مشروع الجزيرة .. العملاق الذي هوي
مشروع الجزيرة .. العملاق الذي هوي
سليمان عبد الله حمد
مشروع الجزيرة .. (سيرة الوجع) ذلك كان عنواناً للكاتب الدكتور البوني .. بعموده حاطب ليل الجزيرة سيرة الوجع .. تخيلوا بجرة قلم محا البوني تاريخ أعظم مشروع زراعي مروي عرفه التاريخ السوداني و الإفريقي وعرفه التاريخ العالمي كأكبر مشروع زارعي مروي تحت إدارة واحدة. و الشيء المحير حتى اللحظة لا ندري ما قصد إليه البوني من وراء ذلك الوصف القاتل و الذي حرق القلوب و مزّق الأحشاء و قطّع الأوردة و الشرايين قبل أن يزهق أرواح جميع العاملين.. الذين تشبّعوا بسيرة مشروع الجزيرة العظيم العطرة. و حول ما جاد به قلمه الحار... وحار جدا... من سيرة عن تاريخ مشروع الجزيرة العظيم؛ خصوصاً تحميل عمال المشروع ما لم يكونوا يحملونه.. وأنّهم كانوا عايشين في بحبوحة من الحياة الرغيدة و النغنغة. فحقيقة الأمر للعارفين و غير العارفين هم الضحايا الحقيقيين،، قبل المشروع، و هم ضحايا فئة قليلة جرتها أنانيتها و نزواتها الشيطانية نحو مصالحها الشخصية، لتكون تلك النهايات الأليمة للمشروع و العاملين.
لتظهر تبعات تلك النهايات واضحة و جلية الآن في الركود الاقتصادي القاتل الذي يغطي سماء ولاية الجزيرة عامة و مدينة ود مدني بصفة خاصة.. هنا أتقدم بسؤال للأستاذ البوني حول ما كان يوفره مشروع الجزيرة العظيم من حياة كريمة لإنسان الجزيرة و الولايات المجاورة: أما لمواطني و سكان ولاية الجزيرة حق على الدولة بتوفير فرص عمل شريفة لهم؟ و إن كانت الإجابة بنعم، فلماذا تحويل غالبية العاملين بالولاية من منتجين إلى عاطلين و متسكعين و من ثم متسولين و مشروع الجزيرة وجميع المصانع كانت الأمن و الأمان لذلك السواد الأعظم من أصحاب العطاء الوافر؟ مع العلم أنّ الدولة تمتلك ثلثي مساحة المشروع. و الدولة مسئولة عن جميع هؤلاء المواطنين كمسئوليتها عن شريحة المزارعين من رأى و عاش جميع حركات و سكنات المشروع ليس كمن سمع.. فأنا و غيري ممن أفنوا ثلاثة أرباع عمرهم إخلاصا في الخدمة بالمشروع لا و لن نندم على تلك الفترة الزمنية الطويلة، و التي بدأنها شباباً و خرجنا منها كهولاً.. خروجاً لم نكن راضين عنه إنّما كان بلي الأعناق، فأُجبرنا على تنفيذه. و من خلال تلك الفترة الزمنية الطويلة عاشرنا رجالاً قلّ أن يجود السودان بمثلهم. كانوا أنموذجاً من الإداريين.. النقيين الطاهرين العفيفين في أياديهم و ألسنتهم بكل ما تحمله كلمة أنموذج ، ولشدة حرصهم على المال العام كانوا لا يصرفون قلم الرصاص و لا قلم الحبر الجاف إلا بعد استلامهم للعهد القديمة، و تلك العهد تصدق أو لا تصدق. هي باقي قلم الرصاص أو قلم الحبر الجاف الفارغ ، و أقولها للشعب السوداني عامة وقد عملت بمعظم وحدات و مصالح المشروع و بقسم الماطوري بالغيط و باتحاد المزارعين، خدمة دامت لأكثر