رسالة من ثائر محاصر داخل حمص القديمة

عبر البريد

أيها السادة الكرام:

حمص في 17-01-2013

إليكم أطيب التحيات من ثائر محاصر داخل حمص القديمة

نرسل إليكم رسالتنا هذه ونحن بأعلى معنويات وأنا لا أتكلم عن نفسي بل أعطي صورة عن أهل حمص ووضعها… فأهل حمص في تفاؤل وأمل وثقة عالية بالله. ولكن بالتوازي مع هذا فهم على حذر شديد فالإرهاصات تنبئ بمكر كبير وعال من قبل النظام ونيته بإقامة دولة علوية, فلا بد والحال هذه من رفع مؤشرات الإنذار واستشعار الخطر إلى أقصى الدرجات. وخاصة أن هناك دلائل تفيد ببدء وضع اللمسات الأخيرة على هذا المخطط وإليكم بعض الدلائل القديمة والحديثة على ما ذكرت

1. دليل تاريخي بمحاولة النظام توطين العلويين في مناطق المسيحيين في حمص وخاصة بعد التفريغ الطوعي للمسيحيين من القرى وتشجيعهم على الهجرة, والدليل قالوه أجدادنا قبلا عن ألسنة أجداد النظام وبذلك العبارات التي يرددونها..

(عيني وعين الشيخ صالح وزيدل صارت ضيعتنا)

(وبكره مناخد فيروزة وحمص مربط خيل سيدنا)

(مع العلم أن زيدل وفيروزة بلدتان مسيحيتان معظم سكانهما من المهاجرين القدامى ومعظمهم في أمريكا)

إضافة إلى خلق مستوطنات بدأت بأحياء ومنازل عشوائية تم فيما بعد تنظيمها لتدخل في المخطط التنظيمي الحالي للمدينة, أماكن هذه المستوطنات محمية بقطع عسكرية ومراكز أمنية يتم استخدامها اليوم لقصف أحياء المدينة الأخرى وحماية هذه المستوطنات.

أما التهجير البطيء والتشجيع على الهجرة فهو أمر يعمل عليه النظام منذ أكثر من خمسين عاماً وشمل كل السوريين (عدا العلويين) من مختلف الطوائف حيث يوجد اليوم أكثر من 22 مليون سوري مغترب يعيش خارج سوريا مما رفع من نسبة العلويين المقيمين في سوريا إلى أكثر من 13% من تعداد السكان.

2- لقد قضموا أراضينا سابقاً (كما فعل من قبلهم عبد الناصر) بحجة الإقطاع وقانون الإصلاح الزراعي ودقوا إسفين الفرقة بين المدينة والريف والذي ما زالت آثاره ماثلة إلى الآن, كما وسرقوا معاملنا بحجة التأميم وسرقوا بيوتنا ومحلاتنا التجارية وأراضينا أيضا بقانون الإيجار الجائر (حيث أن الساكن لا يزاح, والأرض لمن يعمل بها).

3- محاولة تغيير ومحو معالم حمص القديمة بما تحتويه من إرث تاريخي يعود لآلاف السنين, تجلى ذلك باستملاك العديد من الأحياء القديمة وهدمها لإقامة مجمعات حكومية (كما حدث في حي الأربعين), وكذلك عمل النظام جاهداً على أن يقضم ويهضم مقابرنا التي عمرها أربعة عشر قرناً وسرق آثارنا وغير من معالم حمص ما استطاع وذلك ليستأصل جذورنا المتأصلة فيها. وكذلك كان يخطط لاقتطاع جزء آخر من مركز المدينة, فقبل الثورة بسنة واحدة قام محافظ حمص السابق “إياد غزال” بدراسة مشروع تهجير (وهو ما يسمى بمشروع حلم حمص) الذي كان يهدف إلى التغيير الديموغرافي والاجتماعي للمدينة, ولكن الله سلم وقوض أحلامهم بالثورة المجيدة.

4- كلمات تخرج من أعيانهم ومثقفيهم إلينا منذ بداية الثورة كقولهم: كفانا نقتل بعضنا منذ ثلاثين سنة فتعالوا نقسم سوريا ونحن نأخذ الساحل مع حمص وأنتم ابحثوا لكم عن مكان آخر وارحلوا إليه. وهم يعملون على ذلك من أول الثورة ولكن على أنه الخيار الأخير.

5- الخيار الأخير وصل إليه النظام أو أوشك أن يصل إليه وهو خيار التقسيم وإقامة الدويلة العلوية والتي تشمل كامل الساحل السوري وترتبط جنوباً بمنطقة جبل محسن (شمال لبنان) وشمالاً بأنطاكيا (في تركيا) ذات الأغلبية العلوية وعمقها من الشرق كامل محافظة حمص وجزء من ريف حماة وسهل الغاب لما تحتويه هذه المناطق من قرى علوية, ومحاولة الامتداد المستقبلي شرقاً للوصول إلى العراق عن طريق البادية من أجل ضمان تنفيذ الهلال الشيعي.

6- لذلك أرى أن النظام إذا انكسر في حلب ودمشق وادلب وبقية المناطق وهو في طريقه الى ذلك ان شاء الله سينكفئ الى حمص ويتمترس فيها, وتمترسه في حمص يعني تمكنه من واسطة العقد في سوريا, فيقطع الطريق بين حلب ودمشق وتتقطع بذلك أوصال سوريا.

7- ما يثبت صحة هذا المخطط هو المجازر البشعة والقصف الوحشي والتي أدت لعمليات التهجير القسري من أحياء عديدة في حمص بدءاً من بابا عمرو مروراً بحمص القديمة والخالدية وانتهاءً (أو ربما لم تنتهِ) بدير بعلبة, شملت 700.000 شخص من السنة والمسيحيين (حيث يعتقد بتهجير 70% من سكان حمص المسيحيين) والتركمان والشركس على حد سواء نزحوا إلى المدن والقرى المجاورة وإلى بعض أحياء حمص التي ما زالت هادئة نوعاً ما, ورافق ذلك محاولة محو التراث الحمصي بتدمير تام للمدينة الأثرية بكنائسها ومساجدها وأسواقها وقصورها في محاولة لمحو تاريخ يعود لآلاف السنين.

8- تداعي أنصار النظام الطائفيين إلى حمل السلاح وذلك رجالاً ونساءً وكل من يقدر على حمل السلاح منهم دون الخامسة والأربعين سنة.

9- تسليح الأحياء العلوية بالسلاح الثقيل من قبل ومن بعد وقاموا بالتذخير في الآونة الأخيرة بشكل كبير.

10- صرنا نشاهد على الحواجز انحسار لعناصر الجيش وتزايد عناصر الشبيحة بشكل أكبر.

11- استفراس واستشراس الشبيحة على الأهالي.

12- ازدياد الاعتقالات باضطراد كبير حتى صار كل شاب في سن السابعة عشرة والخامسة والأربعين مطلوب للاعتقالات, وما خفي داخل السجون كان أعظم.

13- دفع الناس اليوم إلى السفر بالترغيب والترهيب والتضييق الشديد. ليفرغوا البلد من أهلها ما استطاعوا. لذلك هنا أقول أن أهل حمص كلهم في رباط فالنظام يرغمهم على الهجرة تارة بالاعتقالات وتارة بالقصف والطيران و.. و.. و.. السيارات المفخخة والكيماوي ولكن هيهات هيهات أن نترك أرضنا

أما حال حمص على الأرض اليوم فهو على النحو التالي:

أستطيع أن أقول أن المدينة مقسمة إلى أربعة أقسام.

