عباءة الدم والأشلاء والتدمير

الطاهر إبراهيم

مجموعة نكرات من الأردن الشقيق، بعد أن فشلوا في أن يجدوا لهم دورا مع الموالاة الأردنية، ولفظتهم التيارات المعارضة. فلم يجدوا غير أجساد ضحايا القمع الأسدي يمشون فوقها ليصلوا إلى من أمر بتمزيق أشلاء تلك الأجساد. كما لم يرق لهم إلا أعراض النساء السوريات ينسجون منها عباءة يلقونها على كتف بشار أسد، تعبيرا عن امتنانهم من دوره في إفلات قطعان شبيحته تهتك أعراض الحرائر السوريات. وهاهو محامي الشيطان "سميح خريس" يقف مع الوفد قائلا: "الأهل في الأردن حمّلوني هذه العباءة، لنقول للرئيس بشار أنت الرائد". "خريس" لم يكمل ما كان يتوجب عليه قوله: "بشار أنت الرائد في ذبح أطفال السوريين ونسائهم وهتك أعراضهم".

إنه لأمر مخز أن يكون هناك في العروبيين من يتجاهل دور بشار أسد، ومن قبله دور والده المؤسس ، في حماية حدود إسرائيل على مدى أكثر من أربعين عاما. إذا كان هذا الوفد أراد أن يطمس الحقائق المكتوبة في ملاحق معاهدة فك الارتباط بين سورية وإسرائيل عام 1974، حيث أبقى حافظ أسد ومن بعده بشار أسد المعاهدة طي أدراج المكتب، فإن الممارسة على الأرض تفضح ما كان مخبئا في الأدراج:

فقد عاشت هضبة الجولان على عهد حافظ أسد وعهد بشار أسد أهدأَ أيامها منذ قيام دولة يهود في عام 1948، فلم تطلق رصاصة واحدة عبر الحدود انسجاما مع ملاحق معاهدة 1974.أحد هذه الملاحق يمنع الدبابات السورية أن تسير على جنازيرها على مسافة20 كيلومترا من حدود وقف إطلاق النار، فإذا تطلب الأمر إصلاحها تحمل على حاملة الدبابات. فمن أول يوم للثورة في سورية أغمضت إسرائيل عينها عندما تحركت الدبابات السورية في مناطق درعا ومعظمها يقع ضمن هامش ال20 كيلو مترا. لم يحرك جيش إسرائيل ساكنا، فقد أعطى بشار أسد ضوءا أخضر، فحرك الدبابات لقتل السوريين.

هذه الأريحية "القومجية" تلبست فجأة أعضاء الوفد، فتنبهوا إلى أن بشار أسد حامي حمى دولة الممانعة والمقاومة يتعرض لضغوط دولية لإيقاف المجازر التي تحصد مئات السوريين يوميا، فهبوا لنصرة بشار أسد، ولم يوجع ضمائرَهم ما يتعرض له إخوانهم السوريون من قتل وتجويع وتهجير، ولم يخدش غيرتهم ما تتعرض له أخواتهم السوريات من هتك للأعراض، ولم يضعوا أنفسهم مكان السوريين الذين تغتصب زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم.

ونظرا لكثرة المصاهرة بين الأردنيين والسوريين، فليس بعيدا أن تكون أخت واحد من هؤلاء الوفد متزوجة في سورية، وربما يكون شبيحة بشار قد اغتصبوها. لطفك يا رب!

 

للأمانة والتاريخ فإن معظم أعضاء الوفد هؤلاء هم من جناح حزب البعث القوميين الذين أطلق عليهم حافظ أسد  بعد انقلاب شباط عام 1966: "اليمين العفن". ويوم أعلن موتُ اللواء "صلاح جديد" في سجن المزة العسكري عام 1993 بعد اعتقال دام 23 عاما حيث سجنه فيه حافظ أسد عام 1970، فأصدروا نعيا في صحف أردنية يبكون فيه صلاح جديد، كتبوا فيه:( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر). ومعروف أن حافظ أسد غدر برفيق دربه صلاح جديد، فاعتقله وألقاه في السجن في انقلاب الحركة التصحيحية في 16 تشرين ثاني عام 1970. بذلك يكون بشار عدوا لصلاح جديد الذي نعاه رفاق هؤلاء بذلك النعي. وهاهم اليوم يباركونه وهو يقتل ويعتقل وكانوا قبلا أعداء أبيه عندما مات صلاح جديد.

وللأمانة والتاريخ، فإن معظم أعضاء الوفد هؤلاء كانوا من البعثيين القوميين الذين بكوا الزعيم العراقي "صدام حسين"، عندما شنقه "نوري المالكي" حليف بشار أسد الذي يتمسحون به اليوم، ولما تجف بعد تربة صدام حسين في تكريت.

أفراد هذا الوفد مهزومون من الداخل حين يصفقون لكبيرهم سميح خريس وهو يلبس بشار أسد العباءة قائلا "أستأذنك أن ترتدي هذه العباءة العربية، عربية العروبة، وعربية الأمة، وعربية الهدف". فأين بشار أسد من العروبة وهو يذبح الشعب العربي في سورية؟ وأين بشار أسد من العروبة وقد ترك شبيحته تنتهك أعراض النساء العربيات في سورية؟ وهل بشار أسد من العروبة في شيء وهو ينفذ في بلاد الشام مخطط إيران الفارسية؟ وها هو أحد آيات الضلال "مهدي طائب" يعتبر سورية هي المحافظة الإيرانية رقم 35، وهو يتكلم بلسان المرشد "علي خامنئي".

وكما ابتدأنا القول بأن هؤلاء لم يستطيعوا أن يكونوا من الموالاة في الأردن. كما أن المعارضة لا تقبل أن تضم أمثال هؤلاء المنهزمين من الداخل، فقد أحبوا أن يصنعوا شيئا، ففعلوا كما فعل  عميان أحد البلدات في أحد الدول العربية؛ إذ تظاهروا أمام مبنى المحافظة. أطل المحافظ على المتظاهرين وسألهم ماذا تريدون؟ قال زعيمهم نريد أن تضيئوا لنا الكهرباء أثناء النهار. قال ولماذا تريدونها مضاءة في النهار؟ قالوا نريد المساواة مع المبصرين. انتهت المظاهرة بتعيين زعيم العميان عضوا في مجلس المحافظة عن العميان. أنا لا أعرف "سميح خريس" هذا. وهل هو أعمى البصر؟  لكنه قطعا، ومؤكد أنه أعمى البصيرة!!!