رسائل المفتي حسون للعالم

معتز فيصل

طلع علينا الإعلامي بن جدو بمقابلة لمدة ساعة كاملة مع مفتي الأسد "حسون" أتحفنا خلالها بكلام لا بداية له ولا نهاية، ولكنها كانت من وجهة نظرهم رسائل موجهة إلى عدة جهات ومدروسة تماما، وكان دور بن جدو توجيه الكلام وضبطه وتحديد مسارات الحوار.

طبعا تضمنت المقابلة تقارير مصورة عن الحسون وعن سوريا الصمود وعن الأسد. وتضمنت كذلك فاصلاً تمثيلياً قام به الحسون بتصنع البكاء من شدة التأثر (وهو بالمناسبة ممثل قدير يصلح أن يُستخدم في الدراما السورية)، كما تضمنت خطبة إنشائية عصماء للسيد بن جدو، أبى إلا أن يتحفنا بها ليظهر لمن يدفعون له من طهران إمكنياته الأدبية والفنية والإعلامية.

الرسالة الأولى: كانت هناك أخطاء في الماضي حاول الرئيس إصلاحها ولكنهم أبوا إلا أن تتحول إلى معركة. مع اللمز والغمز في الربيع العربي أنه فقط ظاهراً من أجل الديمقراطية أما في حقيقته فهو تخريب الأمة العربية ودمارها. لم يجرؤ الحسون أن يضع اللوم على الأسد أو المقربين منه عندما سأله المذيع: من المسؤول؟ ولكنه أكد على أن كل الأخطاء كانت من السلطة التنفيذية فحسب يعني الوزارات.

الرسالة الثانية للإخوان المسلمين: يذكرهم فيها أنهم عرضوا عليه الانضمام إليهم عام 1973 ولكنهم طلبوا منه ألا يخبر أباه! فكان رده: كيف أخون والدي؟ ثم يوجه الكلام مباشرة لعلي البيانوني ويذكره كيف عاد عبد الفتاح أبو غدة إلى سوريا، وبعدها كلام مباشر للأستاذ عصام العطار، يذكر فيه كيف عرض عليه العودة إلى سوريا والمشاركة في بنائها.

الرسالة الثالثة إلى الملك عبد الله بن عبد العزيز: أنه أرسل إليه وإلى ثلاثين عالما ومفتيا رسائل لكي يقدموا إلى سوريا ويصلحوا بين الأطراف المتنازعة. ويخاطب الملك عبد الله بقوله: أنتم الكبار فعليكم أن ترسلوا وفداً للإصلاح بين السلطة والمعارضة" ولم يأته جواب.

فاصل درامي يحكي فيه كيف هدم وحرق مسجد حلب الكبير وكم كان حزنه كبيراً. وكيف قتلوا ولده سارية وكيف أن الجامع لم يحرق من قبل خلال أربعين سنة من حكم الأسد فلماذا يحرقه الأسد الآن؟ "استهبال"

الرسالة الرابعة، إلى علي البيانوني يتهمه فيها تلميحاً بالكذب حيث يذكر أنه أرسل إليه رسالة مع أخيه الدكتور أبي الفتح البيانوني، ويذكره فيها أن المسلم لا يكذب، مشيراً إلى قصة وفاة الشيخ إبراهيم السلقيني مفتي حلب وأنها كانت وفاة طبيعية في المنزل بوجود ابنة أخ السيد  علي البيانوني، فكيف يقولون إن المخابرات قتلته؟

الرسالة الخامسة لأردوغان: كيف التقى به قبل الثورة بسنتين وكيف كان يمدح الرئيس، ثم انقلب فجأة وهو متفاجئ بموقفه جداً، ويتهمه بسرقة معامل حلب وفتح الحدود أمام المخربين. ثم يقول: "أنتم الذين يجب أن تضبطوا الحدود الشمالية لأن جنودنا يحمون الجبهة الجنوبية مع إسرائيل ولا يمكننا نقلهم إلى الشمال، ولو نقلناهم لقامت إسرائيل بضربنا" (لا تستغربوا فالاستحمار ليس له حدود).

الرسالة السادسة لخالد أبي صلاح وأمثاله: يقول عنهم: أين الإعلاميون الذين أشعلوا النار ثم هربوا خارج سوريا؟

الرسالة السابعة لعلماء الإسلام المؤيدين للثورة وخاصة القرضاوي: وهنا يقول أنا لا أشتم ولا أحرض فأنا مؤدب. ولكنه يقول كلاماً أكبر من أي شتيمة وأكبر من أي تحريض. يخاطب القرضاوي قائلاً: في خطبة الجمعة الأولى تذكر مصر وتحرض على الحوار بين المتخاصمين، وفي الخطبة الثانية تذكر سوريا وتحرض عل القتل فيها، مالفرق بين البلدين؟ ثم يذكره كيف مدح الرئيس بشار بعد أن التقاه في العام 2006.

الرسالة الثامنة إلى اتحاد علماء المسلمين: شكلوا وفدا وتعالوا لتصلحوا بين الناس بدل خطب الفتنة والتجييش الطائفي والمذهبي، كما يقول إنهم عرضوا عليه الإنشقاق وحاولوا إغرائه بالمال ولكنه رفض فهو يفضل أن يستشهد في بلده.

ثم يعطينا درساً في التوحيد بين المذاهب وكيفية التوفيق بين الإمامة والخلافة  وكيف أن الحرب العراقية الإيرانية لم تكن طائفية. يختمه بأن الحل المثالي أن يكون هناك خليفة يحكم وإمام يدير الشؤون الدينية كما هو الجاري حالياً في إيران. يقول: "رئيس الجمهورية هو الحاكم أي الخليفة، والخامنئي هو الإمام وهو المصدر التشريعي الروحي يوجه السلطة التنفيذية ولا يتدخل في شؤونها!" (ممكن لأحد أن يشرح لي ما معنى يوجه السلطة التنفيذية ويشرع لها ولكنه لا يتدخل في شؤونها؟).

الرسالة التاسع للسلفية: يقول لقد كفروا الشيخ عبد الفتاح  أبو غدة واتهموه بأنه أشعري.

متفرقات:

لا كرامة للإنسان في كل الدول إلا في سوريا!

أبواب سوريا مفتوحة أمام الجميع ولكنهم هم من أغلقوها على أنفسهم!

في سوريا أمان كامل يدخل من يدخل ويخرج من يخرج بدون أي مسائلة!

لبنان كان مقسماً حين دخله السوريون، وصار موحداً عندما خرجوا منه!

الرئيس سبق الجميع بمبادرته وهي الأعظم والأوضح والأفضل!

لن يتنحى الأسد ودعوا الشعب يقرر! ولو علم أن في تنحيه سلامة سوريا لطلب هو بنفسه أن يتنحى!

قد يظن البعض أن أمثال هؤلاء لا يستحقون الرد، ولكنني أعتقد أنه من العمل الإعلامي والسياسي في هذه الأيام الرد على هؤلاء وعلى نفس المستوى من الانتشار والوسائل الإعلامية لأن معركتنا أيضاً معركة إعلامية سياسية وعلينا أن نكسبها في كل المجالات.