فشل المعارضة السورية في فهم وإستيعاب القضية الكوردية وتأثيراتها السلبية على الثورة

فشل المعارضة السورية

في فهم وإستيعاب القضية الكوردية

وتأثيراتها السلبية على الثورة

د. توفيق حمدوش

إن حلم الشعب السوري بكافة أطيافه هو التحرر من الظلم والأضطهاد من قبل النظام الحاكم الذي أتى من خلال أنقلاب عسكري منذ عام 1963 كان ومازال قائمآ ولذا يناضل هذا الشعب منذ أندلاع الثورة السورية بكل مايملك من قوة ضد قوة الطغيان والحكم المستبد لكي يصل إلى الحرية والعدالة الأجتماعية وممارسة العمل السياسي الديمقراطي الحر والتعددي بحيث ان تجد كل طائفة او اثنية طموحاتها في هذا التكوين الجديد وتتمتع بحقوقها  الإجتماعية والسياسية ضمن حدود الدولة السورية الحالية.

إلا أن هذا الحلم أصبح مجهولآ ويتراجع رويدآ رويدآ بعد هذا الزمن من طوال مدة الثورة والأنتكاثات السياسية في مسار الثورة على المستوى العالمي من خلال إخراج قيادة سياسية  تملك القدرة والحنكة السياسية في ضم شقي الثورة المدنية والعسكرية تحت راية واحدة وبقيادة واحدة فشلت هذه الجهود حتى الأن فشلآ ذريعآ.

ولكن ماهي أسباب هذا الفشل رغم النضال المتواصل والطويل وتقديم هذا العدد الهائل من التضحيات بشكل لايمكن وصفه ومن خلاله صنع الشعب السوري ملحمة تاريخية في شكل مقاومته من أجل الحرية وصنع نموزجآ تاريخيآ جديدآ لثورات الشعوب والتي لا مثيل لها في العالم.

إن السبب الرئيسي يعود إلى تصرف القادة السياسيين حيث ان الكثير منهم غير مؤهل و  ليس لديهم تجربة في ممارسة النشاط السياسي  ويركبون موجة الثورة ويحاولون قيادتها منهم مستقلين ومنهم ينتمون لأحزاب سياسية نظرية لا تملك الجمع الجاهيري على أرض الواقع ولا تملك الحنكة السياسية والسبل اللازمة من أجل جمع أطراف المكونات السورية ورص صفوفها في وحدة سياسية يعد الأعتراف بالمكون الأخر وقبوله بصفته الذاتية وكونه طائفة كانت أو أثنية أو أي مجموعة من مكونات الشعب السوري الأساسية والمتعددة.

إن النظام البعثي العسكري والقومجي العنصري يحكم سوريا بيد  من حديد وحارب المكون الكوردي بكافة أشكال الأقصاء والقهر للقضاء على وجوده كثاني قومية في البلاد بعد القومية العربية منها كانت المحاربة ضد كل من هو كوردي شخصيآ أو رمزآ أو صفة أو حجرآ وأرضآ ونذكر منها منع أستعمال اللعة الكوردية في المدارس والحياة المدنية وأضطهاد الكورد سياسيآ وإجتماعيآ وعرضهم للفقر والجوع ومنعهم من الأنتساب إلى الوظائف في المراكز العليا في شؤون الدولة وتطبيق برناج الحزام العربي  المشؤوم وطرد الأكراد من أراضيهم على الحدود العراقية في الشرق والتركية في شمال سوريا وبناء المستوطنات للعرب البدو وتسكينها وتسليحها في المناطق الكوردية بنفس السياسة التي تتبعها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني وتجريده من أراضيه ومحاولة القضاء على الهوية الفلسطينية.

إن المعارضة السورية غائبة سياسيآ تمامآ إلى النظر على هذه الوقائع والحقائق التي أجريت بحق الشعب الكوردي ولا تضع أمام أعينها هذا المشهد المؤلم عندما تحاول الأقتراب إلى الطرف الكوردي وحتى الأن لاتوجد محاولة جدية من قبل المعارضة السورية من أجل الحوار ومناقشة القضية الكوردية في سوريا والنظر إليها من زاوية المفهوم الوطني والمصلحة المشتركة للجميع ولكن تطلب من الطرف الكوردي السير وراءها بدون إعتراف بالوجود القومي الكوردي في سوريا كثاني قومية في البلاد وضمها إلى العمل المشترك ضد النظام الأستنبدادي القاتل والقائم.

إن هذه المعارضة بحد ذاتها غير واقعية وفاقدة في تصورها إلى برنامج المستقبل السوري القادم  وهي تنتظر إلى دحر وأسقاط النظام العسكري والخلاص من الطائفة العلوية والحكم بوتيرة تختلف عنها ربما قي تسهيل بعض الشؤون السياسية القادمة وتقول كلنا مواطنيين سوريين وهذا هنا لا يكفي ولا يرضي بقية الأطياف وهنا تكمن المعضلة السياسية و تؤدي إلى عدم نجاح الثورة بشكل المأمول.

ويعرف الجميع أن النظام الأسدي البعثي يقول أيضآ كلنا مواطنين متساويين ويقود الدولة بنظام عنصري دموي بلا رحمة وهنا لا يوجد فرقآ كبيرآ بين تعامل النظام القائم وبين تصورات وتوجهات المستقبلية للمعارضة السياسية السورية بكافة أشكالها وألوانها من الأطراف الدينية واليسارية والمسماة بالديمقراطية و حتى منها الطرف العلماني الذي فشل فشلآ ذريعآ بعد الأخطاء التي وقعت فيها والتسلط  على المسار السياسي من طرف القيادة المصغرة للأئتلاف العلماني الذي لم يصل إلى الأهداف المرجوة إليه عندما  حاول طرح نفسه كبديل لباقي التركيبات السياسية المتصارعة على أرض الواقع.

