هي معضلة فعلاً ..

عقاب يحيى

نحن نعرف طبيعة، وتركيبة، ومراهنة، وفعل نظام الطغمة.. منذ البذاية، وفي جميع الأطوار التي مرّ بها.. وأن يستحيل أن يقبل بحل سياسي ما ـ أي حل ـ حتى على طريقة قدري جميل وأشباهه، وأن مراهناته ترتكز على القتل والخبث والدمار سبيلاً، ولا يهمه ما يحدث عن ذلك من أخطار وقتل بالجملة، وقالها بعضهم : وماذا يعني المليون.. وحقاً ماذا تعني حياة الناس عندهم.. وقد بلغ الحقد انجاره، والتمسك بالسلطة حدّ الذهاب للتقسيم وإقامة كانتون طائفي يعرفون ان لا حياة له.. فالمهم أن يبقوا، والمهم أن يوغلوا في سياستهم.. وكل ما يحدث لا يهمهم ..

ـ وبالمقابل.. الثورة وهي تنحو للتسلح.. تحتاج أطنان الأموال والأسلحة، بما يعني الاستنجاد بالآخر، والآخر له حساباته ومخططاته، وما من أحد، حتى لو تطابقت مصالحه مع الشعب السوري ـ يعطي شيئاً " لوجه الله".. على العكس بعضهم يستخدم قوته لبسط نفوذه، ثم توظيف ذلك النفوذ في احتواء الثورة، والقضاء على جوهرها.. وهو ما يحدث الآن بجلاء، وما يقاومه الثوار الحقيقيون بوسائلهم، وإمكاناتهم البسيطة ..

ـ الدولة المتحكمة بالقرار الدولي لا تريد انتصاراً للثورة.. وهذه حقيقة لا تحتاج الندب والبرهان..والمسالة السورية ـ بفعل مجمل التطورات خرجت من ايدي السوريين.. وباتت العودة |إلى الإمساك بها عملية تستلزم جهوداً وإمكانات وأفعالاً متراكبة.. تبدو المعارضة وهيئاتها القائمة دونها ..

ـ هل هو الاستعصاء الذي جرنا نظام الإجرام، وسواه إليه.. فصرنا في حيص بيص؟... أم أننا نملك بدائل أخرى يجب التمحور عندها، واستنباط ما يمكن على ضوء الواقع والتجربة ؟؟.....

ـ هناك خلاف عميق اليوم بين اتجاهين منحسوبين على الثورة، او المعارضة : اتجاه يرفض فكرة التسلح من أساسها.. ويراهن على الحل السياسي حتى لو كان وهماً، وخداعاً، وعبثياً..

ـ وهناك من يرفض اي حل سياسي ويعتبر الاقتراب منه خيانة ، وبيعاً لدم الشهداء، وللثورة..

وبين هذا وذاك يحاول البعض الجمع ، أو التوفيق بين الاتجاهين.. أي القبول المشروط بالحل السياسي.. لكن على أساس تعديل ميزان القوى على الأرض، وبما يسمح بفرض الحد الأدنى من مطالب الشعب السوري : تنحية رأس النظام وكبار رموزه من القتلة عن اي حل، ومرحلة انتقالية..

ـ هذا الاتجاه يعيدنا أيضاً لبيت القصيد : كيف يمكن تعديل ميزان القوى في ظل القائم داخليا، وإقليمياً، ودولياً..؟.. وهل يمكن للأطراف المحسوبة على أنها " اصدقاء الشعب السوري" أن تسمح بهذا التعديل، أو بالإخلال بميزان القوى لصالح الثورة؟...أم سنبقى مدور في الحلقة المفرغة، ويكون الندي، والتهم، وإلقاء المسؤولية على الآخر، وتنتيف بعضنا هو التبرير .. والتجسيد ؟...

ـ قد يبدو مرهقاً، وبعيد المنال أن نعود إلى الذات السورية. إلى الوطنية السورية العريقة . إلى القرار الوطني المستقل لاستنهاض كل الإمكانات المتاحة بشكل مخطط، وضمن عملية شمولية.. وفق برنامج واضح من المهام والأفعال والاتجاهات.

ـ قد يستغرق ذلك زمنا.. وقد يصطدم بذات اعتمذت على الآخر، وقد يواجه صعوبات فعلية في كل مجال.. لكن لا سبيل أمامنا سوى ذلك، وحينها يمكن لمعادلة العلاقات مع جميع الأطراف : العربية والذولية ان تستقيم، وتنهض على قاعدة ندّية، وليست تبعية، وتسولية ..

ـ نعم استنهاض الوطنية السورية والنجاح في ذلك يستلزم توفر مجموعة عوامل.. أولها واساسها وجود وعي وإيمان بها، وقيادات تجسدها، وبرامج عملية تفعلها، وممارسات حقيقية تنميها وتشجعها وتجذبها..

ـ لنقل بصراحة أننا ما لم ننجح في ذلك سنبقى نور في صراع مفتوح قد يودي بالوطن والثورة.. فإما انتظار متهافت لما تجود به الدول وتفرضة بالقوة على الطرف الأضعف، وإما حرب تمزيق وإفناء وتفتيت.. وأكثر..