صح النوم سيادة العميد
صح النوم سيادة العميد
طلال عبدالله الشواف
تعليقا على نداء العميد رياض الأسعد: حي على للجهاد ... وتكبيراته ... وتوديعه للناس بمناسبة نزوله الميمون إلى الداخل ...
صح النوم سيادة العميد ...
نرجو ألا تكون أصوات الانفجارات وعويل المفجوعين قد أزعجتك وأوقظتك من نومك الهانئ الطويل.
خمسون ألف قتيل، عشرات آلاف الجرحى، مئات آلاف المعتقلين والمفقودين، أكثر من خمسة ملايين مشرد داخل وخارج البلاد، ربع البلد مدمر، وثمانية عشر شهراً على بداية الثورة، والآن ... الآن ... تنادي حي على الجهاد.
لعلك كنت تنتظر الإذن بالجهاد من أحد والآن جاءك؟ خصوصاً وأن الكثيرين هذه الأيام يتجهزون لاستلام المناصب، أما المجاهدون الحقيقيون الذين أذن الله لهم بالجهاد فلم ينتظروا تكبيراتك وقاموا من أول يوم ولم يهدؤوا حتى الآن، لا يطلبون إلا النصر أو الشهادة.
وقبل أن تفتح فمك لتجيبني وتجيب الكثيرين أمثالي بسؤالك لي أين كنت أنا منذ بداية الثورة؟ سأجيبك.
أنا يا سيادة العميد من ثوار الخارج، نعم وأؤكد من ثوار الخارج، فأنا ومثلي كثير نبذل ما بوسعنا من مال ووقت وجهد في سبيل الله، من أجل هذه الثورة، هذا دورنا لأنا موجودون في هذه الساحة، ثابتون لم نغادرها ولم نتخل عن مسؤولياتنا، ولو سألت عنا لأتاك الجواب.
أما أنت ... فوالله ماسمعت لك ذكراً في هذه الثورة إلا يوم انشققت، ثم فقاعة إعلامية هنا وتصريح هناك ... ثم دخلت في مرحلة سبات طويل وعميق، لم تنتبه منه إلا بعد أن تحرر ثلاثة أرباع سورية، وفـُرضت بشكل شبه مؤكد مساحة آمنة على أرض الوطن لعلها تناسبك لتنشئ بها مقراً جميلاً أو مكتباً فخماً يليق بسيادتكم.
لفت انتباهي سيادة العميد يوم أن نزلت للداخل منذ حوالي شهر في زيارة تفقدية، سيارات .. ومرافقة .. وحماية .. وأبهة .. ومقاطع فيديو، رأيت فيك الكثير من المعاني، إلا أنك جندي تجاهد في هذه المعركة كغيرك من المجاهدين الصادقين، نعم صدقني لم ألمح فيك هذا.
سيادة العميد، أحترم فيك انشقاقك المبكر، لكن تذكر أن غيرك قد سبقك ... نعم سبقك الكثير من الشباب والرجال والنساء والأطفال وأعلنوا انشقاقهم عن هذا النظام المجرم ... لعل من بينهم من هو أجدر منك بالقيادة.
وأحترم فيك تضحيتك، وأن الكثير من أهلك قد أصابهم الأذى جراء انشقاقك، لكن تذكر أيضاً أن قافلة القتلى والجرحى والمعذبين كانت قد تجاوزت الآلاف يوم انضم إليها أهلك وذووك، عليهم جميعاً رحمة الله، ونحتسبهم عنده سبحانه وتعالى من الشهداء، ولست أدري هل كان أداؤك يكافئ الأذى الذي تعرضوا له والتضحيات التي قدموها؟
وغير ذلك .. كنت والله أتمنى لو أحترم فيك أشياء أخرى ..
لقد خرجتَ من سورية في الوقت الذي كان الأجدر بك أن تقود المعركة في ساحتها باعتبارك قائد الجيش السوري الحر، لكنك آثرت الهدوء والأمان والدَّعة، وأقنعت نفسك أنك تؤدي مهمة في الخارج لا يؤديها أحد سواك، ورضيت أن تكون مثل أولئك التافهين الزائدين عن الحاجة ممن يملأ أروقة المجلس الوطني ومكاتبه، والحقيقة أن مكانك في ساحة الوغى هو الأجدر لتحرص عليه، لتقنع الدنيا بأسرها أنك حقاً قائد هذه الثورة، هذا الشرف الذي سبقك إليه وتفوق عليك فيه الكثير من قادة الكتائب والألوية الذين لمعت أسماؤهم في سماء الثورة عن جدارة واستحقاق، وكلهم أولى منك بهذه المكانة .. بكثير، فأنت لم ينتخبك أحد ونصبت نفسك قائداً للجيش اعتماداً على رتبة لا تعنينا ولا تهمنا.
واكتفيت بتلميع رتبتك، والدفاع عنها، بل وطلبت الترفيع إلى رتبة لواء، في الوقت الذي كانت فيه الأرواح تزهق كل ساعة، وجلست في خيمتك (المزار) تستقبل وتودع وتوزع المال الذي يتدفق عليك حسب مزاجك لا حسبما تقتضيه القيادة الحقة، وخَصَصت به أهلك والأقربين من منطقتك، ومنعته عن المجاهدين الأكفاء وأنا على هذا شهيد.
سيادة العميد، ثلاثة أشياء نطلبها منك إن كنت تريد خدمة الثورة حقا: أن تبقى قابعاً في خيمتك التي اعتادت عليك، وأن تتصدق علينا بسكوتك الذي ألفناه طيلة شهور الثورة، وأن تعود إلى سباتك الشتوي فنحن على مشارف فصل البرد.
أما إذا كنت مصراً على المشاركة في الثورة وهذا حقك ونحترمه، والثورة تضم تحت جناحها كل من يريد، فإن الأجدر بك والأولى والأقرب للرجولة، أن تخلع رتبتك البالية، وتضع نفسك تحت تصرف أي قائد شريف في هذه الثورة، يأمرك فتنفذ وينهاك فتطيع، أما أن تكون قائد جيشها الحر، فإن هذا مكان يستحقه رجل بمواصفات خاصة جداً، ليس منها رتبة يحملها كثير من المجرمين الذين يقتلون شعبنا.