كلينتون والصيد في الماء العكر ...!!!
كلينتون والصيد في الماء العكر ...!!!
سيد السباعي
طرح مجموعة من المعارضين السوريين ما أسموه (هيئة المبادرة الوطنية السورية ) ، وهي في شكلها العام تطرح تشكيلا ً قـد يكون بديلاً عن المجلس الوطني السوري ، وهدفها كما تم ذكره أكبر حتى من مجرد تشكيل حكومة إنتقالية ، فهي تهدف إلى:
- إنشاء صندوق دعم الشعب السوري.
- دعم الجيش الحر.
- إدارة المناطق المحررة.
- التخطيط للمرحلة الإنتقالية.
- تأمين الإعتراف الدولي.
وذلك عبر أربعة أجسام هي:
1- هيئة المبادرة (تضم ممثلي القوى السياسية والمجالس المحلية والحراك الثوري والشخصيات الوطنية).
2- مجلس عسكري أعلى يضم ممثلي المجالس العسكرية والكتائب.
3- لجنة قضائية.
4- حكومة موقتة مشكلة من التكنوقراط.
تلقفت وزيرة الخارجية الأمريكية هذا الطرح ووجدته فرصة مناسبة لدق إسفين جديد في الثورة السورية ، فبعد مبادرة الجامعة العربية شهدنا مبادرة المبعوث الأممي كوفي عنان وتبعتها مبادرة مندوب الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي ، والتي باءت جميعها بالفشل ، رغم تحذير معظم الثوار والنشطاء منها وأنها ولدت فاشلة بالأصل ، فحان وقت تغيير الطريقة التي يتم بها وضع العصي في دواليب الثورة بالتصريح الناري الذي صرحت به الوزيرة: أنه لم يعد من الممكن النظر الى المجلس الوطني السوري على أنه الزعامة المرئية للمعارضة. وتعلم الادارة الامريكية جيداً أن المعارضة السورية (ترقص بدون طبل) بمعنى أنها تتطاحن فيما بينها بدون دق الأسافين ، فكيف إن تم دقها بنعومة ..!!!
بالتأكيد لم ولن يترك قادة المجلس الوطني السوري الفرصة لأي كان لتجاهلهم أو تحجيمهم ، وسيدافعون عن مواقعهم بكل مايستطيعون إليه سبيلا ً.
تمتعت كلينتون بالذكاء الكافي للوقيعة بين المعارضة السورية ، فهي تعلم أن التقدم العسكري للثوار على الأرض أصبح يخيف المجتمع الدولي وعلى رأسهم أمريكا وروسيا وإيران ، ولم يعودوا قادرين على كبح جماح هذا التقدم حتى مع منع السلاح الحاسم عنهم ، ولم يعد تقديم مبادرات أو مبعوثين جــدد مقنعًا ونافعاً لاطالة أمد الثورة ، فكان القرار بضرورة إيجاد طريقة جديدة لذلك ، وربما يكون قد إتُخِـذ القرار بضرب الشكل التنظيمي للمعارضة (الأقل تشرذمًا) بواحدة من المبادرات التي طـُرحت حديثاً ، وإلا فلماذا لم نسمع مثل هذه التصريحات والجلبة في الفترات التي طـُرحت فيها مبادرات مشابهة بداية من المبادرة الوطنية لتوحيد المعارضة السورية الى مبادرة مجلس أمناء الثورة وحكومة هيثم المالح ... !!!!
إنها الحلقة الجديدة في سلسلة العقبات التي يضعها المجتمع الدولي لإطالة عمر النظام الأسدي ، وحتى يعيدنا من حيث بدأنا في شهر أكتوبر 2011 حين تشكيل المجلس الوطني السوري ، ونعيد الكرة مرة أخرى بنفس المسلسل السمج لتشكيل جسم للثورة ، ثم الاقتتال على المناصب ، ثم تخوين من فيه ، وبعدها المطالبة بتوحيد المعارضة ، ثم المطالبة باعادة الهيكلة ... الخ
لا يجدر بنا تخّوين أو الإساءة لأصحاب المبادرة أو لأي ممن شجعها ، فمعظمنا فكر ولو للحظة بالحالة المزرية الذي وصل إليه المجلس الوطني ، وفكرنا بضرورة إيجاد البديل لـه ، ولكن أن تتلقف الإدارة الأمريكية هذه المبادرة وتجدها فرصة للنيل من المجلس الوطني السوري ، فإنني أشتم رائحة غير مريحة على الاطلاق ... كما أجده ضرباً من التهور والعبث ، ومن غير المنصف الحديث عن رياض سيف وصحبه بعمالتهم للأمريكان ... الخ من الكلام الفارغ ، فإسمه كان مطروحاً أصلاً في مداولات سابقة للمجلس الوطني الداخلية لتشكيل حكومة إنتقالية.
قد تكون كلينتون قد قدمت خدمة عظيمة للمعارضة السورية من حيث لاتدري لو استطعنا تجييرها لصالحنا ، فهي بتصريحها هذا دقت جرس الإنذار الأخير لقادة المجلس الوطني بأن عليهم ضرورة التخلي عن الأنانية والتسلط الذي مارسوه بأشكال متعددة خلال الفترة الماضية ، وأن عليهم التصالح مع أنفسهم ومع جميع أطياف المعارضة الحقيقية والثوار ، ويمكننا قلب السحر على الساحر بتنظيم أنفسنا في اجتماع الدوحة القادم ، والترابط سوية والجلوس على طاولة واحدة واضعين نصب أعيننا هدفاً واحداً يتمثل في التعاون يداً بيد وبكل قوة لاسقاط النظام أولا ً ، ثم ترك المجال لصناديق الاقتراع مستقبلا ً ليختار الشعب السوري ممثليه الذي يرتضيهم ...
أم أنني أهذي بأحلام غير ممكنة ...؟؟؟!!!