لا بأس أن نختلف حول تشكيل الحكومة
عقاب يحيى
طيب أن تتباين الآراء، وأن تختلف في أمر مهم : تشكيل حكومة مؤقتة .. بين من يراها ضرورة واجبة التنفيذ حالاً، ومن يعتقد أن الوقت مبكر على ذلك..وأن وضع الإئتلاف أضعف من تحمل مسؤولية من هذا العيار .
الأسباب وجيهة في الحالين، لأن لكل صاحب وجهة نظر ما يعتقده الأصوب والأفضل .
ـ المتحمسون للحكومة يؤكذون أنه حان الوقت لتجسيد مرتسمات الدولة الجديدة على الأرض، والتكفل بالمناطق المحررة، وقطع الطريق على محاولات التفاوض المفروض، وما يقال عن حكومة انتقالية بين النظام والمعارضة.. يجري العمل على تسويقها دولياً . أي دون الالتزام بالحد الأدنى لشروط المعارضة : تنحية رأس النظام وكبار رموزه كمدخل لإطلاق عملية حل سياسي حقيقي. أي مفاوضات غير مشروطة..وما يقال عن أنها ستكون حكومة مطلقة الصلاحيات، وبضمانات دولية ..
ـ الروس مازالوا يصرون على استمرار القاتل حتى العام 2014، وعلى الدخول في مفاوضات سياسية دون شروط، وأن الشروط قد تأتي عبر المفاوضات ..وأنصار هيئة التنسيق موافقون على الفكرة، ويعتقدون أن كلمة/ مطلقة الصلاحيات/ تعني حكومة كاملة الحقوق، وستتولى مهام الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية، وأن الضمانات الدولية كفيلة بتجسيد ذلك ..وأن الأهم : تفكيك الأجهزة الأمنية التي يعني مجرد الشروع فيها نهاية حتمية للنظام ...
ـ المشككون، وأنا منهم، وعلى فرض وضع شروط المعارضة بتنحية القتاتل وكبار رموز نظامه جانباً، وهذا غير ممكن، يؤكدون أن كلمة: مطلقة الصلاحية فضفاضة إلى الدرجة التي يقدر فيها نظام الطغمة بخبثه وخبراته الأمنية، وعدم إيمانه بأي حل سياسي من تجويفها تماماً، والمطمطة في المفاوضات حتى التمييع.. الذي يعطيه أوراقاً جديدة، ناهيك على أن " الضمانات الدولية" تبقى عامة، وبعيدة عن ميدان قدرة الطغمة على تلغيم ونحر أي مشروع . عدا عنه لا يمكن وبعد نهر الدماء والتضحيات.. وتقدّم الثورة في الميدان..وبعد كل الموبقات التي ارتكبتها الطغمة.. اعتبار ماجرى عادياً، والجلوس مع المجرم للتفاوض معه، أو مع ينوب عنه.. إذ أن التمسك بالشروط الدنيا في تنحية رأس النظام وكبار رموزه يجب أن يبقى المدخل ـ الثابت لأي عملية سياسية..
ـ من جهتي، وأثناء التصويت على فكرة الحكومة كنت من الذين وافقوا عليها، رغم أن أوضاع الإئتلاف لم تصل إلى مستوى القدرة على تحمل أعباء بهذا المستوى، خاصة وأنه ما يزال يعاني فقدان الانسجام داخله، والعمل بروحية الفريق، وما زال بعيداً عن المأسسة والعمل الجماعي.. مما يعني نوعاً من الهروب للأمام، أو الخلف، وربما رمي هذا الاستحقاق في معمعمة التجريب..المحفوف بكل المخاطر .ناهيك عن مستلزمات الحكومة في الاعتراف الرسمي بها دولياً، وفي دعمها مالياً .
ـ الأخوة في قيادة الكتلة الوطنية الديمقراطية التي أترأس هيئتها التنفيذية، وأمثلها في الإئتلاف، يعارضون فكرة تشكيل الحكومة، ويرون فيها مأزقاً جديداً سيثقل الإئتلاف بأعباء لن يكون قادراً على حملها، وسنوخ أكثر فأكثر..لذلك هم يميلون إلى تشكيل سلطة تنفيذية يمكن أن تتطور مع التجربة إلى حكومة مؤقتة تنتزع الاعتراف العربي والدولي بها .. وهو ما يدعوني للالتزام بقرار الكتلة.. عند التصويت القادم على تشكيل الحكومة .
ـ هذه التفاعلات عادية، ويجب النظر إليها على هذه الخلفية. أما الدخول في مهاترات الاختلاف، واتهامات التخوين..لمن مع وضد.. فهذا أمر لا يليق بمستوى المسؤولية المناطة بأعضاء الإئتلاف، ويجب الابتعاد عنه كي نمارس الديمقراطية فعلاً، والتي ألف بائها أن نحترم عقول بعضنا، وتقديرات، ومعطيات كل شخص، بغض النظر عن القرب والبعد عمّا نعتقده صواباً.. وإلا سندخل في عملية تمزيق وتشظي..