نفط العرب ليس للعرب إنهم يدفعون الجزية عن يد وهم صاغرون

مؤمن محمد نديم كويفاتيه

نفط العرب ليس للعرب

إنهم يدفعون الجزية عن يد وهم صاغرون

مؤمن محمد نديم كويفاتيه

[email protected]

لم تتبدل نظم الحروب والمنتصرين إلا في الشكل لا في المضمون ، فالإسلام عندما فرض الجزية واستخدم نظام الرق وغيره ، لم يفعل ذلك إلا على أساس المعاملة بالمثل عند الآخر ، والجزية مكان الضرائب المرهقة التي كانوا يفرضونها على الناس ، بل كان رحيماً في البلاد التي يغزوها ، حيث أمر اجناده بعدم مقاتلة إلا من يرفع السيف وأوصى بوصايا جاءت مُجملة على لسان أبي بكر الصديق لجنوده رضوان الله عليهم " لا تقتلوا صبيا ولا امرأة ولا شيخا كبيرا ولا مريضا ولا راهبا ولا تقطعوا مثمرا ولا تخربوا عامرا ولا تذبحوا بعيرا ولا بقرة إلا لمأكل ولا تغرقوا نخلا ولا تحرقوه ... " وكذلك كان أول من دعى الى تحرير العبيد بنظام الكفارات والمكاتبة وغيرهما .... ، وأما عن الجزية فهي نوع من أنواع الواجبات المُحقّة للدولة على الشخص كقيمة رمزية إن كان عنده استطاعة ، بينما العبء الأكبر في الجباية على المسلمين من الزكاة والصدقات وغيرها ، وكانت تُفرض على أشخاص ، وتُفرض على دول بما لايرهقها لكونها تدخل تحت اطار حماية الدولة الاسلامية إن تعرضت للهجوم 

 

ودارت الأيام ، وبقيت دولة الاسلام قائمة على مدار 1400 عام مهابة الجانب ، لها أنظمتها الاسلامية ، يتعايش فيها كل الأشكال والألوان والفيسفاء الديني والعرقي ، فرأينا معظم الأقليات المضطهدة في العالم تأوي الى تلك الدولة ، الى نهاية الدولة العثمانية وسقوطها ، والدخول في الحرب العالمية الأولى والثانية ،لتتغير الأنظمة بخروج منتصرين ، يفرضوا قوانينهم ، تحت اطار القوّة الخشنة والناعمة ، فتستعمر البلاد ، وتُقسّم الدول العربية في معاهدة سايكس بيكو ، ويتم الاستسلام لها ، ويؤتى بأنظمة موالية للغرب ترعى مصالحهم أولاً ، ومعظم قادتها ليسوا بأكثر من شرطة على الشعوب لتقمعهم ، بينما هذا المستعمر أصبح شريكاً لنا بالوطن حتى في الهواء الذي نتنفسه ، حصته في النفط والثروات والمشاريع ، وفرض إتاوات ضخمة على الدول والحكام ، من خلال مشاريع وهمية ، وديون مركبة على الشعوب ، ودفوعات على تلك الدول القيام بها لصالح الأجنبي في المنطقة ، يكفي أن اشير بهذا الصدد على ديون مصر التي قاربت الثلاثمائة مليار دولار ، 40% من الناتج القومي يذهب لسداد فوائد الديون في مصر سنوياً ، في نفس الوقت الذي كان فيه حسني مبارك يُعطي الغاز لإسرائيل بنصف قيمته ، بينما السيسي تخلى عن حقول الغاز الأضخم في العالم قبالة السواحل المصرية لصالح اسرائيل ، كرم مابعده كرم إرضاء لأسياده ، وفي سورية الروسي كان يسرح ويمرح فيها ، ويأخذ معظم المنتج القومي والمحاصيل العالية الجودة كإتاوات ومقابل تسليح العصابة الأسدية ، ودعم بقائها ، حتى صارت سورية اليوم واقعة تحت الاحتلال الايراني ، بينما في ليبيا الغنية بالبترول فكل مواردها مودعة بالبنوك الأوربية لصالح العائلة القذافية الوضيعة ، معظمها تم نهبه عند سقوط القذافي ، وتبلغ ترليون دولار ، عدا عن الحسابات الشخصية لهذه العائلة ومقربيها ، لم يشعر الشعب الليبي بأي أثر من نعمة من وراء هذه الثروة النفطية

