جبهة ريف الساحل

ليس المهم فقط حجم ما يحققه الثوار من انتصارات وتقدم على الأرض في ريف الساحل السوري منذ أيام، وهم يحققون ذلك بعون الله، ولكن الأهم:

(١) ما يعنيه فتح هذه الجبهة الآن.

(٢) ما الذي ينبغي الحرص عليه لتكون النتائج مستدامة وإيجابية.

. . .

يوجد كثير من العوامل الجديرة بالاهتمام والتقويم بصدد ما يعنيه التحرك الجديد، ويكفي ذكر أهمها هنا:

(١) تحرك الثوار في ريف اللاذقية دليل إضافي على أنهم يمسكون بزمام المبادرة على نطاق واسع ويستطيعون من خلال ذلك أن يفرضوا على عصابات النظام المتسلطة مسارا لا تضعه في حساباتها.

(٢) ويعني أن الرؤية "الاستراتيجية" لمسار الثورة عامل بالغ الأهمية وأصبح يؤدي مفعوله أكثر مما مضى، فالتحرك الجديد لا يترك آثاره محليا فقط بل على كافة جبهات الثورة ضد النظام المهترئ، بما فيها تلك التي يركز عليها تركيزا كبيرا كما هو الحال في حمص وريفها.

(٣) ويعني أيضا أن ألوية الثورة وكتائبها قادرة على تحقيق انتصارات أكبر حجما وأهمية بقدر ما تتلاقى على عمليات منسقة مشتركة فيما بينها.

. . .

من المحاذير التي ينبغي الالتفات إليها

إذا كان التحرك الأخير مرتبطا بأية إشارة من خارج نطاق الثورة على خلفية ربط الدعم بشروط حول ميادين التحرك الثوري وكيفيته، فينبغي أن يكون واضحا لقادة الألوية والكتائب، أن مسار الثورة لا ينبغي أن يرتبط تحت وطأة أي ظرف من الظروف، بإرادة أي جهة من الجهات، بما يتناقض مع إرادة الشعب الثائر وتطلعاته وأهداف ثورته وصناعة مستقبله بنفسه.

. . . 

لا يخفى أن الحديث عن جبهة ريف الساحل مرتبط بقضية بالغة الحساسية، فقد استطاع النظام المهترئ عبر عدة عقود مضت أن يمارس أبشع أشكال الطائفية الكريهة، ليخدم استبداده وفساده، وليستخدم من يتبعونه على هذا الطريق.. ويحاول الآن -أثناء انهياره- أن يوظف حصيلة ما صنعه منذ سنين وسنين.

يوجد من يقول إن على الثوار الآن أن يثبتوا للعالم استحالة جرّهم إلى رؤية أو ممارسات طائفية رداً على ما صنع النظام وأعوانه حتى الآن.

كلا.. 

ليس "العالم" وقواه الدولية من يجب وضعه في حسابات الثورة والثوار، إنما المطلوب أن تعبّر الثورة في كل وقت من الأوقات، في ساعة النصر وساعة المعاناة، تعبيرا صادقا عن تعاليمنا الإسلامية، واقتناعاتنا الشعبية، ومصلحتنا الوطنية، وأن يكون واضحا كل الوضوح أن الرؤية الطائفية والممارسات الطائفية والحقد الطائفي والاستغلال الطائفي في خدمة الاستبداد والفساد والعدوان والطغيان، جميع ذلك هو بضاعة النظام المهترئ القذرة، ولا يمكن أن تكون بضاعة الثورة والثوار، بأي حال من الأحوال، بما في ذلك ما قد تستثيره غريزة الانتقام.

لا ننأى بأنفسنا عن الطائفية النتنة انطلاقا من الاهتمام بأن أحدا من القوى الدولية يرقبنا، أو يطلب منا، أو يفتري علينا، أو يعبث بمصالحنا وحقوقنا وأهدافنا، أو انطلاقا من الوهم أن علينا أن نثبت لأحد من البشر طهارة ثورتنا وسموّ قيمنا وأخلاقنا، في المنشط والمكره، بل ننأى بأنفسنا عن ذلك لأن رب العزة يرقبنا، ويحرم المظالم علينا، ولأنه لا ملجأ لنا إلا إليه ولا نصر لثورتنا إلا من لدنه، ولا يلجأ لله وينتظر نصره من يخالفه في رؤية أو مسلك، ويتجاهل ما حرّم عن علم أو عبر تأويل فاسد.

النصر القادم.. نصر عظيم بإذن الله، لأنه للحق على الباطل، والعدل على الظلم، والقيم على الانحراف، والوطن على من مزق الوطن، وللشعب على من يقهر الشعب، ولن يتلوّث هذا النصر العظيم بشيء مما حرم الله، لنكون في الموضع الذي تقرره الآية الكريمة (وكان حقا علينا نصر المؤمنين).