1- قسم يسكنه العلويون والشيعة وهي مناطق الأرمن والزهراء والعباسية من الناحية الشرقية, وأحياء النزهة وعكرمة ووادي الذهب من الناحية الجنوبية وهي تشكل 25% من المدينة وهذه بطبيعة الحال بيد النظام

2- مناطق مهجرة كلياً وهي المتاخمة مباشرة لأحياء العلويين واستخدمها مبدئيا كمنطقة عازلة بينه وبين أحياء السنة وهي فعليا بيد النظام وتشكل 25%

3- منطقة حمص المحاصرة وهي حمص القديمة التي كانت من 50 سنة يوم استلم النظام الحكم وتشكل 25%

4- مناطق آمنة وهي كرم الشامي – المحطة – الميدان – الحمراء- الانشاءات- الوعر وفعليا هذه المناطق غير آمنة فالنظام يدخل عليها وبخرج بدون حاضر أو دستور ويعتقل فيها من يشاء وكل حي فيها مفصول عن الآخر بحواجز إذ للحي كله مدخل واحد ومخرج واحد وهذه المناطق برأيي أن النظام في اللحظة التي تناسبه يستطيع أن يهجرها بساعة واحدة وهو يمكر لهذا الموضوع وسيعمل عليه ان استطاع.

مما سبق نخلص أن النظام قد حقق في حمص ثلاثة أرباع خطته وبقي عنده المرحلة النهائية.

ولتنفيذ خطته التي رسمها منذ اليوم الأول والتي يمكرون لها فقد قام بحصار المدينة على ثلاثة أطواق:

1- الطوق الأول: وهو حول المدينة القديمة والتي يحاول اختراقها منذ أكثر من مائتي يوم والشباب يدافعون عنها بكل بسالة. أما هذا الطوق فهو محكم بشكل كبير جداً

2- الطوق الثاني: وهو يلتف حول المناطق الآمنة والمحاصرة والمهجرة ومناطق سكن العلويين.

3- الطوق الثالث: ويشكل المدينة مع الريف, بشكل أنه إذا فك الطوق الأول وقعنا في حصار الطوق الثاني وسيكون أشد وأنكى من الطوق الأول. وإذا فككنا الطوق الأول والثاني وقعنا في حصار الطوق الثالث.

المرحلة الأخيرة بدأ النظام بتنفيذها منذ أيام قليلة بإحضار قوات عسكرية كبيرة جداً من طرطوس وسيبدأ فوراً محاولة اقتحام الأحياء المحاصرة والسيطرة التامة على كامل المدينة وتحصين مواقعه في شمال حمص لرد هجمات الثوار المحتملة.

المنطق يقول بأن هذه الدويلة لا يمكن لها أن تستمر فليس لديها مقومات الدولة, لكننا نقول بأن المثل القريب منا والماثل أمامنا ما هو إلا إسرائيل التي نشأت واستمرت بالقوة وهي أهم دولة في المنطقة بدون أن تتمتع بمقومات الدولة…..

اعتراف الأردن مؤخراً بالائتلاف الوطني, وتحذير الناطق باسم الأمم المتحدة الذي قال منذ أسابيع قليلة بأن الوضع في سوريا يمثل حرب أهلية, والاستماتة من قبل روسيا في دعم النظام وعدم اعترافها بجرائمه, والكم الهائل من القطع البحرية الحربية أمام سواحل طرطوس……. كل هذه مؤشرات على احتمال إرسال قوات فصل دولية تدخل من الأردن وترسل إلى المناطق المتاخمة للدولة العلوية من أجل الحماية المزعومة للمدنيين لمنع نشوب حرب أهلية والمقصود هنا اشتعال المعارك في حمص وهجوم الثوار على الأحياء العلوية والتي قام الثوار بتحييدها حتى الآن وضبط النفس إزاء استهدافها مع أنها مصدر القصف وتحصن قوات النظام, وبهذا تقوم هذه القوات الدولية بترسيخ حدود الدويلة العلوية.

أقول أن حمص في خطر داهم وإن هي ذهبت لا سمح الله فعودتها صعبة وستكون كلفتها وفاتورتها عالية وأعلى مما نتصور, فالنجدة النجـدة والغوث الغوث يا أهل النخوة والمروءة.