ماذا كسبنا من ثورة سوريا المباركة

ماذا كسبنا من ثورة سوريا المباركة

وماذا خسرنا

غرناطة عبد الله الطنطاوي

[email protected]

كسرنا حاجز الخوف الذي عشش في أذهاننا أكثر من أربعة عقود مضت..

ولكن الخوف قد سيطر على قلوب أطفالنا، وسرق من عيونهم النوم..

أطفالنا صاروا رجالاً قبل أن يبلغوا الحُلُم..

 ولكننا دفعنا ثمناً غالياً من دمائنا الزكية..

لنتذكر أننا  كسبنا شرف الشهادة دفاعاً عن وطن رزح ردحاً من الزمن تحت العبودية

كنّا نمشي على استحياء وخوف من أمنٍ قد يسحب الأمن من تحت أقدامنا

فصرنا نصرخ بعلو الصوت عن كرامة مستباحة وحرية مخنوقة

كنّا نحترم رجالاً ونطأطئ الرأس لهم

فإذا هم ليسوا بالرجال، قد باعوا آخرتهم بدنياهم

وباعوا العرض والشرف بدريهمات معدودة

كنّا نأنف من أُناس لا قيمة مادية لهم، فإذا هم من خيرة البشر وأصدقهم وأشجعهم

قد قسمت هذه الثورة الناس إلى فسطاطين لا ثالث لهما

فاللون الرمادي لا أبجدية له في قاموس ثورتنا

الرجل المحايد ليس رمادياً، بل أسود القلب والقالب

ينتظر كفة الميزان كي يميل معها

سرقوا أعراضنا للقضاء على ثورتنا

فكسبنا احترامنا لأنفسنا

لأن أعراضنا قد اُنتهكت منذ عقود ونحن قعود

والآن قدمنا دماءنا رخيصة لأعراضنا

ولوطنٍ أغلى من مهجة قلوبنا

صارت بلادنا قاعاً صفصفاً..

لنتذكر أنه ما أُسس على باطل فهو باطل، وقد جاء الوقت كي نبني بلادنا على أسس متينة

كسبنا أصدقاء جدداً تسري في عروقهم دماء حرة طاهرة..

ولكننا فقدنا أبي وأمي وعمي وخالي أخي وأختي

إنهم رُزقوا الشهادة التي هي مطمح كل مسلم أبيّ..

لكننا دفنّاهم في قبور مجهولة..

عند الله ليس هناك مجهول أبداً.

فقدنا لمّة العائلة كل مساء..

لأنه ليس هناك سعادة تدوم ولا حزن يبقى..

حقاً لقد أبعدتني الحياة عن طريق ربي...

فجاءت هذه الثورة المباركة فأيقظتني من غفوتي..

أنستنا الحياة أن فيها تعباً وكدراً إلى جانب السعادة والحبور..

فجاءت هذه الثورة العظيمة وجسّدت لنا معاني الصبر والتصبّر على البلاء..

أدّينا فروض الله علينا من صلاة وزكاة وحج وصوم، ونسينا ركناً أساسياً في ديننا الحنيف، ألا وهو ركن الجهاد في سبيل الله..

ركنّا إلى الدعّة والراحة..

ونسينا أن أعداء الإسلام والإنسانية لم يركنوا لحظة واحدة للكيد لنا..

صرنا خبراً عاجلاً على فضائيات تسترزق

فكسبنا شهرة طبقت الآفاق

ورفعنا الرأس عالياُ قائلين:

أنا سوري وكفى بسوريتي مجداً وسؤدداً.....