 

 

فنفط العرب ليس للعرب ، نعم قد يستفيد منه أباطرة البغي والطغيان على نطاق ضيق في بلدانهم ، ولكن ليس بالصورة الأمثل كما في الجزائر التي ترسوا على بحر من الغاز ، والملايين من شبابها يغادرونها بحثاً عن العمل وتحسين الوضع ، بينما بما نسبته 30% من الشباب عاطل عن العمل تحت عوز الفقر والحاجة ، وكذلك قد يكون نقمة على دول أخرى ، إذ ا ماعرفنا أن لأمريكا والشركات الأجنبية نسبة مشاركة في آبار النفط والإنتاج لايُستان بها في دول الخليج العربي ودول مجاورة ، عدا عن اضطرار الخليج لدفع فواتير كثيرة لاناقة لهم فيها ولاجمل ، وإدخالهم في مضاربات كما في عام 2009 وخسارتهم ل 2.5 ترليون دولار دون أن يكون لهم حق المسائلة فيها ، وأوشكت دويلة دبي على الافلاس لو تدخل امارة أبو ظبي ، عدا عن أن هذه الدويلة معظم اقتصادها بأيدي ايرانيين ، هذه الدويلة وغيرها مؤخراً سخّروا نفطهم لطعن الأمّة في ظهرها ، فوجدنا اليمن قد وصلت الى مرحلة الانهيار التام من وراء تدخلاتهم التي تدخل في اطار التفتيت ، حتى وجدنا الى أين صارت الأمور فيها ، ودعموا انقلاباً دموياً على الشرعية في مصر بمليارات الدولارات التي أنفقوها لتكون فيما بعد حسرة عليهم ، في نفس الوقت الذي رأينا فيه مصر في ظل الانقلاب الى الوراء لمائة عام ، بدلاً من ان تكون رديفاً لهم ، صارت عبئاً عليهم ، والإيراني يتقدم من كل الاتجاهات ويحاصرهم ، وقد أعلنوا الدولة الخامسة ممن سيتحكمون فيها بعد سورية ولبنان والعراق الذين زارهم لاريجاني مؤخراً متفقداً لأطراف امبراطوريته واليمن الرابعة كما قالوا هي السعودية ، وفتنة دموية في ليبيا خلقوها ، وبث الخلاف في تونس ، وتصنيف للثورة السورية بالإرهاب ، ودون تقديم أي دعم للاجئين ونازحي سورية مثلما يقول من الجمل أُذنه أو الفتات ، فإذاً النفط لم يكن للعرب ولصالح العرب بمجمله ، بل كان نقمة وليس نعمة ، واليوم نرى هبوطاً في أسعار النفط الى مادون 50% من سعره تحت ال 60 دولار للبرميل وقد يصل الى 30 دولار لأن النفط الصخري الأمريكي الكبير يتحمل تكاليف الانتاج مادون ال 30 دولار ، لعدم وجود ضرائب عليه ، ولإنتاجه في الأرض الأمريكية والدعم الحكومي له ، ليُطالب جون مكين بتقديم الشكر لدول الخليج لأنهم تسببوا في انخفاض أسعار النفط وأوقعوا الروس في ورطة ، فهل يحتاج الأمر الى تفسير أكثر من أننا واقعين تحت ضغط جزيتهم المتضاعفة عن مفهوم الجزية المتعارف عليه آلاف بل ملايين المرات ، وأن بلداننا ليست أكثر من ولايات وحاميات لهم ، مع ما لهذا الخفض من فوائد لضرب الاقتصاد الروسي والإيراني ، ولكن فاتورته تتحمله بلادنا ، بينما هم من مصلحتهم خفض القيمة للتسويق ولإدارة عجلتهم الاقتصادية المبنية على الصناعة ، وأيضاً خفض النفط ليس بإرادتنا ، بل بإرادة الآخرين