إشراك روسيا في سوريا
ديفيد إغناتيوس يكتب في "واشنطن بوست":
إشراك روسيا في سوريا
ديفيد إغناتيوس، مدير جلسات الحوار في ميونخ
ميونخ - سوريا هي أحد أصعب وأخطر الأزمات في العالم. لكن ظهرت على هامش مؤتمر ميونخ للأمن فكرتين قد تؤدّيان إلى لعب روسيا دوراً أكثر إيجابية في حلّ هذه الأزمة، بدلاً من أن تظلّ عائقاً.
لم تثمر أيّ من هذه المبادرات نتائج إيجابية حتّى الآن، ولا زال الوضع يبدو كأنّه - للأسف - حرب حتّى الموت. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في حديثه في المؤتمر، ظلّ مصمّماً على التّشاؤم - وأكّد معارضة روسيا لأي إزالةٍ قسريّةٍ للرئيس السوري الأسد.
ولكن لننظر للحظة إلى الأفكار الجديدة، بدلاً من التّعنُّت القديم:
- اقترح نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال لقائه الخاص مع لافروف، أنّ تعمل الولايات المتّحدة وروسيا معاً لتأمين سيطرةٍ آمنة على الأسلحة الكيميائية لسوريا، في حال توجّب سقوط نظام الأسد.
فكرة التعاون الأمريكي الروسي لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل تُمَثّل أحد أكثر الجهود المشتركة إيجابيةً بعد نهاية الحرب الباردة، عندما عملت الدولتان معاً للحفاظ على الترسانة النووية السوفييتية القديمة من الوقوع في أيدي الآخرين. كان ذلك التّعاون يعرف ببرنامج نان لوغار للحدّ من التّهديد، الّذي حمل اسم عضو مجلس الشيوخ سام نون وريتشارد لوغار، الّذين أوجداه عام 1992.
في الحالة السورية، إنّ جهداً مشتركاً لتأمين الأسلحة الكيميائية قد يعطي روسيا ضمانةً لدورها في مستقبل أمن واستقرار سوريا والمنطقة. هذا قد يقلّل أيضاً الخطر من وقوع هذه الأسلحة في أيدي المجموعات الجهادية، مثل جبهة النّصرة المرتبطة بالقاعدة.
- كرّر رئيس الائتلاف الوطني السوري الشيخ معاذ الخطيب ليلة الجمعة في ميونخ استعداده للقاء ممثّلين مقبولين من نظام الأسد، "لخفيف معاناة الشعب السوري". كان الخطيب قد قدّم الاقتراح بداية الأسبوع الماضي، وقوبل بالانتقاد من قبل أعضاء آخرين أكثر تشدّداً في المعارضة. كان استعداده لإعادة طرحه، خلال حلقة نقاش أدرتُها هُنا (في ميونخ) ليلة الجمعة، مُؤشراً إيجابياً. كما رحّب المبعوث الدّولي الخاص للأمم المتحدة - الّذي كان موجوداً في الجلسة - بتصريحاته.
أكثرُ تشجيعاً كان ردُّ لافروف السّبت، بعد اجتماعه مع الخطيب بشكلٍ خاص. حيث وصف استعداد زعيم المعارضة السورية للنّظر في مناقشات مع ممثلي النظام بـ"الخطوة المهمّة" وقال إنّ روسيا كانت مستعدّةً لمواصلة العمل مع المعارضة لتسهيل المحادثات. المعارضة عليها أنّ تقرّر الآن مَن مِن نظام الأسد لديه ما يكفي من "الأيدي النّظيفة" ليكون شريكاً في المفاوضات. عملية الفصل هذه بين "القابل" و"غير القابل" للمصالحة من عناصر النّظام هي خطوة أساسية في أي مفاوضات على انتقال سياسي.
بصراحة، لا توجد طريقةٌ جيدة للخروج من الأزمة السورية دون مساعدةٍ روسية. وقد كتبت منذ أشهر أنّ المهمّة غير المحتملة للبعثة الدبلوماسية الأمريكية ينبغي أن تكون لمحاولة كسب جائزة نوبل للسلام للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن استطاع التوسّط لإنهاء الصراع السوري. هذه تسديدةٌ بعيدة، للتأكُّد. ولكن كان من الجيّد سماع فكرتين جديدتين يكون الدّور الروسي إيجابياً من خلالهما، بدلاً من تشجيع استمرار الدّمار.