توازن الرعب والانتخابات الإسرائيلية
توازن الرعب والانتخابات الإسرائيلية
جميل السلحوت
اعتاد قادة الأحزاب الاسرائيلية أن يكتبوا دعايتهم الانتخابية للكنيست بدماء عربية، وهذا ما فعله نتنياهو في أكثر من غارة جويّة وأكثر من مرة في قصف مدفعي على الأراضي السورية في اآونة الأخيرة، والتي استهدفت احداها خمسة من قيادات حزب الله اللبناني العسكرية وجنرالا في الحرس الثوري الايراني، وهذا ليس جديدا على الغطرسة العسكرية الاسرائيلية التي اعتادت القيام بضربات عسكرية استباقية خارج حدودها، ويشجعها في ذلك ضعف قدرات الجيوش العربية على الرّد، وعدم استعداد الأنظمة العربية على مجرد الاحتكاك العسكري باسرائيل، حتى ولو من باب الدّفاع عن النفس، لأنّها أسقطت الخيارات العسكريّة منذ حرب اكتوبر عام 1973، تماما مثلما اسقطت أيّة بدائل أخرى لتحرير الأراضي العربية المحتلة في حرب حزيران 1967، واعتمدوا على نوايا "الصّديقة" أمريكا التي ما صدقت معهم يوما. واستغلت القيادات الاسرائيلية ذلك جيّدا، بحيث أنّها ترى لنفسها الحق بالقيام بأيّ عملية عسكريّة خارج حدود اسرائيل، تحت يافطة "الدّفاع عن أمن الدّولة وأمن مواطنيها" ولا ترى حقا للآخرين بالرّد أو بالدّفاع عن النّفس. ولمّا كانت نظرية الأمن الاسرائيلي لا حدود ولا ضوابط لها، فان الضّربات العسكريّة الاسرائيلية تخطّت حدود الدّول المجاورة، ووصلت العراق والسودان وتونس وغيرها، بل وتهدّد بضرب المنشآت النّوويّة الايرانية.
ومع أن حروب اسرائيل على حزب الله في لبنان عام 2006 وحروبها على قطاع غزة عام 2008 و2012 و2014 أسقطت نظرية الأمن الاسرائيلية بأن تكون حروب اسرائيل على أراضي غيرها، وبعيدة عن مدنها ومواطنيها، فصواريخ حزب الله والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة وصلت مدنا وبلدات اسرائيلية بما فيها تل أبيب وحيفا، مما أسقط نظريّة الحدود الآمنة، وجعلها مجرّد حبر على ورق، وفرض سياسة الرّعب المتابدلة، إلا أنّ الغطرسة العسكريّة الاسرائيليّة لم تتوقّف، ولم تحسب حسابا لامكانيات حزب الله بالرّد على استهداف أتباعه في الأراض السورية، خصوصا وأنّ حزب الله متورط في الحرب الأهلية البشعة الدائرة على الأراضي السورية منذ أربع سنوات...وجلّ ما كانت تتوقعه اسرائيل هو استهداف احدى سفاراتها في الخارج، وقد جاء ردّ حزب الله المفاجئ لاسرائيل يوم 28-1-2015 وفي مزارع شبعا اللبنانية المحتلة ليقلب الحسابات الاسرائيلية رأسا على عقب. وليجعل نتنياهو يفكّر مرّات كثيرة قبل أن يقدم على مغامرة عسكرية جديدة.
وليقلب حسابات نتنياهو الانتخابية لاستغلال أصوات النّاخبين الاسرائيليين اليمينيّين الذين تربّوا على الخوف، وعلى سياسة التّوسع والحروب التي يسمّونها "دفاعيّة"، وردّ حزب الله على الاعتداءات الاسرائيلية سيجعل النّاخب الاسرائيلي يفكر مئات المرّات في سياسة نتنياهو المعادية للسلام والقائمة على التوسّع، وستجعله يتساءل عن الجدوى من اعادة انتخاب نتنياهو وأحزاب التطرف اليميني؟