رأي قالوه، أو فكرة رددوها، وخالفوا فيها هوى العصابة المجرمة، حتى تحولت سورية، إلى سجن رهيب، وإلى مملكة خوف، قل نظيرها في عالم اليوم، وما قانون 49/ لعام 1980/ وما فيه من همجية وفساد وإجرام وقسوة، عنا ببعيد، حكم بالإعدام، لمجرد الانتماء لجماعة أو حزب، أو فكرة؟؟!!!.

 فهذا النظام العصابة الذي ينهج هذا النهج، لم يكن ليسمح لهؤلاء السلميين أن يعبروا عما يريدون، ولو بالطرق الحضارية، والأساليب القانونية، التي تكفلها كل دساتير العالم، تعبيراً عن جزء من حقوق الإنسان السياسية.

ومن شب على شيء شاب عليه، لذا قامت عصابات النظام المتوحشة من شبيحة، وأجهزة فاجرة، صنعت على عين المجرم الأول، واستكملت على نظر الفاشي المجرم الثاني، بحرب واليابس، وارتكبت مجازر ضد الإنسانية، ومذابح جماعية، قل نظيرها، مع تخريب للبيوت، وإشعال النار في كل مفيد، لأبناء الشعب السوري، وإلقاء البراميل المدمرة، على رؤوس الآمنين، اليتامى والأرامل، وملايين المشردين والنازحين واللاجئين، وصار المشهد بجملته، يحكي قصة مأساة كبيرة، ونكبة عظيمة.

كل هذا العالم لم يحرك ساكناً على الأرض، وبقي الشعب السوري يواجه قدره بنفسه، وتحمل وصبر وصابر ورابط.

**********************

لو تم إحداث مناطق عازلة، وممرات آمنة، لكانت جزءاً من الحل، ولتفادينا كثيراً من الجرائم التي ارتكبت بحق أبناء شعبنا، ولو تفاعل المجتمع الدولي لتأسيس منظومة حظر جوي، لحماية المدنيين، لعجل ذلك في زوال هذا النظام، لو تعاون من تعاون في تسليح هذا الشعب، لتغيرت المعادلة على الأرض، من التوازن، إلى ترجيح كفة الشعب السوري، وما زالت هذه القضايا من مطالب الشعب السوري الثائر.

*********************

 وبعد هذه الوحشية الكبرى، من نظام العصابة، حتى وصل به الأمر إلى استخدام الكيماوي مراراً وتكراراً بحق أبناء الشعب السوري، خصوصاً من الأطفال والنساء والشيوخ، ونحن على أبواب ضربة توجه للنظام، لا بد من التأكيد على ما يأتي:

الاهتمام بشأن المدنيين وحمايتهم، وعدم المسيس بهم، بأي صورة من الصور، ونتمنى أن لا نسمع، بقتل لهم عن طريق الخطأ، ثم لا ننال سوى الاعتذار تعويضاً.

الحذر من ضرب أي قوة تتبع الثورة على الأرض، فهذا سيكون في صالح النظام، ويعمل على خلط الأوراق.

المحافظة على ما بقي من بنية تحتية، لأنها ملك الشعب السوري، وتدميرها سيؤثر على الناس سلباً، وتزداد معاناة الناس.

حسبنا الله ونعم الوكيل، كل هذه التداعيات، بسبب إجرام هذا النظام ووحشيته، وعناده وتكبره وفساده، وعدم استجابته لنداء الشعب، وترك الأمر له ليقرر مصيره بنفسه.