على خلفية زيارة مرسي لروسيا

نعظك أن تكون من النادمين !!

احمد هاشم العاصي

[email protected]

يروى أن رجلاً كان بينه وبين قوم عداوة ، وبينما كان يمشي في أحد الطرقات أحاط به أعدائه وانهالوا عليه ضرباً بالعصي ، وهو ساكت لا يصرخ ولا يصيح ، وبينما هو على هذه الحالة مر أحد أصدقائه وبيده وردة ، ولكنه بدل أن ينجده ويخرجه من بين يديهم، هوى بها على صديقه ، فصاح صديقه بأعلى صوته وهو يقول له : لقد ذبحتني ، قال له صديقه : كل هذه العصي ولم تصرخ منها ، ووردتي ذبحتك ، أجابه : هؤلاء أعداء لم أكن أتوقع منهم سوى الشر والأذى ، أما أنت فقد كان أملي بك كبيراً يا صديقي ، وكنت أتوقع أن تكون عوناً لي ، ومنقذاً لي  مما أنا فيه ، ولذا فقد كان موقفك وتصرفك المشين ، أشد مضاضة على النفس من ضرب عشرات العصي التي تلقيتها من عدوي .

وهذا ما فعله الرئيس مرسي ، رئيس دولة مصر العربية ، وأول رئيس شرعي منتخب من قبل شعبه ، بعد ثورة قامت ضد الظلم والعدوان ولوقف الفساد والقتل والإجرام ؛ إذ ذبح الثورة السورية عشرات المرات ، بعد أن وصل من خلال دماء أبنائها إلى سدة الحكم في مصر ، وكان شعاره " لن أقابل أحداً من داعمي الأسد ، حتى يعلن موقفاً واضحاً يعتذر فيه للشعب السوري " ، ولكنه بعد الوصول إلى كرسي الحكم نكث العهود وأخل بالمواثيق ، فقابل الممثل عن السفير الإيراني في القاهرة ، وزار طهران لحضور مؤتمر " دول عدم الانحياز " ، واستقبل نجاد في مؤتمر " الدول الإسلامية " ، ورفض قراراً يمنع السفن الإيرانية من العبور عبر قناة السويس ،  التي ما زالت تمخر عباب القناة وهي تحمل الآلاف الأطنان من الأسلحة  إلى الأسد ، وعلى متنها ألاف المقاتلين الذين يرسلون للمشاركة في ذبح الشعب السوري .

وليس هذا فحسب ، بل رأينا الرئيس مرسي يشرع في زيارات مكوكية ، واحدة تلو الأخرى إلى الصين وروسيا وإيران ، والعودة مجدداً إلى روسيا الأسبوع المنصرم ، ليؤكد من هناك –  ابن الثورة المصرية – أن موقفه متفق بالكلية مع الموقف الروسي في حل الأزمة السورية ، وأنه مستعد لفتح أبوابه للأسطول الروسي يتجول بحرية في البحر الأبيض ، وروسيا وما أدراك ما روسيا هي التي عطلت ثلاث مرات قراراً أممياً قد كان من شأنه أن يفضي إلى وقف إبادة الشعب السوري ، وروسيا هي التي لا زالت ترسل السلاح تباعاً إلى الأسد ، وسط سكوت العالم وتواطؤ منه .

وأبشع من هذا كله ، إصرار الرئيس مرسي على التأكيد على أن إيران يجب أن تكون جزءً من الحل  ، بعد أن وضعها قسراً في المجموعة الرباعية لحل الأزمة السورية ، على اعتبار أنها جزء من المشكلة ، والتي أكد عليها مجدداً في لقائه الأخير مع الجزيرة  ،  مؤكداً أنه حاول إقناع إيران أن توقف دعمها للأسد ، ولكنها لم تفعل ، مما يؤكد تفنيد نظرية – ابن الثورة – التي ذهب فيها إلى أن الذي هو جزء من المشكلة ينبغي أن يكون جزء من الحل، على اعتبار – بداهةً –  أنه ليس من العقل أن يكون الخصم هو الحكم .

سيادة الرئيس الثوري ؛ لن نطالبك أن تعود إلى دينك وعروبتك وأخلاقك ، فنحن نعلم أنك لن تفعل وترسل الجيوش إلى سوريا لنصرة الشعب السوري المباد ، كما تفعل إيران وترسل جيوشها لنصرة المجرم الأسد ، فأنت لن تجرؤ – نعلم ذلك – ولكن ندعوك أقلها أن تكف لسانك ، ويدك ، عن المسارعة في التقرب إلى هؤلاء مخافة أن تصيبك دائرة  ، لأن ربك آتي بالفتح – بإذن الله –  أو أمر من عنده ، فنعظك بعدها أن تصبح من النادمين !!