مفاوضات سرية مع الأسد بقيادة موسكو وطهران لإخراجه من سورية
مفاوضات سرية مع الأسد
بقيادة موسكو وطهران لإخراجه من سورية
باسل محمد
تسارعت التحركات السياسية بالتزامن مع تسارع التطورات الميدانية على الأرض في سورية مع اقتراب اندلاع معركة دمشق الكبرى وتصاعد المخاوف بشأن لجوء النظام الى استعمال السلاح الكيماوي للدفاع عن القصر الجمهوري ومطار دمشق الدولي.
وكشف قيادي بارز في ائتلاف "دولة القانون" برئاسة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ل¯"السياسة", امس, ان المفاوضات بدأت بالفعل مع الرئيس بشار الأسد لتأمين خروج آمن له ولعائلته من سورية, وان شخصيات مهمة من العراق وايران وجنوب افريقيا وروسيا والجزائر تشارك بسرية في هذا الحوار الذي يحتاج إلى بعض الترتيبات الحيوية.
وقال القيادي المقرب من المالكي ان الحوار من أجل رحيل الأسد يتمحور حول نقاط عدة أبرزها:
- توقيت خروج الأسد والطريقة التي يمكن ان يتنازل فيها عن السلطة: هناك رأيان, الأول يؤيد رحيل الاسد عن سورية من دون أي مقدمات أو إشارات أو ترتيبات, والثاني يرى انه يجب على الاسد ان يخرج إلى العلن عبر التلفزيون السوري الرسمي ويعلن انه ينسحب من السلطة وانه يفوض شخصية أخرى تولي زمام الامور في البلاد.
- ظروف رحيل الاسد عن السلطة: هناك أيضاً رأيان, الأول يرى ان رحيله يجب ان يسبق معركة دمشق الكبرى وربما يراهن اصحاب هذا الرأي على ان قوات الاسد يمكنها ان تسحق المعارضة السورية المسلحة, والثاني يعتبر أنه إذا بدأت معركة دمشق الكبرى وبدت الأمور على الارض لصالح الثوار السوريين فعلى الاسد ان يتنحى فوراً ويخرج من دمشق باتجاه مدينة اللاذقية او طرطوس ومن هناك يعلن خروجه من سورية, لكن أصحاب هذا الموقف يعتقدون انه في حال اشتدت معركة دمشق فإن لا أحد يضمن عدم توجه المسلحين الى هاتين المدينتين كما جرى مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي, كما أن الأسد إذا خسر معركة دمشق سيطلبه المجتمع الدولي للمحاكمة, أي ان موقفه سيكون ضعيفاً للغاية.
- البلد المرشح لخروج الأسد إليه: وهناك أكثر من رأي, فالمطروح موسكو أو طهران أو بريتوريا أو الأرجنتين أو البرازيل أو فنزويلا أو روسيا البيضاء, ولم يستقر المشاركون في المفاوضات على رأي محدد بعد.
- دور الجيش السوري: يرى المشاركون في الحوار من العراق وروسيا وإيران وجنوب افريقيا والجزائر ان على الاسد قبل رحيله ان يفوض قيادات مقبولة في وزارة الدفاع تولي زمام السلطة على أن تقوم بوضع ترتيبات ميدانية لوقف القتال وترشيح شخصية وطنية لتولي رئاسة حكومة انتقالية.
ويمثل إعطاء دور بارز للجيش بعد رحيل الأسد مطلباً للغرب والكثير من الدول لضمان السيطرة على مواقع السلاح الكيماوي وبقية الاسلحة الستراتيجية الحيوية التي بحوزة الجيش, وبالتالي يمكن للدول الكبرى ترتيب اجراء حوارات بين قيادات الجيش السوري النظامي من القادة الذين لم يتورطوا بأي اعمال عدائية ضد السوريين وبين قيادات في الجيش السوري الحر لتحقيق هدفين: وقف القتال فوراً وإدارة الملف الامني بشكل مشترك لحين ايجاد تسوية سياسية كاملة لسورية ما بعد الأسد.
وبحسب القيادي في ائتلاف المالكي, فإن هناك قناعة لدى القيادات في موسكو وبغداد وطهران والجزائر وبريتوريا ان فكرة بقاء الأسد ضمن المرحلة الانتقالية باتت غير مقبولة, بعدما كانت صالحة ربما في وقت سابق, ولذلك توجد مصالح حيوية لهذه الدول من رحيل الاسد بهذا التوقيت, مشروطة بمنح الجيش السوري الدور الأبرز في الفترة التي تلي رحيل الاسد, لأن هذا الدور ربما يقنع هذه الدول بالمحافظة على بعض مصالحها في سورية مابعد الأسد.
واشار القيادي العراقي الشيعي إلى وجود انقسام في القيادة الايرانية بين فريق يؤيد انتقال الاسد الى مدينة اللاذقية الساحلية وتحصين قواته هناك ونقل الاسلحة المهمة إليها منها السلاح الكيماوي ثم التفاوض مع المجتمع الدولي والمعارضة من موقع قوي لأن لديه اسلحة فتاكة الى جانب الدعم القوي من البحرية العسكرية الايرانية والروسية في ميناء طرطوس, وبين فريق يعتقد أن خروج الاسد من سورية بشكل نهائي من خلال ترتيبات تشرف عليها ايران وبقية الحلفاء هو أفضل الخيارات لأن ذلك سيجنب هذه الدول اي مواجهة محتملة مع الدول الغربية ومع قوات المعارضة السورية المسلحة التي لن تترك الاسد ينعم بالراحة والسلطة في اللاذقية أو غيرها من المدن الساحلية, وبالتالي ستكون ايران وغيرها مضطرة لخوض جولة جديدة من الحرب في سورية.
ورأى القيادي أن أهم المؤشرات التي ترجح خيار رحيل الاسد عن سورية هو ان هذا الاخير لن يضمن ولاء المؤسسة العسكرية له إذا فقد العاصمة دمشق وقصره الرئاسي, وبالتالي لا توجد اي ضمانات جدية لبقاء القوات النظامية مستعدة لمواصلة الحرب من أجله, كما ان لجوءه إلى مدن الساحل سيظهره على انه داعية لتقسيم سورية وضرب نسيجها الاجتماعي وهذا قد يسهم في انهيار العقيدة التي طرحها وتمسك بها طيلة نحو سنتين من عمر الازمة, وهي انه يقاتل من اجل مشروع وطني لسورية وأن لا دوافع طائفية وراء البطش بالثورة.
ولفت القيادي الى ان هذه هي المرة الاولى التي يجري فيها الحديث مع الاسد مباشرة من قبل ايران والعراق وجنوب افريقيا وروسيا والجزائر عن فكرة رحيله والسيناريوهات المطروحة لذلك, ما يعني ان صفقة دولية ربما تعد لإنجاز هذا الرحيل قبل بدء معركة دمشق الكبرى, خاصة ان موسكو طلبت من واشنطن العمل على تأجيل معركة دمشق والعزوف عن تسليح المعارضة السورية بأسلحة مناسبة لهذا المعركة لحين البت في موضوع المفاوضات السرية مع الأسد.