الضاحكون اليوم قد يبكون غداً كثيراً وعودة مرسي

مؤمن محمد نديم كويفاتيه

مؤمن محمد نديم كويفاتيه

[email protected]

أعيدها وأكررها مراراً لست مع الرئيس المصري محمد مرسي في كثير من الأمور ، ولكنني أجد نفسي متضامناً معه رغم أنفي ، فأنا أكثر من ذاق طعم الظلم ، وقضى حياته في الدفاع عن المظلومين وناهض الطغاة الجبناء كناشط سياسي وإنساني ، حتى ماقبل الثورات لم تكن هناك أرض تقلني ولاسماء تظلني ، وهناك الكثير من عالمنا العربي من مرّ بهذه الظروف ، حتى جاءت ثورات الربيع العربي لتُعيد للإنسان العربي كرامته وحريته ، وتكون الثورة المصرية مُلهمة ، فما بالنا اليوم وهي تُهين قياداتها ومن أتى بهم الشعب الى سدّة الحكم ، هل أنا بحلم أم علم بما جرى من تكميم الأفواه وحالة الارهاب التي مورست وبوتيرة عالية على طرف كان القصد من وراء ذلك قهره وإذلاله ، إذاً عن أي ثورة نتحدث بعدها ، ونحن نرى التعدي ليس على كرامة المواطن بل شطّت الأمور الى الرئيس المُنتخب الذي يُمثل كرامة الأمّة وقيادات اعتبارية في البلد ، فأي مُستقبل ينتظره المصريون إذا لم يُقيموا لرجالات الأمّة كرامة ولا حتّى حرّية ، وأي مُستقبل أسود نأمله في المستقبل وقد دُبرت التهم بليل غامض للكيد والمكايدة ، أهكذا تُدار الأمور ، وأنا هنا أتكلم من حيث المبدأ العقلاني الذي يرفض هذا ، ويوصلنا الى مخرجات خطيرة لاتُبشر بخير ، وخاصة وأنا أرى العديد من السفلة يتجاوزون على الرئيس بأقذع العبارات أثناء شهور حكمه وبعد عزله اللا مشروع ولم يُتخذ بحقهم أي أجراء ، بينما اليوم تثور الثائرة على كلمات تفوه بها أحدهم هنا وهناك ليُعاقب عليها ، ومنها الرئيس المنتخب نفسه بدعوى إهانة القضاء ، مالكم كيف تحكمون ، لتذكرني مثل هكذا اتهامات بالديباجة التي كان يُعتقل فيها الحر السوري في ظل نظام الجريمة والعهر الأسدي على كلمة قالها ، فيفسروها أهانة الرئيس ، وإشعال الفتنة والحط من هيبة الدولة ، ويذهب صاحبها بالعديد من السنوات في السجون ، فهل هذا ماتبغوه ليكون المثال الأسدي القدوة لكم ، لتطبق اليوم تعلى رئيس للدولة مُنتخب ، مالكم ألا تعقلون ؟ !!!

بكل الأحوال بعد حالة الأجواء المشحونة التي رأيناها بالأمس ، بما رافقها من أجواء يسودها التوتر والانفعالية وإرهاب الدولة على طرف بتشجيع من الآخر بقصد فرض الأمر الواقع ، صدر اليوم بيان عن الجيش المصري مُشجعاً يستبعد اي اجراءات استثنائية بحق اي فصيل أو تيّار ، ويدعو الى التلاحم ونبذ الخلافات ، ويكفل حرية التظاهر السلمي وحرية التعبير ، والأهم من ذلك أنّه يدعو الى الوحدة الوطنية والمصالحة ، وهذا مايُبشر بالخير بقرارات تُعيد الاعتبار للطرف المظلوم ، بسيناريو يكون فيه لاغالب ولامغلوب ، ولأقول بكل صراحة : وكما كان من الصعوبة بمكان تقديم الرئيس مرسي لاستقالته ، وجرى على إثرها ماجرى ، أرى بضرورة التراجع من العسكر عن خطوة عزل الرئيس كما عاد تشافيز ، فنحن أكثر حضارة للتراجع ، والكف عن ملاحقة القيادات الاخوانية التي سيسجل التاريخ ذلك كوصمة في جبين قيادة الجيش ومن فعل ذلك وهم لاناقة لهم ولاجمل كما يدعون ، ووصمة في جبين كل القوى السياسية التي ارتضت أن تسمع بالاعتقالات على نطاق واسع لقيادات شاركتها الثورة وطعم الذل والمهانة ، وهي تُذيقها من نفس الكأس الذي ذاقت مرارته دون حياء أو خجل ، لأتمنى ألا تأتي مظاهرة الغد تحت عنوان التحالف الوطني لدعم الشرعية إلا واتخذت خطوات تُعيد الأمور لنصابها ، وتُعيد الطمأنينة والسكينة للشعب المصري ، فأنا لا أبكي مرسي أبداً ، ولا أفرح بالانقلاب على الشرعية ، وإنما أبكي وطناً قد يذهب الى المجهول بفضل أنانية وحقد البعض ، وأبكي تجربة أُريد لها الوأد في مهدها ووافق عليها الشركاء ، وأبكي على سورية التي ضاعت في تلك الخلافات والدماء الذكية التي تُراق وهول التدمير من العصابات الأسدية والطائفية الفارسية ، فالضاحكون اليوم قد يبكون كثيراً غداً ، وإنّ غداً لناظره قريب ، فماذا عساه أن يُسجّل التاريخ.