من 35 عاماً لا تصدقوا حديث صاحب عمود حاطب ليل.. فيا للعجب.. يكتب وكأنه مالي فمه و كلتا يديه بكل ثقات الدنيا... إنّ المشروع كانت خيراته تفيض على الدولة و كان ينعم به العاملون.. فنحن العاملون،، حيين و ميتين ما شفنا نغنغة،، فتمليك المنازل اشتريناها و خصمت من حقوقنا.. مع العلم بأن ّحقوقنا وبالرغم من إلغاء وظائفنا للأسف ليس فيها تعويضات. أنا وغيري من السواد الأعظم من عاملي المشروع لا بحبحنا ولا نغنغنا ولا ملكنا و لا أمسكنا.. الذين ملكوا ومسكوا ونغنغوا و بحبحوا موجودون الآن.. للأسف بعد ما عملوها رحلوا و بطريقة فجائية من دارهم ببركات وسط الطبقة العمالية إلى دارهم الجديد.. و عن ذلك الرحول دارت الأحاديث و ملأت المدينة لأنّه لم يكن رحولاً عادياً إنما تحوّل180 درجة من وسط عمالي إلى طبقة رأسمالية إلى عمارة من ثلاثة طوابق بحي المنيرة !!.و لحي المنيرة قصة طويلة ذلك الحي الارستقراطي تحول إلى حي القادة النقابين، و عن ذلك التغيير هناك أحاديث كثيرة عن الفساد و المفسدين..
اما الحوافز في مشروع الجزيرة،، زمان كانت تصدق من قبل الوزير بعد أن يرفعها إليه مجلس الإدارة، و لم تكن حوافز إنّما حافز واحد فقط و مرتبط بإنتاجية القطن، فإن تعدت الخمسة قنطارات في الفدان كان هنالك حافز، و إن لم تتعد فالجميع مقتنعون و تلك قسمة الله. إنّ الامتيازات التي كان يتمتع بها عاملو المشروع هي نفس تلك الامتيازات التي يتمتع بها جميع عمال السودان وهي عبارة عن سلفيات كانت للمنازل أو لشراء عربة، مع العلم أن تلك الامتيازات قد توقفت نهائياً منذ أكثر من خمسة عشر عاماً ، العاملون بمشروع الجزيرة ماتوا وقبروا فأرجو ألا تنقح طارهم لتشفي غليلك بصور مقلوبة ، قد لا تصدق أنّ المرحوم خلوتي نائب محافظ مشروع الجزيرة سابقا اتضح بعد وفاته أنه لم يكن يملك منزلاً يأوي أبناءه.. و أنّ أسرته رحلت من منزل المشروع إلى منزل نسيبه، تلك هي الصورة الحقيقية لعاملي المشروع والأمثلة كثيرة جداً، أما عن وصفك للمزارعين بأنّهم كانوا يعيشون عيشة الكفاف، وأنّ خيراتهم للدولة و لعاملي المشروع، فأقول أولاً اتقِ الله في العاملين.. لأن المدخلات التي تأتي عبر الدولة للمزارعين كانت عالية القيمة و تلك هي التي تخرج المزارع صفر اليدين، بالرغم من زراعة محصول القطن حسب الدورة الزراعية و الدولة كانت تتكفل بكل نفقات زراعته وما على المزارع غير الاجتهاد و التفاني و الإخلاص، زراعة القطن كانت تبدأ بتحضير الأراضي عبر مصلحة الهندسة الزراعية، و أسعار التحضير كانت بسعر التكلفة، المزارعون أنفسهم كانوا لا يقتنعون إلا بتحضيرات عمال الهندسة الزراعية الكادحين الغلابة و تلك بشهادة صلاح المرضي وجمال دفع الله. هؤلاء الكادحون كانت وجباتهم الأساسية العصيدة و الويكة، وفراشهم الأرض وغطاؤهم السماء، و محرومون من أسرهم، فزياراتهم لأسرهم