كثيرة مصاعبنا.. ولكن ماذا عن وضع الطغمة ؟؟...
كثيرة مصاعبنا..
ولكن ماذا عن وضع الطغمة ؟؟...
عقاب يحيى
في الأشهر الأخيرة، على الخصوص، ازداد منسوب النقد لواقع الثورة على الأرض، وتركز كثيره على الظواهر السلبية للعمل المسلح، ولظاهرات خارجة عن مألوف الثورة وقيمها وغاياتها، وانتشرت القصص عن فلتان، ولصوصية، وخطف، وقتل بالمجان، وعن التطرف وحجمه وموقعه من الدولة الديمقراطية، ورفض ذلك، والإمارة الإسلامية، والمحاكم الشرعية، وسيوف البتر التي يشهرها البعض.. وعديد من ظواهر فاقعة في الإغاثة، وفي ولادة الأغنياء الجدد الذين يمتصون الدماء، ويلعقون روح الثورة، والشهداء كي يجمعوا المال الحرام، ويصبحوا اثرياء فاحشين لا يحرمون ولا يحللون..
ـ عن مجاميع لا أحد يعرف كيف تشكلت، ومن يمولها ويقف خلفها.. وتلك الفوضى في تعدد الكتائب، والبرامج، والعمليات المسلحة التي لا تضخع إلى خطة موحدة، أو استراتيجية مدروسة..
ـ عديدة السلبيات.. ومعظمها طبيعي عند وعي الظروف التدرجية التي أحاطت بالثورة ومسارها، وجملة الأيدي والأصابع التي تتدخل وتلعب، ومستوى العنف الذي يمارس على الشعب وتداعياته.. وقابلية ردود الفعل للتخصيب..
ـ البعض ما يزال يتحدث عن خطف وسرقة الثورة، أو انحرافها عن جذرها : المدني ـ السلمي، فيدين العَسكرة من موقع النخبوي الجالس في أرائك التنظير، ويتحدجث البعض عن انزياحات في الحاضنة الشعبية، وخوف بعضها، وتماسك قاعدة النظام، وبقاء الكتلة الصامتة على صمتها ..
ـ وتأتي تركيبة المعارضة وحالها . سجالاتها وفرقعاتها. خطبها وتناقضاتها، سيل الاتهامات والادعاءات . التخوين وأحادية المواقف والنظرة.. لتزيد الطين بلة اثقالاً تريد إشاعة جو من اليأس المطبق، وتعميمه فيما يشبه الانفضاض.. وترك الثورة أكثر يتماً مما هي عليه ..
لكن ..
****
لكن في الطرف الآخر : الطغمة وأوضاعها، وهو ما يجب أن نعيه وندرسه ونراه بكل واقعية كي نبني تصوراتنا، ونطلق أحكامنا..
ـ الطغمة المجرمة أوغلت أكثر في إجرامها ودمويتها، وهذا دليل عميق على أزمتها، وفشلها في تحقيق أهدافها، وهي اليوم تحارب بكل الأسلحة المتوفرة لديها، ومعها حلافائها الذين يمدونها بالسلاح والعتاد وحتى بالرجال ..
ـ والطغمة تعاني انهيارات داخلية يمكن رصدها في منسوب صمود قطعانها، وحالة القطعات العسكرية التي تزجها، وهروبها في كثير من الأحيان، وقتالها المنهك، والمتقطع، والمهزوم داخليا، ويمكن تلمس ذلك حتى في اجهزتها الأمنية، وفي القاعدة الشعبية التي تستند إليها، والتي تعيش قنوطاً وسواداً لقادم الأيام ومآلاته .
ـ الطغمة تلجأ إلى تشكيل المليشيات من الأكثر التزاماً بها، بما فيهم النسوة، وهذا يعني ان كل القوى العسكرية التي تعمل بأوامرها لم تعد كافية، أو أنها غير قادرة على تحقيق المراد منها .
ـ وهي فشلت في جرّ الثورة والبلاد لحرب طائفية تمنتها وسعت إليها بكل الممارسات والتجييش والتفظيع. صيحح أن هناك ممارسات مرفوضة بصبغة الانتقام والثأر والقصاص ورد الفعل، لكنها تظل في حدود ضيقة، حيث لم تهاجم قوى الثورة أيّاً من قرى وأماكن سكن " المكونات المذهبية"، خاصة التابعة للطائفة العلوية..
ـ الطغمة تنزل بها خسائر كبيرة تتجاوز البشر والعتاد إلى الجانب النفسي، حيث أن ما يقرب العامان من حرب دموية لم تحقق أي نصر، وهذا يعني أزمة داخلية كبيرة يدركها العسكري قبل المدني، وتخيّم آثارها على قطعانه ومؤيديه .
ـ والأهم أنها لم تحقق نصراً منذ زمن طويل، وخاصة بعد الخطاب الحربجي للقاتل بشار.. الذي وعد بالنصر المؤزر، والذي يدفع بكل قواه لإحراز شيء مهم، يستعيد به بعض المناطق المحررة.. وهو الذي لم يحدث . على العكس، ورغم كثافة النيران واتلقصف، واستخدام معظم أسلحته الثقيلة، وتقدماته الجزئية في بعض المناطق الصغيرة.. إلا أن داريا ما زالت صامدة، وهي عنوان لغيرها من المناطق المستبسلة والمقاومة والمحررة ..
ـ الطغمة مفلسة سياسياً وعسكرياً، وهذه حقيقة.. ونهايتها تتفاعل داخل أركانها بقوة حتى لو كان الجعير هو الغطاء الكبير..
***
في حساب الثورة، والميزان..وبرغم الصعوبات، والسلبيات..تتقدم الثورة، وتنتشر أكثر فأكثر، وهي تدعو أبناءها وأنصارها لمساعدتها كي تتغلب على أوجاعها الداخلية أولا، ومدّ يد العون الفعلي لها..بما في ذلك التوحد، ورصّ الصفوف، والبعد عن التنابذ والسجالات، والتحرك السياسي الهادف الذي يخدمها ويقدم لها اللازم .
ـ الثورة ستنتصر، وسيسقط نظام الطغمة.. لا شك بذلك ..