السقوط المنشود!!
السقوط المنشود!!
عارف الصادق
مجلس الأمن الدولي رفض أمس، 30 / 12، اقتراح القرار بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967. ثماني دول فقط، من بين ال 15، الأعضاء في المجلس، صوّتت مع المقترح: روسيا، الصين، فرنسا، الأرجنتين، الأردن، تشاد، تشيلي، لوكسمبورغ. عارضت القرار أستراليا، والولايات المتّحدة الأميركيّة طبعا. وامتنعت لاتفيا، بريطانيا، كوريا الجنوبيّة، رواندا، نيجيريا. أيّدت القرار ثماني دول فقط، كما ذكرنا، والمطلوب تسع دول في الحدّ الأدنى. محسوبة ومعروفة مسبقا. إنّه السقوط المنشود !
سقط المقترح المذكور، لأنّ أصحابه أنفسهم، السلطة الفلسطينيّة بالذات، تقدّموا به عارفين أنّه ساقط. سارعوا إلى تقديم الاقتراح، عامدين، لكي يسقط. ما عرفه كلّ المراسلين والمعلّقين لا أظنّه غاب عن السلطة "التاريخيّة" المحنّكة!
طبعا، لا بدّ من السؤال المشروع: هل يمكن لمنظّمة حكيمة، أو لإنسان بسيط حتّى، التقدّم بمقترح، وهي موقنة سلفا بسقوطه؟ نعم. السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة، حكومة السيّد محمود عبّاس! قدّمت المقترح المذكور، وهي موقنة تماما أنّ مصيره الفشل. لماذا تنتظر، في تقديم المقترح المذكور، إلى أن يدخل مجلس الأمن أعضاء جدد مناصرون، فيُضطرّ المندوب الأميركي عندها إلى استخدام الفيتو وتسويد وجهه؟ لماذا إحراج الصديق وراء البحار، فيمتنع عن تقديم المساعدات لدفع المعاشات؟ الغدر بالأصدقاء ليس من شيم العرب!
لكنّ الشعب الفلسطيني ليس غبيّا، كما يظنّ السادة في "المقاطعة". حتّى الغبيّ تعلّمه التجارب، فيقيس عليها. والشعب الفلسطيني الذكيّ يحمل على كاهله أكثر من خمسين سنة من التجارب المريرة والألاعيب وخيبات الأمل. لا يمكن الضحك عليه بالخطابات الفارغة، والهرولات المحسوبة سلفا. لم يعد يصدّق المجروح إلا إذا وضع يده مكان الجرح! حتّى في الحياة اليوميّة، كثيرون يظنّون أنّهم يضحكون على الناس، فيتّضح في النهاية أنّ الناس ضحكوا عليهم حتّى شبعوا!
السؤال الأهمّ: ماذا ستكون نتيجة الألاعيب "الذكيّة" هذه؟ لن تكون من نتيجة لهذه الألاعيب المكشوفة سوى الارتماء في أحضان حماس. إن اليوم أو غدا. لا نظنّ الشعب الفلسطيني يرغب في ذلك. ولا نحن طبعا. لكن "إذا لم يكن إلا الأسنّة مركب / فما حيلة المضطرّ إلا ركوبها. حذار من الجمر المغطّى بالرماد. هأنذا قد بلّغت، اللّهمّ فاشهد!!