كانت بالتناوب و ليومين فقط في الشهر.. فإن كانت تلك نغنغة و بحبحة فلك ألف حق. بعد تحضير الأراضي تأتي مسئولية تسليم التقاوي التي يتم تحضيره و تجهيزه عبر كادحين غلابة لا يعلم معاناتهم غير الله فهم عمال الإكثار. و قد تستمر ساعات عملهم إلى ما بعد منتصف الليل.. و الزراعة بالمشروع ليست مزارعين فقط إنما مناصفة بينهم و العاملين ليتجلى دور مفتش الغيط،، ذلك الزراعي المؤهل أكاديمياً و علمياً، والذي حكمت عليه الأقدار أن يذهب بعد تخرجه من الجامعة للغيط مباشرة بعيداً عن المدن و التي ينعم الآخرين ببهرجتها ونعيمها.. ليعيش ذلك المفتش المعاناة الحقيقية في تعليم أبنائه و علاجهم و أكلهم و شربهم في ظروف الكهرباء التي لا تأتيهم إلا لساعات.. بكل تلك المعاناة هم راضون و مقتنعون.. لقناعة في أنفسهم أنّ عطاءهم هذا يذهب لكافة أهل السودان،و العربة التي يستعملها مفتش الغيط الهدف منها ان تعينه في الطواف على ثلاثة أو أربعة آلاف فدان يومياً.. إذن فهي ليست بحبوحة آو نغنغة، و إذا سألت عن الجنود المجهولين و المسئولين عن متابعة صحة محصول القطن فهؤلاء هم رجال الوقاية و الذين ضمت كثيراً من القبور أجساد بعضهم ، بسبب أمراض السرطانات التي داهمتهم من جراء تعاملهم مع مبيدات الرش بحسن النية. الدولة كانت تصرف للمزارعين سلفية اسمها سلفية لقيط، و مع تلك السلفيات.. كانت المدارس و قادة السجون بمساجينهم و عاملو المشروع يشاركون في لقيط القطن.. و الهدف من تلك الصور التكافلية ألا تسقط لوزة قطن واحدة حتى لا يتضرر المزارع.. أما عن ترحيل القطن فهناك نقاط تجمع قريبة من الحواشات، خطوط السكة الحديد كانت تغطي جميع مساحات المشروع، و الهدف الأساسي من ترحيل الأقطان عبر السكة الحديد الجزيرة الضيقة هو المحافظة على جودة الأقطان و تقليل تكلفة الترحيل كي لا تكون عبئاً علي المزارعين، أمّا محالج المشروع فيكفي أن عمالها وبمجرد دخول الأقطان لساحاتها فعيونهم لا ترى النوم ولا تعرفه إلا بعد وصول تلك الأقطان لميناء بورتسودان ، العاملون بمشروع الجزيرة للحقيقة و التاريخ كانوا شركاء و ليس أجراء، و بالرغم من شراكتهم تلك إلا أنّه ما كان لهم سوى مرتباتهم الشهرية و التي عانوا فيها ما عانوا وقد وصل تأخير تلك المرتبات لثلاثة وأربعة شهور، و نسبة مرتباتهم مقارنة بميزانية المشروع كانت لا تتعدى الـ 12%. ليظهر على السطح من هم المنغنغين و المنعمين ، إنني اتفق معك قلبا و قالبا في أن الدمار الذي حصل بمشروع الجزيرة العظيم كان بسبب قلة قليلة، و أنه حصل في السنين العشرة الأخيرة من عمر المشروع، و بالرغم من صيحاتنا و التي لم تجد أذناً صاغية و كتابات الصحف التي لم تقف حتى الآن إلا أن الدولة لم تعر تلك الكلمات الصادقة اهتماماً، و ما شهدناه من استهتار و تلاعب أمام أعيننا بالمال العام و أصول المشروع الثابتة و المتحركة ...
