كل الطرق مسدودة والاتجاه إجباري
معاذ عبد الرحمن الدرويش
انطلقت الثورة السورية سلمية لعدة أشهر ، إلا أن قتل المتظاهرين السلميين بوحشية كبيرة، و قصف جنائز الشهداء ، و قصف المشافي و المستوصفات و قتل الأطباء و المسعفين، دفع بالثورة مرغمة بالسير إلى طريق التسليح .
و مع تحول الثورة من سلمية إلى مسلحة ، انتقل نظام الإجرام من الحرب الضيقة إلى الحرب المفتوحة على المدن و الأحياء و البلدات و القرى الثائرة، فبدأ بالقصف العشوائي و بكل ما يملك من وسائل تدمير و بالمجازر الجماعية و تسريب الفيديوهات المرعبة و تطبيق حصار الجوع و الموت فدفع بالشعب السوري إلى الهجرة الداخلية أو الخارجية ففرغت المناطق الثائرة من السكان و فقدت الثورة حاضنتها الشعبية.
تم تأسيس المجلس الوطني ، لكنه لم يسمح له بالإمساك بزمام الأمور العسكرية للكتائب المقاتلة ، و تكرر نفس المشهد للإئتلاف الوطني ، فتم إسقاط الواجهة السياسية للثورة محلياً و دولياً.
لم يسمح لكتائب الجيش الحر بالتوحد و كانت المساعدات تأتي " بالنقاطة "، تم إضعاف الجيش الحر من خلال قطع كل منابع الدعم و تجفيف مصادر قوته ، في حين تم تلميع القاعدة بشقيها النصرة و الدولة فلم يبق بد أمام من خرج لمقارعة النظام إلا بالانخراط في تلك التنظيمات و صارت سوريا معظمها قاعدة.
فسوريا تمشي منذ بداية الثورة من نفق مظلم إلى نفق مظلم أكثر ، و لكن المتتبع للحالة يدرك أن الأمور أكبر من طاقة السوريين و هم مجتمعون فكيف بهم و هم متفرقون، خاصة و أنه تم إفشال كل المشاريع الثورية و السياسية للشعب السوري و الذي خرج مبكراً من ساحة الثورة.
و اليوم يخرج ما تبقى من مقاتيله من الثوار من معادلة المعركة أيضاً.
فالأمور تمشي من حالة إلى حالة أسوا و من نفق مظلم إلى نفق أكثر ظلاماً ، و واضح أن خيوط اللعبة لا تزال بيد الأستخبارات الأمريكية و بشكل كامل .
لكن أليس إدخال القاعدة إلى سوريا و إقحام العنصر السوري فيها بشكل كبير، يشكل مأزقاً حقيقياً لأمريكا في أي حل مستقبلي ممكن ؟.
فهل هناك أتجاهات إجبارية جديدة لدى الإدارة الأمريكية تحشر فيها الثورة السورية و الشعب السوري؟
أم أنها ستصل إلى طريق مسدود و سيتفاقم الوضع إلى أن يعيد إشعال ثورة ثانية و ليكون الفصل فيها إلى الشعب السوري من جديد؟