إلى العقلاء من السوريين... فقط
إلى العقلاء من السوريين... فقط
د. موفق مصطفى السباعي
إلى الحكماء منهم .... فقط
إلى المبصرين منهم .... فقط
إلى المفكرين منهم .... فقط
إلى المسلمين منهم .... فقط
إلى المؤمنين منهم .... فقط
إلى الأحرار منهم .... فقط
إلى الشرفاء منهم ..... فقط
إلى الكرام منهم ..... فقط
أسألكم بالله العظيم الذي – لا شك أنكم جميعاً تؤمنون به –
هل إذا شتمتم ... ولعنتم أعداءكم ... ستنتصرون عليهم .. ويُذهب الله به غيظ قلوبكم ؟؟؟!!!
هل ستشعرون بالسعادة والراحة والسرور .. وتنفسون عن غضبكم وحنقكم عليهم ؟؟؟!!!
أم ستصابون بالتشنج والتوتر وحرق الأعصاب .. والإكتئاب .. والإحباط .. وزيادة الهموم والأحزان ؟؟؟!!!
إذا كنتم تريدون حقاً أن تميتوهم بغيظهم .. وتقتلوهم شر قتلة .. وترتاحوا من شرورهم وفسادهم ..
فليحمل كل واحد منكم رشاشا .. ويطلق عليهم الرصاص رشاً .. فيرديهم صرعى .. مجندلين بدمائهم..
فذلك أجدى وأنفع ... وخير لكم .. من أن تطلقوا عليهم اللعنات والشتائم رشاً .. ودراكاً .. والتي لن تضرهم شيئاً .. ولن تحدث لهم جرحا.. ولا خدشاً .. ولا موتاً .. ولا تأثيراً ..
بل على العكس تزيدهم قوة .. وبطشاً .. وشدة .. وبأساً .. وتغيظاً وزفيرا منكم ..
والسؤال الثاني الأكثر أهمية :
هل إذا لعنتم .. وشتمتم .. واتهمتم بعضكم البعض .. بالخيانة والعمالة .. والسفاهة والفجور .. وسخرتم منهم .. واستهزأتم بهم .. تحققون للثورة نصراً مؤزراً ؟؟؟!!!
أم تُشمتون بكم الأعداء .. وتسرونهم .. وتفرحونهم .. وتظهرون أنفسكم للأعداء وللعالم أجمع .. أنكم مشتتون .. مبعثرون .. ممزقون .. تائهون .. ضائعون .. حيارى .. سكارى .. لا تدرون ماذا تفعلون ؟؟؟!!!
إلى متى سيبقى سلاحكم الوحيد ضد أعدائكم .. السب والشتم واللعن فقط ؟؟؟!!!
وإلى متى سيبقى حبكم وترابطكم الوحيد مع أهلكم وأصحابكم ... السب والشتم واللعن فقط أيضاً ؟؟؟!!!
ألم تتعلموا في هذه الحياة الدنيا .. وفي المدارس الأسدية .. لغة أرقى .. وأنبل .. وأسمى ..من السب والشتم واللعن .. على الأعداء وعلى الأصحاب .. سواء ؟؟؟!!!
أف لكم من شعب .. تداعت .. وتكالبت عليه الأمم من كل مكان .. فلا يواجههم إلا بقذائف السب والشتم واللعن.. والتهديد والوعيد .. والزئير !!!..
أهذا منتهى علمه .. وهذا منتهى أدبه .. وهذا منتهى خلقه .. وهذا منتهى ثقافته !!!
ثم يشكون .. ويتأوهون .. ويصرخون .. لماذا لم ينتصروا حتى الآن ؟؟؟!!!
وكيف لهم أن ينتصروا .. وقلوبهم ملأى بالحقد .. والغل .. والبغض .. والكراهية .. لبعضهم البعض .. ويشتمون بعضهم البعض سراً وجهراً.. وعلانية وأمام الملأ أجمع ؟؟؟!!!
والمصيبة الكبرى .. والأدهى .. والأشد مرارة .. ولوعة .. وأسى !!!
أنه حتى الصالحون منهم .. والمجاهدون والمقاتلون .. والحاملون أرواحهم على أكفهم .. والمضحون بأنفسهم – إلا مارحم الله منهم - .. لا يتورعون .. ولا يتنزهون .. ولا يستنكفون .. ولا يتعففون عن سب وشتم ولعن المسلمين وغير المسلمين .. والأصدقاء والأعداء على السواء ...
علماً بأنه محظور شرعاً .. وديناً .. أن يلعن المسلمُ أي إنسان آخر بإسمه حتى ولو كان كافراً .. فكيف بلعن المسلم ؟؟؟!!!
فأنى .. ثم أنى .. لشعب هذه هي أخلاقه .. وهذه هي بضاعته .. وهذه هي ثقافته .. وهذه هي طباعه .. لم يُغير ولم يتغير – إلا قليلا – طوال 26 شهراً من القتل والذبح وسفك الدماء .. والتهجير والتدمير .. أن ينتصر على أعداء متلاحمين .. متكاتفين .. متعاونين ..متآزرين .. متوافقين .. متناغمين .. متعاضدين .. متراصين ..
بينما هو شذر مذر .. كل يوم تفوح روائح أحد الفاسدين .. المرتشين .. البائعين دينهم وضميرهم وأمتهم للشيطان وللسفاح لقاء دراهم معدودة ... وما خبر فساد سالم المسلط – أحد شيوخ القبائل السورية – عنكم ببعيد !!!
وتغيب عنه حقيقة أزلية .. أبدية .. قرآنية .. ربانية :
إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ الرعد آية 11
إن حديثي هذا ليس موجهاً إلى الدهماء .. والرعاع من الناس .. ولا إلى الحمقى والأغبياء .. ولا إلى المنافقين المتظاهرين بتأييد الثورة .. وهم ألد أعدائها ...
فهؤلاء أهون على الله وأتفه من أن يُهتم بهم ...
وإنما إلى العقلاء .. المتنورين .. الواعين .. المثقفين .. الحريصين على شعبهم وبلدهم .. والمخلصين الصادقين ..
متى .. ثم متى .. ستصبحون بشراً سوياً .. تطهرون ألسنتكم من الترهات .. والألفاظ النابية الدنية .. والكلمات الفاحشة القميئة .. البغية .. وتنظفون قلوبكم من الغل والحقد لبعضكم البعض .. وتحبون بعضكم البعض كما يحب أعداؤكم بعضهم البعض .. وتتعاونون على البر والتقوى .. وتقفون صفاً واحدا متلاحما متكاتفاً أمام صف الأعداء المتلاحم المتكاتف ؟؟؟!!!
وتركزون على الهدف الأسمى .. الأعلى .. الأوحد .. وهو تحرير سورية أولاً ..
ومتى ستكونون على قلب رجل واحد .. لترهبوا أعداء الله ويتحقق وعده :
إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَـٰبِرُونَ يَغْلِبُوا۟ مِا۟ئَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّا۟ئَةٌۭ يَغْلِبُوٓا۟ أَلْفًۭا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌۭ لَّا يَفْقَهُونَ الأنفال آية 65