و من صرف للحوافز بطريقة جنونية و شراهة و قد وصل عدد الحوافز لبعض المقربين والمنعمين في العام الواحد إلى عشرين حافزاً أو أكثر، و المستندات موجودة.. وجملة تلك الحوافز تسيل اللعاب فلو أنّ تصديق تلك الحوافز.. كان كما كان بالماضي تحت يد الوزير لاستحى هؤلاء المخربون أن يذهبوا للوزير مرتين لكن تلك مشيئة و قدر قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005 و التي قلصت سلطات الدولة نحو المشروع وعن تلك الفئة الضالة التي دمرت المشروع .. الموقف الآن أمام مسجل تنظيمات العمل بالسودان.. و إن لم نجد منه رداً يجعلنا نأتي بكل الحقوق الضائعة عبر قضاء السودان العادل، فالديمقراطية على الأبواب و الأدلة و المستندات، أخيرا أي مرشح يرفع شعار إعادة مشروع الجزيرة لسيرته الأولى اضمن له 3500 صوت...تلك أصوات مجزرة إلغاء الوظائف التي تمّت أخيراً بمشروع الجزيرة ناهيك عن أصوات اسرهم الذين أضرت و هوت بهم السياسات الخرقاء .
إن الثراء الجديد الذي يعشيه السودان منذ عشر العام 1999م بعد إنتاجه وتصديره للبترول قد إتضح الآن وإلي أن ينضب معينه خلال سنوات قليلة قادمة ستبقي عائداته هي مشروع إعاشة فقط لجهاز الحكم المتضخم ، حيث لا تتوفر عائدات منه إلي إحداث تنمية تجلب نقلة نوعية في حياة الشعب مثلما أحدثتها النقلة النفطية في حياة شعوب الخليج في خمس سنوات فقط . أو مثلما أحدث صادر القطن من نهضة سودانية طويلة المدي ، وقد ظل محصول القطن هو الذي يصنع السودان الحديث بكافة مرافقه رويدا رويدا منذ العام 1925م ، إذن نقول هنا بأن مشروع الجزيرة لم يكن في يوم من الأيام مشروع إعاشة للعاملين كما يدعي رئيس مجلسه في أحاديثه دوما وفقا لمعلومات خاطئة تأتي من أضابير وزارة المالية التي تقدمها للجهات المختصة بالرئاسة حول مبالغ الصرف علي المشروع دون تقديمها لبيانات عائدات صادر القطن حين كانت مساحاته الضخمة تزرع قطنا قبل الإنقاذ . وهو ما نسميه ( التلبيس ) في تقديم البيانات المضللة . فكيف يتم تقديم بيانات المصروفات ولا ترفق معها بيانات الإيرادات من المساحات الضخمة التي كانت تستزرع قطناً في زمان قريب مضي قبل تقليص مساحات زراعة القطن عمدا بسبب حرب الجنوب المهلكة وحاجة الحرب لعائدات بيع القطن سنويا ، حيث لم تكن تتوفر عملات صعبة كافية – بسبب الحرب - لإسترزاع المواسم الزراعية التالية بكافة مدخلاتها الزراعية من مبيدات وتحضير للأرض وصيانه للآلات والمحالج . وقد كان عبدالرحيم حمدي في زمانه إستوزاره بالمالية يصرح دوما أن تكلفة الحرب المهكلة بالجنوب وقد كانت تقدر بمليوني دولار يومياً ، هذه قد دفع ثمنها المواطن السوداني ، وهو يقصد تقليص الخدمات الصحية والتعليمية وسلع البطاقة التموينية المدعومة ذات الفكرة التعاونية الراقية التي كانت تجعل حياة المواطن متوازنة قبل ان تضربه الأزمة الإقتصادية الضاغطكة في مقتل مثلما نري الآن .
وهنا فإن يقيننا يقول ، بأنه سوف تنطلق بلادنا وتبلغ المجد في المجال الزراعي ، خاصة وأن مسألة بترول السودان بمنطقة ابيي باتت محل تساؤل في مستقبل إقتصاد البلاد كلها ، وبترول عدارييل سيتجه بكامله جنوبا إن أصبح إنفصال الجنوب واقعا أمامنا بعد عام واحد فقط ، ما يؤكد إمكانية توقف هذا المد التنموي الضخم الذي تنتظره بلادنا في مستقبلها القريب والبعيد المدي .
