المحاكم الشرعية: أخطاء يجب أن تصحح!
المحاكم الشرعية:
أخطاء يجب أن تصحح!
ماهر الأحمد
المركز الصحفي السوري
مؤسسات نظام الأسد عنوان للفساد والظلم والمحسوبيات ولا يختلف عاقلان في هذا الأمر، ومما لاشك فيه أن القضاء كان من أكثر ماعانى من الفساد ، وتأثيره على المواطن كان الأبلغ والأهم، لأن فساده يعني فساد المجتمع بأكمله، فإذا مات العدل في المجتمع أصبح غابة ينهش الناس فيه بعضهم بعضا.
سخر هذا النظام القضاء لخدمة سياساته في الظلم والقهر وإستعباد الناس، وكان من أهم الأسباب التي دفعت الشعب السوري لثورته، فلا يخفى على أحد حال كثير من القضاة الذين اعتادوا الرشوة، ولم يستطيعوا محاسبة المجرمين من مسؤولي الدولة والنظام، وانصبّت أحكامهم على تنفيذ كثير من توصيات القمع والظلم بحق الشرفاء.
لذلك وبعد قيام الثورة وتحرر العديد من الناطق من سيطرة النظام، لزاما أن تنشأ محاكم شرعية، إنشاء قضاء نزيه يفصل في النزاعات بين الناس، يحافظ على الأمن ، يحمي حقوق الضعفاء، يعطي لكل ذي حق حقه.
فشرع لها الأمر أهل العلم ورجاله، لينشؤا محاكم تعمل بالشريعة الإسلامية، كونها الديانة التي تحكم غالبية الشعب السوري ولاتظلم أقليته، وكون المناطق التي أنشأت فيها هذه المحاكم تعتنق هذا الدين.
فنشأت العديد من هذه المحاكم الشرعية وبدأت عملها، كالمحكمة الشرعية العليا في جبل الزاوية التي قامت على مجموعة من رجال القضاء السابق والمحامين العقلاء الذين إنشقوا عن هذا النظام ومجموعة من رجال الدين وطلاب العلم، وبدأت هذه المحاكم عملها في الفصل بين مظالم الناس.
وبعد أن وصل عدد هذه المحاكم إلى ما يقارب العشرين، تم إنشاء مجلس القضاء الشرعي في إدلب ليضم هذه المحاكم تحت راية واحدة، ولا شك أن هذه المحاكم قامت بدور مهم في حل النزاعات، وردم الخلافات بين المتخاصمين، فلو لم تحل هذه الخلافات لكانت عبأ جديدا على كاهل الثورة.
ولكن لولا بعض العوائق والأخطاء التي وقع فيها القائمون على تلك المحاكم والتي أدت إلى ضعف الدور المأمول لهذه المحاكم، وتراجع أدائها، ويمكن حصر هذه الأمور في عدة نواحي أهمها:
#تبعية هذه المحاكم إلى الفصائل العسكرية، من أجل القدرة على تنفيذ الأحكام الصادرة، ولكن هذه التبعية أفقدت هذه المحاكم الإستقلالية في أحكامها، لأنها كانت تتأثر بتوجه الفصائل الداعمة لها.
#ضعف القوة التنفيذية لهذه المحاكم،لأن تطبيق قرارات هذه المحاكم يحتاج لقوة تنفيذ، وإلا أصبحت هذه القرارات كلاما على ورق، خاصة في الأحكام التي تخص العناصر المسلحة، مما جعل كثيرا من أحكامها تنصب على الضعفاء والأفراد دون الجماعات.
#قلة الخبرة وإفتقاد الكفاءات أيضا،لأن معظم أهل الدراية بموضوع القضاء تركوا البلاد بعد إنشقاقهم خشية الهلاك،أو لعدم القناعة بنجاح عمل هذه المحاكم، فمن قاموا على الأمر ليسوا من أهل الكفاءات المناسبة، لأن معظمهم من طلاب العلم اللذين لم يمارسوا هذا العمل، ولم يحصلوا على شهادة رسمية من خلال دراستهم.
#كثرة المحاكم وتعددها دون ضرورة: بعض المحاكم نشأت قريبة من أخواتها، بغية المنافسة ولعدم وجود قوانين ناظمة تمنع هذا التعدد دون ضرورة لذلك، بل تضاربت بعض القضايا من خلال رفعها لمحكمتين مختلفتين.
في ضوء هذا الواقع علينا البحث عن حلول للنهوض بمستوى العمل في هذه المحاكم لتأخذ دورًا أكثر إيجابية في حياة الناس، اللذين ينحازون للقضاء القوي لأنهم يرون فيه القادر على تحصيل حقوقم بموجب السيطرة والقوة التي يتمتع بها، وإذا لم يم توفير هذا النوع من القضاء بدعم من الناس والفصائل فإن الناس لن تنام قبل أن تضع حراسة على أبواب منازلها.
كما تجدر الإشارة أيضا إلى: # إتفاق كل المحاكم على قانون واحد، يوضع بمقتضى الشريعة الإسلامية والدين الحنيف، كي لاتتضارب الأحكام بتعدد القوانين.
#وتشكيل مجلس قضاء موحد يتبع لسلطة واحدة، له من الدعم والمساندة عسكريا وشعبيا مايكفل له تطبيق أحكامه دون خشية من أحد.