السفر بَرْلك السوري الجديد
السفر بَرْلك السوري الجديد
بدر الدين حسن قربي /سوريا
من يتابع مسيرة الشيخين البوطي وحسّون مع نظام الأسد والدٍ وولد، يدرك خطورتهما معاً في تسويغ فاشيّة هذا النظام وفساده بطريقة من الطرق لعشرات من السنين، ويُدرك أسباب محاربة الاثنين للثورة السورية بكل قوتهما بما لايقل تأثيراً عن أحدٍ من أكبر مجرمي النظام المتوحش، فكان حسّون في ميدان التصريحات واللقاءات، والثاني في الدرس والخطابة.
ومن ثمّ فلم يكن غريباً قول البوطي في إحدى خطبه: إني أعتقد أنه ليس في العالم كله بلد تُطبّق الإسلام بحقيقته وجوهره وتعاليمه الكريمة وتسامحه، كما تطبقه اليوم الدولة السورية بارك الله بقيادتها وشعبها. كما لم يكن غريباً امتداحه لجيش نظامٍ يقتل شعبه ويشرّده ويهجّره في حرب لامثيل لها في تاريخ العالم، فيقول فيه: جيشنا القائم ولله الحمد على تنفيذ ما ينبغي أن يُنفَّذ، وإننا لنخجل من الله أن نكون جالسين في بيوتنا ننظر إلى جهود هؤلاء الأبطال ونحن جالسون لا نفعل شيئاً. واللهِ ليس بين أفراد هذا الجيش وبين أن يكونوا في رتبة أصحاب رسول الله إلا أن يَرْعَوا حق الله في أنفسهم وأن يُقْبِلوا إلى الله وهم تائبون. وكذلك، لم يكن غريباً أن يدعو السوريين في خطبة الجمعة الأخيرة من شباط الماضي للجهاد خلف أميرهم بشار الأسد، التي بدت وكأنها دعوة لدعم نظام بشار الجزّار في قتل السوريين وسفك دمهم، وإلا فعن أي جهادٍ يتحدث فضيلة الشيخ، والأمير وأبو الأمير لم يطلقا طلقة واحدة خلال أربعين عاماً تجاه محتلي أرضنا ومغتصبيها.
جديد الأحداث السورية وارتفاع حدتها في توالي ضربات المعارضة المسلحة على قوات النظام وشبيحته في مواقع كثيرة خصوصاً منها العاصمة دمشق، وسقوط مدينة الرقة واحتجاز مديري أجهزتها الأمنية ومحافظها مع سقوط دراماتيكي شهده العالم على الفضائيات لواحد من أكبر تماثيل الأسد الأب في سوريا، أحدث فيما ظهر للناس ضربة نوعية في جسد النظام المتداعي والآيل إلى السقوط، والتي بدا أثرها بالاستنفار الديني غير المسبوق لشيخَي النظام وأبواقه الآخرين.
فقد دعا الشيخ البوطي في خطبة الجمعة الماضية السوريين للاستنفار والنفير العام ليكونوا مع جيش بشار الأسد في الدفاع المزعوم عن سوريا. ثم رَدِفَه في الكلام في اليوم التالي وئام وهاب يتوعدنا بنصف مليون احتياط من الإيرانيين قادمين من نواحي شتّى للدفاع عن أرض المقاومة والممانعة (نظام بشار). ثم تلاه بيان المفتي حسون يدعو السوريين إلى الجهاد باعتباره بات فرض عين على جميع السوريين وكل الدول العربية والإسلامية.
ومن الخطبة إلى التصريح والنداء، ومع بدء قنوات التلفزيون الرسمي على وقع فتوى الجهاد فرض عين، مرحلة إعلامها الجهادي في استخدام أساليب تنظيم القاعدة في نشر آيات القرآن، والأناشيد الإسلامية والرسائل المحرّضة على الجهاد ضد المعارضة، فإن المسألة لاتعدو التغطية على شبيحة موجودين مسبقاً وبأشكال شتّى، وعلى جديدهم القادم من إيران وحزب الله للمساعدة في إنقاذ نظام دمويٍ يتداعى مع آخر أدواته، وتبشّر السوريين بسفر برلك جديد، مسؤولوه مشايخ سلطة يرون مصلحتهم في الدفاع عنها وحمايتها من شعبها الثائر، يلتقطون فيه الطلاب من جامعاتهم ومدارسهم بحجية فتاويهم وفرْضية دجلهم، ممّا يذكّرنا بسفر برلك قبل مئة عام، كان يُلتقط فيه الشباب بالجملة ودون استثناء من الشوارع والطرقات ويؤخذون عنوة إلى ساحات الموت وهم ينظرون، ممن لم يرجع منهم إلا القليل القليل.
فياأيها السورييون..!! احذروا سفر برلك مافيا الأسد، محمولاً على مقولات ونداءات تستّرت بالدين، يزجيها إلينا مشايخ عملوا لسنين طويلة على مساندة نظام قامع فاسد مستبد مجرم، وهم اليوم يُلقون حبالَ سحرهم أطواقَ نجاة إليه، وأفاعٍ للناس يريدون لها أن تسحر أعينهم على رقص فتاويهم وخداع عمائمهم. وإنما ليس بعيدٍ سيجدون أن عصا ثورة السوريين ثعبان مبين، تلقف كيدهم وإفكهم وفتاويهم، وأن بحرها الهادر ينشق كالطَّود العظيم، يبتعلهم ويذهب بهم إلى سواء الجحيم، وهم يتنادَون فيما بينهم فرعوناً طاغياً وشيخاً دجّالاً، وتاجراً أفّاكاً وشبّيحاً مجرماً، ولهم فيها شهيق وزفير، وينادُون فيها وإنما بعد فوات الآوان، آمنّا برب السوريين وثورتهم.