مأساة جبل الأكراد في ريف اللاذقية ..

مأساة جبل الأكراد في ريف اللاذقية ..

والتآمر ذو الثلاثي الأبعاد

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

قديماً وقف رجاله الشجعان في العشرينات من القرن الماضي سداً منيعاً ضد إقامة الدولة النصيرية في الساحل السوري , والتي كان يقود تلك المعركة المجرم علي بدور للسيطرة على السلسلة الجبلية كلها وبمساعدة الطيران الفرنسي , وتم القضاء على حملته الانفصالية في قرية ترتياح  التابعة لبلدة سلمى , وأصيب قائد الحملة علي بدور بالسكتة القلبية بعد اندحار قواته في تلك القرية الصغيرة , وبعد وصول العون والدعم من أبطال جبل الزاوية والمهجرين من منطقة الحفة والتي أحرقت كلها وشرد جميع ساكنيها .

ولم نسمع بعدها إلا عن ثورة صالح العلي ووضعت تلك المعركة والتي حمت سوريا من التقسيم وأعيد بالفضل الأكبر لبعض مشايخ الطائفة العلوية بانهم رفضوا الاستقلال بدولتهم  , بينما الحقيقة الثابتة على الأرض أن ثوارنا في جبلنا الأشم هم من قضوا على حلم تكوين الدولة العلوية على تراب الساحل والجبال الساحلية في سوريا .

في نهاية السبعينات وبداية الثمانيات لم يقف أهالي الجبل كلهم يتفرجون ,فقدم الكثيرون منهم التضحيات , وقضوا في غياهب السجون وفي المعتقلات سنوات طويلة , وتعتبر قريتي الصغيرة (مرج خوخة )من ألد اعداء نظام البعث والاجرام , ومنهم عائلتي بالذات , واستصدروا قراراً بمنع الاعمار إلا في ظروف صعبة وقاسية , والحجة من ورائها أن المنطقة السنية والتي تشمل سلمى وبقية القرى, أنها منطقة حدودية مع ان المسافة بينها وبين الحدود التركية هي نفس المسافة التي تفصل مركز مدينة اللاذقية عن الحدود التركية , وينتهي الحدود عند أول قرية علوية .

إن كل من قاوم النظام البعثي العلوي في سوريا من جبلنا الأشم, ضائع حقه عند الجميع , فعند الدولة من الطبيعي أن يهمش هو وعائلته ويدفن البعض ويشرد البعض ويسجن البعض , وعند المعارضة ينطبق المثل القائل (عدو عدوي ليس بالضرورة صديقي وإنما هو عدوي أيضاً ) , كقول نتنياهو عندما سؤل عن موقفه تجاه الثورة السورية وأن الثورة هي ضد بشار وإيران (فقال ليس بالضرورة أن يكون عدو عدوي هو صديقي ) , وعند عناصر المعارضة قولاً معتمداً ومنذ عقود (كل فرد أو مجموعة أفراد من عناصر المعارضة والتي أبت أن تنحرف عن طريق الثورة القديمة والحديثة والمستمرة حتى يتم تحقيق الهدف, فهي معارضة غير شريفة عند الدولة , وكذلك تعتبر عميلة ومندسة على المعارضة , فهذه العناصر متآمرة على الطرفين .

مضى علي أكثر من ثلاث عقود أطوف حول سوريا , وما دخلت دولة من حولها إلا وكانت نهاية حياتي فيها الاعتقال والسجن والترحيل بالثياب التي على جسمي , بينما الأمريكان في العراق أعطوني قميصاً وسروالاً وحذاء , وفوقهم 25$

وصبرت على الظلم من قبل كل الفرقاء  وأمضي في طريقي مع الاهمال المتعمد من المعارضة , مع أنني أنظر إلى الأسماء التي تم اختيارها اليوم والتي كانت في المجلس الوطني , أقف أمام الكثير من أشخاصها , وأتذكر قول البعض وينطبق على الجميع , عندما قال لي أحدهم بعدما سجنت في مصر نهاية 2009 وجئت تركيا بعدها وانتهت مدة صلاحية جواز السفر فقال (لكم أود ان أحمل عصا من السنديان  وأضربك فيها حتى تسقط على الأرض , لعلك تتوب عن عداوتك للنظام السوري , وتغلق فمك وتعود إلى رشدك , في أن لا تتحدث عن النظام السوري كلمة واحدة بعد الآن ) .

وواقع الحال يشير إلى ان واقع جبلنا الأشم عند المعارضة , والحكومة ليس بأفضل حال من حالي , هو شامخ بعنفوانه وقوته وتاريخه الناصع القوي , كما ورثت ذلك التحدي منه .

فمع كل ما قدمه وما يقدمه من تضحيات وشهداء وجرحى وبطولة وتشريد أهله منه وصمود شبابه المجاهدين فيه وتحريره من الاحتلال الأسدي , لم توجه دعوة واحدة لشخص واحد منه لحضور مؤتمر للمعارضة , وهاهو مؤتمر الدوحة يخلو من أي حر فيه , والدعم المقدم له هو قليل وتافه وحقير .

فالعرب لا يعترفون فيه والاكراد يصنفونه بالأكراد المستعربين , وعند النظام من ألد الأعداء الموجودين , ووضعونا في خانة التآمر الثلاثية الأبعاد في الداخل السوري وما خرج عن الداخل كان أعظم , واتفقت الأطراف الثلاثة على تبني سياسة الاهمال ضد شعبنا في تلك الجبال ....المستعصية على كل من عاداها والكريمة على كل من يسعى لودها .

لم اسكت على ظلم النظام , ولكن سكت على ظلم المعارضة وقتاً للمصلحة العامة , أما بعد الآن سأنقل كل ما أعرفه  , وعشته وعرفته وخلال مسيرة أكثر من ثلاثين سنة عن التي سميت بالمعارضة , وحتى لايجد القاريء الملل سأنشرها بعون الله إن طال بي العمر تباعاً حتى يعلم جيل الثورة من هم هؤلاء القادة الجدد لهم , ومن أي طينة هم معجونون منها.