فبرغم كل الذي بات يشغل بال السلطة والشعب كله الآن فإن هذا الشعب يستحق بعد وقفته البطولية هذه وصبره علي كافة ألوان الضغوط الإقتصادية وغياب العديد من مكتسباته التي كان يرفل في نعمائها من تعليم مجاني وعلاج متوفر ومساكن رخيصة الكلفة وعمل يتوفر بجهد قليل ، إلي واقع مختلف جدا عن ما مضي ، حيث التمايز الطبقي الآن قد ضرب بقوة علي خاصرة غالب اهل السودان . نعم .. إنها لمعادلة صعبة ومخيفة العواقب ، فلا الأجهزة الضاغطة تستطيع وقف مد الغضب الجماهيري إن حدث ، ولا القوات ستحمي من يحاول إضاعة مكتسبات الجماهير الكادحة ، ولا حتي القوانين الأمنية المجازة من البرلمان تستطيع أن توقف رغبات تلك الجماهير إن أطبق الخناق المعيشي علي رقابها ، والتي حتما سوف تثور دون إذن من أحد ، وبلا تنظيمات سياسية محددة مثلما دلت التجارب في عصرنا الحديث.
لكل ذلك ، يجب أن نعيد النظر في العديد من القرارات العجلي التي أثرت علي كبري مشاريع بلادنا التاريخية .. وألا يصيب السلطة اليأس من الآمال المعلقة من مشروع الجزيرة الذي يظل هو ( فرمالة ) الإقتصاد السوداني حسب تعبير لعبة الكوتشينة المعروفة ، وهذا يستوجب عدم الإلتفات للذين ظلوا يزينون للسلطة الباطل ، حيث تسبب إنهيار مشروع الجزيرة في أضرار بالغة الكلفة للأجيال الحالية والقادمة علي السواء ، وأقعد العديد من العمالة الزراعية الموسمية القاطنة بقري المشروع عن العمل ، وهم سكان الكنابي علي إمتداد المشروع الواسع والذين يبلغ عددهم حوالي المليوني عامل زراعي بالجزيرة والمناقل ، حيث كان محصول القطن لوحده يأخذ منهم تسعة أشهر عمل في السنة الواحدة بكل خيرها ورزقها الموسمي . ما يضطرهم إلي النزوح في إتجاه الخرطوم قسراً .
إذن … لابد من أهمية إختيار لجنة عليا متخصصة من جديد مكونة من خبراء وعقلاء غير مؤدلجين للتخطيط لإعادة الحياة للجزيرة ، مع عدم الإلتفات لتهديد بعض الجهات بإتحاد المزارعين لتجنب نبش أو إعادة النظر في قانون 2005م الكئيب ، فهي جهات كرتونية ايضا لاتفيد الدولة أو الحزب الحاكم في شيء بقدر ماتسبب له الأذي والبعد من نبض الجماهير، فقد أصبح المشروع الذي يمتلك الأصول غالية الثمن .. معطلة بالكامل حسب الشرح أعلاه .. وذلك خوفاً من لعنة الأجيال القادمة التي لها كامل الملكية لهذا المشروع أرضاً وخزاناً وترعاً ومبان وورش ومخازن ومحالج وقطناً .. علماً بأن اللجان قد بدأت في تسعير بيع أراضي المحالج بمارنجان والحصاحصيا والباقير .. وقريباً جداً الورش والمخازن .. إلخ .
