أليس الصمت على سفك دمنا جريمة عنصرية ؟!
أليس الصمت على سفك دمنا جريمة عنصرية ؟!
في اليوم العالمي للتسامح
زهير سالم*
السادس عشر من تشرين الثاني ( نوفمبر ) هو اليوم الذي اقترحته المنظمة العالمية للثقافة ( اليونسكو ) لإعلاء ثقافة التسامح في أفق شرائع ومواثيق حقوق الإنسان . التسامح الذي يقوم على الإيمان بقيم السلام واحترام إنسانية الإنسان بغض النظر عن الدين والعرق واللون والمذهب فأين حقيقة ما يرددون ؟
يحتفي العالم ومنظماته المعنية هذا العام بهذا اليوم ودماء السوريين والفلسطينيين تسفك بغزارة على أرض سورية وأرض فلسطين بوحشية تتجاوز كل حد . جرائم توثقها وسائل الاتصالات بالصورة والصورة لتكون الجريمة حاضرة ناطقة تهز الضمير الإنساني بعنف أو لعلها تعلن موت هذا الضمير عند الممسكين بالقانون الدولي المدعين للدفاع عن شرائع حقوق الإنسان .
إن صمت المجتمع الدولي عما جرى على الإنسان الفلسطيني منذ ستة عقود وما جرى على الإنسان السوري منذ أربعة عقود من ظلم وانتهاك وتجاوز لكل القيم والمعايير الحقوقية الإنسانية هو تعبير صريح عن شراكة مباشرة في هذه الجريمة وفي دعم المجرمين المنفذين لها على الشعب الواحد من العرب والمسلمين أبناء الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط .
وحين تصر الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن على التخلي عن مسئولياتها أمام ما يجري على شعبنا هنا وهناك من حرب إبادة يروح ضحيتها آلاف الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء فهي إنما تعبر عن موقف مريب لا يمكن فهمه إلا على خلفية عنصرية كريهة تستخف بدم إنسان هذه المنطقة ومعاناته خلال عقود .
وبينما يضج العالم للدفاع عما يسمونه حقوق المرأة في العالم اليوم تذبح المرأة السورية وتنتهك على مدى عامين في صورة من البربرية يندى لها جبين العصر وأهله وثقافته وقوانينه ..
وفي سورية اليوم – والعالم يحتفي باليوم العالمي للتسامح - يذبح الأطفال ، وتنفذ فيهم أحكام الإعدام الميدانية ، ويمنعوا من حقهم في العلاج وفي الغذاء وفي الكساء وليس من حقهم في اللعب أو في التعليم كما يبشر الذين مردوا على النفاق .
مجلس أمن دولي قرر على خلفية عنصرية كريهة منح القاتل في عالمنا الرخصة والفرصة والغطاء وزوده بالسلاح ثم أدار ظهره له ، أو توزع في أمره الأدوار ؛ لإتمام حرب الإبادة على شعب خرج يطالب ببعض ما كفلته له شرائع الأرض وشريعة السماء . حقه في الحياة وحقه في الكرامة وحقه في الحياة .
إن الانعكاسات العملية لازدواج الخطاب العالمي بالنسبة للشعبين الفلسطيني والسوري بالغة الخطورة . إنه لا شيء يجعل من ثقافة حقوق الإنسان مادة للهزء والسخرية مثل هذه الازدواجية بين ما يسكت عليه المجتمع الدولي وبين ما يدعيه .
في اليوم العالمي للتسامح ...
نستنكر الجريمة العنصرية المنكرة في شكل حرب الإبادة بخلفياتها الحاضرة التي تنفذ على شعب سورية وشعب فلسطين . ونراها حربا واحدة متحدة في باعثها . ومتصلة في حلقاتها . ومنسقة بين مرتكبيها .
ندين صمت المجتمع الدولي على حروب الإبادة التي يشنها المجرمون من المتسلطين على سورية وعلى فلسطين ونعتبره شريكا مباشرا فيها . ونحمله مسئوليات تبعاتها .
نؤكد تمسك شعوب منطقتنا بثقافتها الأصيلة التي قاومت منذ خمسة عشر قرنا كل سياسات التمييز العنصري على خلفياته المختلفة وبشرت بإخوة البشر ودعت إلى التعارف والتآلف والحوار .
في اليوم العالمي للتسامح نؤكد لكل المجرمين والمتواطئين معهم في كل مكان أنه ستسقط العنصرية وستسقط الكراهية وسيسقط الظلم والعدوان وسينتصر الإنسان . سينتصر الإنسان في سورية وفي فلسطين وفي الروهينغا وكل مكان .
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية