التعاون الخليجي لإسقاط مرسى

محمود القاعود

[email protected]

ثمة حقيقة هامة لابد من الالتفات إليها لقراءة المشهد المصرى الآن عقب القرارات التاريخية لزعيم العرب وحبيب الشعب فخامة الرئيس محمد مرسى ، التى اتخذها يوم 22 نوفمبر 2012م ، وقضت بعزل النائب العام المفسدعبدالمجيد محمود وتحصين القرارات الرئاسية من عبث المحكمة الدستورية العليا التى شكلها الديكتاتور المخلوعحسنى باراك .

وهذه الحقيقة هى أن دول مجلس التعاون الخليجي ترى فى نجاح الثورة المصرية كارثة كبرى، تهدد عروش حكام هذه الدول، وأن الثورة المصرية لا بد أن تجهض حتى تعلم شعوب الخليج أن الاستكانة أفضل من الثورات .

منذ شهور والخصى ضاحى خلفان يهاجم جماعة الإخوان المسلمين ويتطاول على سيده فخامة الرئيس محمد مرسى ، ويحذر من خطورة نجاح تجربة الإخوان فى الحكم بأنها تهدد عروش حكام الخليج، البعض لسبب أو لآخر كان يعتقد أن خلفان هذا يتحدث باسمه وليس باسم حكام الإمارات، لكن مع تكرار الإساءة ثبت أنه يتحدث باسم أسياده ، فدخل على الخط معه وزير الخارجية الإماراتى ليحذر من الإخوان..بما أكد أن كل ما ينطق به خلفان بتوجيه من حكام الإمارات الذين فرطوا فى الجزر الإماراتية وتفرغوا لمعاداة مصر وشعبها وإهانة رئيسها والتلويح بطرد العمالة المصرية التى تعلمهم وتخدمهم هناك ..

الكويت ليست بعيدة عن العبث الذى يحدث بمصر، فهم يعتقدون أن التنظيم الدولى لجماعة الإخوان هو من يحرك الثورة الكويتية، ولذلك كان الرد شغل الرئيس بمظاهرات مدفوعة الثمن تثير القلاقل حتى تصل رسالة مفادها : أخمدوا ثورة الكويت، وسنتوقف عن دعم البرادعى وحمدين صباحى وعمرو موسى وأحمد الزند وغيرهم من الأراجوزات التى تحركها الأصابع الخليجية.

هناك من دول مجلس التعاون الخليجى من عرض على حسنى باراك دفع ثمن المعونة الأمريكية حتى يبقى فى الحكم ، لكن إرادة الشعب كانت أمضى من المؤامرات، ثم كان التهديد بطرد العمالة المصرية حتى لا يحاكم مبارك وأذنابه.

وفى تقديرى أن مجلس التعاون الخليجي يستشعر خطراً عظيماً من الثورة المصرية ونجاحها وتقديمها نموذجاً يُحتذى به فى الشورى والحرية والتقدم، خاصة أنهم محاصرون الآن  بأنظمة تتداول السلطة ولا تصادر الحريات ( تونس وليبيا ومصر واليمن وقريباً إن شاء الله تعالى سوريا ) فى حين أنهم لا زالوا يعيشون فى العصور الحجرية حيث لا برلمان ولا أحزاب ولا مؤسسات ولا تداول سلطة ولا صحافة حرة ولا اتحادات طلابية ، لذلك فإن شعوبهم ستثور إن آجلا أو عاجلا ، لا سيما وأن مصر الشقيقة الكبرى هى القدوة والمثال للدول العربية، وبنجاحها تنجح الأمة وبسقوطها تسقط الأمة ..

فى الحرب الإجرامية الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة ( نوفمبر 2012م ) ، بدا الرئيس محمد مرسى هو الزعيم بحق وهو كبير العرب الذى يستخدم كل نفوذه وثقله لوقف الحرب الإجرامية على القطاع واستطاعت المقاومة أن تفرض شروطها وتذل الكيان الصهيونى وتقصف عاصمته تل أبيب بالصواريخ فى سابقة لم تحدث منذ فعلها الرئيس العراقى الراحل صدام حسين..

ارتفعت أسهم مرسى بسرعة صاروخية، وارتفعت صوره فى عدة عواصم عربية، وبدا لكل متابع أن حكيم العرب محمد مرسى سيغير خارطة المنطقة ويفرض معادلة جديدة ، وهذا ما ترفضه دول مجلس التعاون الخليجي ، فكان لابد أن يشغلوا مرسى داخليا حتى لا يفضحهم خارجياً أمام شعوبهم، فجاءت القرارات الثورية لفخامة الرئيس بمثابة المحاولة الأخيرة  لمشايخ الموز الخليجية ، ولك أن تتأمل فى قناة "العبرية" المفضوحة، ومحاولتها سكب البنزين على النيران وتفخيخ الوطن ، واحتفائها بالقلة الإجرامية التى تخرب وتحرق مقارات الإخوان والحرية والعدالة ، واستضافة جميع أذناب نظام مبارك للحديث فى القناة والتطاول على الرئيس، والإيحاء أن مصر فى خطر وأن صبيانالبرادعى وحمدين وعمرو موسى وتوفيق عكاشة وأحمد سبايدر وأحمد الزند ومصطفى بكرى وعمرو مصطفى لديهم القدرة على خلع الرئيس !

ما فعلته قناة العربية السعودية التى تتخذ من الإمارات مقرا لها يفضح المخطط الآثم، ويكشف خيوط المؤامرة التى تنفذ بأيادى العملاء أنصار الرجعية الديكتاتورية ومشايخ الموز ..

إن المشكلة الآن ليست مع شعوب الدول الخليجية، فهم أشقاء على العين والرأس وجلهم يرفض هذه التصرفات الحمقاء ويحلمون بتداول السلطة ، ويتمنون الخلاص من هكذا أنظمة متخلفة قميئة تنهب السلطة والثروة وتحتكر كل شئ .. المشكلة الآن مع هذه الأنظمة الدموية الرجعية الديكتاتورية التى لا تعرف حدود الله، وتعمل لحساب الإنجليز والأمريكان .. وفى اعتقادى أن محاولة الإمارات قلب نظام الحكم فى مصر من خلال إعلامها العميل والرقيع تستوجب استدعاء السفير الإماراتى وإبلاغه رسالة مفادها أن مصر قادرة أن ترد الصاع مليون صاع، ويكفى أن تخصص إحدى القنوات الفضائية المصرية بثها للحديث عن تداول السلطة فى الإمارات وكيفية عمل برلمان فى الإمارات وإنشاء أحزاب ، وكيف أن ضاحى خلفان يعمل لحساب سيدته تسيبى ليفنى وأنه اشترك فى جريمة قتل محمود المبحوح، ولماذا لا يطالب حكام الإمارات باستعادة الجزر الإماراتية ، وأين تذهب أموال النفط الإماراتى وما هى حصة الشعب فى هذه الأموال ؟ وماذا عن تقنين الدعارة والمخدرات فى دبى ؟ ولماذا توجد القواعد الأمريكية فى الإمارات ؟ والكثير الكثير ...

مصر قادرة على ردع هؤلاء الطغاة وتلقينهم درساً لن يمحى من الذاكرة .. المهم أن تكون الخارجية المصرية على قدر المسئولية .. أما العملاء فى الداخل فالشعب يعرفهم وسيسقطهم بإذن الله وستنتصر مصر الثورة .. رغم أنف الحاقدين والمستبدين.