فكيف للدولة أن تنشيء وتمتلك مشروعاَ ضخما لتوليد الكهرباء وحفظ المياه كسد مروي الذي تبلغ كلفته المليارين من الدولارات تسددها الأجيال القادمة للصناديق الممولة وهو إنجاز تنموي وإقتصادي ضخم جداً ويستحق المفاخرة به دوماً .. وفي ذات الوقت تضحي ذات الدولة بمشروع الجزيرة والمناقل والذي تبلغ قيمة أصوله الثابتة من أراض ومبان وخزان سنار وترع وقنوات ري عديدة وآليات حوالي العشرين مليار من الدولارات لم تأت كمنحة من أحد أو تمويل آجل السداد .. بل مملوكة بالكامل لهذا الشعب الصامد .. فتأمل !!!!
وعندما تدرك السلطة الوطنية بكل جديتها وبعد إلتفاف الجماهير حول قرارها الوطني أهمية العودة العجلي للنهضة الزراعية .. فإن تلك النهضة يجب أن تبدأ دون مواربة أو لف ودوران بإعادة النظر لمشروع الجزيرة الجاهز والجريح في ذات الوقت ، وحينذاك سنعيد ترديد أغانينا العريقة ونعزف من دواخل قلوبنا كل أناشيدنا القديمة، ومن بينها ( بإسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني ... والحقول إشتعلت قمحا ووعداً وتمـــنّي )… وعند ذاك سوف تتـفتح ملايين الزهور في بلادنا .
وفي ختام هذه الحلقات التي تعطي ملامح لمشوار هذا المشروع العملاق الذي هوي ، لابد لنا منذ ذكر تلك الكوكبة من رجالات مجالس الإدارة بالمشروع ومن المحاظفين السابقين والمديرين من الذين كانوا يعضون بالنواجذ علي تنمية قدرات المشروع الذي كان يعتمد عليه شعب السودان كله ، من أمثال الأماجد المتجردين الذين لم يعطوا بالا للفكر السياسي وهم : مكي عباس ومكاوي سليمان أكرت وميرغني الأمين الحاج وحسن متوكل وكمال عقباوي والصادق بدري وعباس عبدالماجد أبوعلي وحسن عبدالله هاشم وعبدالعظيم محمد حسين وعبدالله الزبير ونصر الدين محمد نصر الدين وعز الدين عمر المكي ، وكذلك جيل الزراعيين والمهندسين والإداريين البررة من أمثال : محمد العوام نمر ، وصالح محمد صالح وعمر الكارب ، وإمام حاج عمر ، وعبدالله إمام ، وإبراهيم علام ،
وعبدالله كرار ، ونور الهدي ، والزين الشفيع ، وعباس عبادي ، وعبدالمجيد عبدالرحيم ، وعلي عبدالله عقارب ، ومفتي ، ومحمود محمد علي ، وإبراهيم عمر الأمين ، وعوض الكريم سنادة ، وأحمد إبراهيم خلوتي ، والخير حمور ، وآدم عبدالله ، ومحمد عمر أحمد ، وعبدالله دبورة والزعيم محمد عباس وحسن بابكر محمود وعبدالله الحاج بابكر وأمين عبدالله الفكي وغيرهم من العمال البررة في أقسام المحاريث ، والورش والمحالج والغيط ، وكواكب الزراعيين الذين مكثوا لعشرات السنين داخل الغيط في الأرياف البعيدة عن المدن وأضوائها وتحملوا مشاق أمراض البعوض والتايافويد .
كما أنه لابد من ذكر رجالات إتحاد المزارعين الأماجد الذين كانوا العضد والعون في تطور المشروع دون أن يخلطوا الفكر السياسي بالعمل الزراعي أيضاً من أمثال : أحمد بابكر الإزيرق ، ومحمد عبدالله الوالي ، والنور النعيم ، والأمين محمد الأمين ،وعبدالله برقاوي ، ويوسف أحمد مصطفي ، وعبدالرحيم أبو سنينه ، والعبيد بدر ، والأمين أحمد الفكي ، وغيرهم وغيرهم . ..... وأبدا ماهنت يا مشروعنا يوما علينا !!! للحكاية بقية .. ومن رأي ليس كمن سمع !!! ...