إن ذهنية المعارضة السياسية السورية  في إدارة الأمور هي ذهنية غير ناضجة وضبابية وغير واقعية وهي تجري وراء الأحداث وليس في قيادتها إنها من ذهنية النظام البعثي القومجي والعروبي المتعصب نتيجة التربية التي كانت موجودة في نظام المدارس ودوائر الدولة من عسكرية ومدنية والتعامل مع كل من هو غير عربي عليه أن يخضع إلى كبرياء السلطة الحاكمة والقبول بالأمر الواقع   وهذا أيضآ أحد أسباب فشل المعارضة السورية مع قيام الثورة السورية والوقوع في أخطاء أستراتيجية منها التمسك بالوطنية ورفض القبول بالعامل الخارجي وظننآ منها بأن الثورة السورية تسنطيع الأنتصار بدون دعم خارجي وهذا هو أكبر خطأ الذي ربما يؤدي إلى دحر جهود الثورة السورية وفشلها بعد كل هذه التضحيات.

والسبب الأخر وهو الاهم وهوعدم قبوله التعددية الطائفية والأثنية الموجودة في سوريا ومنها البقاء على موجة من تصريحات وقرارات غير واضحة ضبابية في الصورة والمضمون في شكل الحكم بعد رحيل الأسد وعدم قبول او النظر إلى الشأن الكوردي في سوريا بأنها قضية وطنية سورية بأمتياز وليست قضية أنفصالية عن الوطن.

الأكراد يعيشون على الأرض السورية قبل قدوم العرب والأسلام مع باقي الأثنيات على الأرض السورية إن الهيمنة الهمجية والكبرياء بالقومية العربية العنصرية ومنها الأسلامية السلفية المتشددة والتعالي على بقية المكونات على الأرض السورية من منظور ضيق أدى  وسيوؤدي إلى خلافات وصراعات أكبر مما نحن الأن بصددها وهذه الصورة القائمة والشكل السائر على الأرض حسب المعارك والقوى المتحاربة لا يبقى لنا سوى أمل ضعيف من بقاء سوريا كدولة بهذا الشكل والصراع الحربي كما يبدو سيطول إلى سنوات عديدة ولربما أطول مما كانت عليه دول البلقان وهناك تدخلت دول أوروبية مع ألولايات المتحدة الأمريكية لأنهاء الصراع بينما بالنسبة في سوريا لا توجد رغبة سياسية من أي طرف في أنهاء هذا الصراع ولا توجد رغبة سياسية عالمية للسماح بأنتصار طرف على الأخر.

ومن خلال هذه التطورات على أرض الواقع ونتيجة الفشل الذريع للمعارضة السياسية في توحيد صفوف السوريين تحولت الوضعية السياسية في سوريا إلى  ثلاث محاور عسكرية وهي تقرر الأن  و ستدخل في المحادثات والتفاوض المستقبلية والمعارضة السياسية السورية الخارجية أصبحت شكل من أشكال الحالة الجانبية والشكلية التي لا وزن لها في الصراع القائم حاليآ والقوى المحورية في سوريا هي قوات النطام القائم والتي مازالت قوية وتصلها المساعدات من أسلحة وعتاد ومحاربين وأموال بدون أنقطاع  والقوى الثانية هي قوى المعارضة المسلحة من الجيش الحر وإلى جانبه القوات الدينية السلفية التي أصبحت عائقآ أمام تطور ونمو قوة الجيش الحر وأصبحت سببآ في تراجع الدعم العسكري إلى المعارضة السورية المسلحة والقوة الثالثة هي القوات الكوردية من وحدات دفاع الشعب في غرب كوردستان التي تسيطرعلى غالبية المناطق الكوردية في الشرق وشمال سوريا.

إن حل المعضلة السورية التي أصبحت الأن في نفق مسدود نتيجة لهذه التطورات والأخفاقات الفادحة للمعارضة السورية حيث بدأت من طرف المجلس الوطني وما بعدها قوى الأئتلاف للثورة والمعارضة السورية في شكل قياداتها وهي غير محنكة وغيرقادرة  للقيام بمهامها وهي تتراجع وأصبحوا الأن من الماضي والحل أصبح الأن متعلق بأي مبادرة عالمية أمريكية روسية وفي هذا الوقت مازال الوقت غير مناسب لمثل هذه المبادرة العالمية لحل القضية السورية.

والأحتمال الثاني هو دوام العنف والحرب لكل طرف في مواقعه وحين ينهلك الجميع ويأتي بعدها الحل والقبول بتقسيم سوريا إلى ثلاث مناطق تحت نفوذ القوات المحاربة حاليآ والمعارضة السورية السياسية ستبقى مراقبآ ناظرآ وناطرآ إلى يوم الرجوع إلى سوريا لكي تبدأ من الصفر في القيام بالعمل السياسي المستقبلي في سوريا ولكن بشكل أخر.

عاش نضال الشعب الكوردي من أجل الحرية والكرامة الأنسانسية

عاش نضال الشعب السوري ككل من أجل الحرية والديمقراطية

المجد والخلود لشهداء الثورة السورية

عاش حقوق الشعوب من أجل الحرية والديمقراطية

عاش حق تقرير المصير للشعوب المضطهدة في كل مكان

في 18.08.2013 

د. توفيق حمدوش

رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا

Kurdistan Democratic Party -Syria

عضو في المجلس الوطني الكوردستاني

Kongra Netewa Kurdistan

Kurdistan National Congress

E-Mail: [email protected]