يا ثوار الشام الأدب نصف العلم لا أعلم

إن أحد أسباب تطور المجتمعات الغربية كونها مجتمعات تخصصية, ومن أخلاق الغربيين والتي أوصلهم تطور الحضارة ومتابعة إعمال الفكر إليها هو عدم الخوض فيما لا يعلمون والثقة الكاملة فيمن يعلمون . إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول "نصف العلم لا أعلم" . ايتوني برجل واحد من الثورة يقول لا أعلم ؟ حتى أكثر الأشخاص جهلا وانعدام خبرة في السياسة والحياة وتلبد دماغ, لن يقول لك لا أعلم بل الكل يعلم والكل يرد على من يعلم وبترفع واستخفاف, وبعضهم والله لا يحمل شهادة ولا يحسن كتابة,إن أمير المومنين علي قال الناس ثلاثة عالم ومتعلم وهمج رعاع . فالعالم يعلم أن العلم لا يحيط به إلا نبي ونصفه لا أعلم فهو لا يكل عن التعلم وطلب العلم مظانّه والتثبت مما علم وهذا المتعلم إنما يتعلم من العالم ويتأدب بآداب المتعلم معه ويعلم أن علومه ظنية فيرد أمره إلى العالم ويتشاور معه ولا يكل في طلب العلم وهو في كل يعلم أن نصف العلم لا أعلم, أما الثالث فهو في غنى عن كل هذا ولا يعلم أن نصف العلم لا أعلم فهو يعتقد أنه قد أحاط بما أحاط به الرسل من العلم كله, وهو مع ذلك عصبي حزبي تابع لأهل الشهرة ومن أظهرتهم شاشة الجزيرة أو العربية ممن قدمته له "كواليس الدبلوماسية".فتراه في مواقفه المتلبدة كدماغه يؤثر الدفاع عن رجل بتضييع حق أمته كلها وينصر لحية واحدة بنتف لحى كثيرة .وقديما قال المسيح عليه السلام "من ثمارهم يعرفون" وهو لا يتفطن حتى لهذه الحقيقة الساذجة بل هم يُعرفون عنده لأنهم معروفون في الإعلام ولأنهم أُريد لهم أن يكونوا معروفين فهو أبدا ينظر إلى الهياكل ولا يرى قط آثارهم في النوازل, إن من أبسط الأمور التي يدركها كل أحد أن دور السياسي هو رؤية الآفاق و العمل على تجاوز العقبات والتنبؤ بالقادمات وهذا المبدأ أصيل في تعاليم الإسلام منذ عهد عمر حين علم من حوله طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم "الحمد لله الذي جعل في أمتي ....قومني"ا 

 إن الرجل إذا تبوأ المناصب التي تتعلق بها مصلحة الأمة مما تعم بها البلوى لا يبقى حكمه حكم فرد عادي لأن عمله لا يرجع ضرره عليه أو على فرد أو مجموعة قليلة من الناس إن حكم العامل لأمة لا يغتفر فيه ما يغتفر في حكم العامل لنفسه .فحكم هذا يقدم فيه الظن فلا يهمل بل يتتبع ويدرس فإن قامت دلائل على قيام تهمة وقرائن شبهة حكم عليه بما لم نحكم به على الفرد فيما لو اتحدت التهمة فلا أقل من تنحيته وتقديم الاحتياط للأمة. فليس في ديننا "أيقونات" مقدسة وإنما يقدس الإنسان عمله عند ربه ثم تحترمه بذلك أمته وتقدر له عمله

 ولكم أن تتخيلوا كيف كان حالنا لو أن المعارضة من أول طالبت بالضربات الجوية كليبيا وخاصة إثر انتصار الثوار في ليبيا عوضا عن لهثهم خلف سراب الحوار ولا قوة لهم لحمل النظام عليه ثم إن هو قبل فلا ثقل لهم بفرض أي شروط مقبولة عليه .فلو أن المعارضة طالبت دول العالم وقبلت دعوات أمريكا وزارتها ومن هناك طالبت بالضربات الجوية وبالسلاح وبتأمين الكيميائي الذي سماه أحدهم فزاعة!. وأقنعت بعد الشرح والتواصل مع الرأي العام الغرب أن تعجيل الحسم وإسقاط النظام فيه كل الخير للجميع ففيه حماية المدنيين وفيه وأد الحرب الأهلية لأن القصاص العادل سيسكن النفوس الثائرة وفيه كبح جماح التطرف وفيه الاصطلاح مع الغرب وفيه وفيه ... فلو أن الغرب لم يستجب لمطالبه أتتخيلون اليوم موقفنا كثورة منه اليوم يكفينا أن نقول بملء أفواهنا وفي كل مرة أن الشريك في قتل السوريين وفي مجزرة بابا عمرو والقصير والخالدية والرستن والدير وداريا و ...والفضل هم الغرب فقد دعوناهم وطالباهم علنا جهارا ولم يفعلوا شيئا ... ولكن أنى لمن غلّف التعصب قلبه وسرى في دماغه أن يدرك أن فلانا أو فلانا ما جيء به إلا لإتمام مخطط غربي خبيث ولتطوير نظرية الغرب عن الحرب الرابعة وهي "أكره عدوك على تبني سياستك" فبفضل معارضتنا تم تطوير هذه الحرب برأي إلى الحرب الخامسة وهي"أقنع عدوك-مادام جاهلا ساذجا- بتبني سياستك" وهكذا يفعلون...ولا حول ولا قوة إلا بالله