عسكر سورية ، وشرطتها ، ومخابراتها

عسكر سورية ، وشرطتها ، ومخابراتها..

بين جوع الخبز، وجوع الكرامة !

عبدالله القحطاني

·  جيش سورية الأبيّ الباسل ، المتمرّد على الضيم والظلم ، أبداً .. أين هو اليوم ، في ظلّ الحكم الأسدي لبلاده :

ـ كيف يعيش ، وكيف ينظر إلى نفسه ، وإلى ما آل إليه حاله ، في عهد الأسرة الأسدية الميمونة !؟

ـ كيف يعيش ضبّاطه ، الأحرار الحقيقيون الأماجد .. وكيف ينظرون إلى أنفسهم ، وإلى ما هم فيه .. من ذلّ وهوان !؟

ـ هل يشعر الضابط في جيش سورية ، اليوم ، من رتبة ملازم ، حتى رتبة لواء ، بأنه معزّز مكرّم ، في وحدته العسكرية .. وأن الرتب التي على كتفيه ، تحمل قيمة حقيقية .. أم هي مجرّد ديكور شكلي ، يغطّي إحساساً هائلاً ، بالخزي والهوان .. إزاء كل ما يراه أمامه ، من استهانة الأقزام ، المحسوبين على أسرة أسد .. به ، وبرتبه ، وبشرفه العسكري ، وبجيشه كله .. حتى لو كان هذا القزم الأسدي ، من رتبة جندي ، يعمل حاجباً ، لدى هذا الضابط !؟

ـ هل يشعر الضابط السوري ، بالعزّة والفخر ، بما يرى ويسمع ، من استهانة القوّات الصهيونية ، ببلاده .. أرضاً ، وشعباً ، وسيادة .. حين تحلّق طائراتها ، في أيّ وقت تشاء ، فوق أيّة بقعة تشاء ، من أرض الوطن ، كلها ، من شرقها إلى غربها ، ومن شمالها إلى جنوبها .. بما في ذلك القصر الجمهوري ، الذي يسكنه ابن الأسد ، رئيس الجمهورية ، الممانع المغوار !؟

ـ هل يشعر الضابط السوري الشريف ، بالجوع إلى اللقمة ، هو وأولاده ، لأن راتبه لا يكاد يغطّي ربع نفقاته .. أم يشعر أكثر من ذلك ، وقبل ذلك .. بالجوع إلى العدل والإنصاف ، والمساواة بينه وبين الضابط الآخر ، المحسوب على آل أسد ، والذي يصول ويجول ، ويجمع الأموال ، من هنا وهناك ، ويثري على حساب الوطن البائس ، والشعب البائس.. أم يشعر أكثر من هذا وذاك ، بالجوع إلى الكرامات المهدورة : كرامة منصبه ، وكرامة رتبته ، وكرامة شرفه العسكري ، وكرامته الشخصية !؟

ـ هل فكّر الضابط السوري ، الجائع إلى الخبز، وإلى العدالة والإنصاف ، وإلى الكرامة.. هل فكّر بشيء ما ، أيّ شيء .. ينقذ به نفسه ، وشرفه العسكري ، وكرامته ، وكرامة وطنه وشعبه .. من الهوان ، الذي جعله آل أسد كالهواء ، الذي يتنفّسه كل مواطن سوري ، وفي المقدّمة الضابط الحرّ الشريف !؟

ـ وهل توصل الضابط الحرّ ، الشريف ، الجائع إلى الخبز والعدالة والكرامة .. إلى طريقة ، للوصول إلى أشخاص مثله ، يعانون ما يعاني .. يبحث عن حدّ أدنى ، من الثقة المتبادلة بينه وبينهم .. لعمل شيء ما ، ينقذون به وطنهم ، وشعبهم ، وأهلهم ، وأنفسهم ، وكرامتهم ..!؟

ـ وإذا كان الحذر الأمني ، يكبّل عقل الضابط وحركته ، فلا يستطيع أن يثق بأحد من زملائه .. فهل بحث عمّن يثق به ، من خارج السلك العسكري ، للتنسيق بينه وبين بعض الضبّاط ، للتحرّك المجدي الفعّال !؟

* عنصر الأمن السوري .. من شرطة ومخابرات :

 ـ عنصر الشرطة : حاله حال العسكري في الجيش : جائع للخبز والكرامة ، معاً !

 + الراتب متدنّ ، لا يكاد يكفيه ، مع أسرته ، أسبوعاً واحداً ، لو أراد أن يحيا حياة مريحة كريمة ، يوفّر فيها ضروريات الحياة اليومية !

 + حياته اليومية ، مع المواطنين وقضاياهم ، والمجرمين ومشكلاتهم .. تجعله في همّ مزمن ، وقلق دائم ، وعدم استقرار.. في حياته الفردية والأسرية !

+ مكانته في المجتمع ، متدنّية القيمة والتأثير.. لأن صلاحياته القانونية والوظيفية ، مقيّدة بقيود كثيرة ، من أهمّها : الضغوط والتدخّلات الدائمة ، من قبل عناصر الحزب الحاكم .. والتهميش الذي تمارسه أجهزة المخابرات ، والسفهاء الفاسدون ، من العناصر (المدعومة!) التي ترتكب الجرائم المتنوّعة ، دون أن ترى سلطة لأحد ، لمحاسبتها ..! وعنصر الشرطة ، الذي يتصدّى لأحد هؤلاء الفاسدين ، يتعرّض لعقوبات ، ومشكلات كبيرة ، تجعله يخضع لإرادات الفاسدين ، ويتخلّى عن مهمّته ، في حماية المجتمع وتطبيق القانون !

 + فهل خطر في بال ضابط الشرطة ـ في موقعه ـ ما يخطر، أو ماينبغي أن يخطر، في بال ضابط الجيش ، من البحث عن ثقات شرفاء ، يسهم معهم ، بالتعاون مع شرفاء الجيش ، في رسم طريق الخلاص .. لهم ، ولأهلهم ، ولشعبهم ، ولبلادهم !؟

ـ عنصر المخابرات : أسوأ العناصر، حالاً ومآلاً ! فهو لا يعرف لنفسه كرامة شخصية، ألبتّة ! وكل ما يشعر به من إحساس بأهمّيته ، ناجم عن البطاقة التي يحملها في جيبه ، والمسدّس الذي يتدلّى تحت إبطه !

 + إنه يعيش ، أبداً ، بنفسية الوحش المفترس ، المكلّف بالانقضاض ، في أيّة لحظة ، بمناسبة وبلا مناسبة .. على فريسته المجهولة ، التي لا يعرفها ، ولايعرف عنها شيئاً ، إلاّ عند صدور الأمر إليه ، بالانقضاض عليها ! وفريستُه هي ، بالضرورة ، مواطن ، أو مواطنون ، من أبناء شعبه ، الذين لا يعرف عنهم ، إلاّ أنهم أعداء لوطنه ، لأنهم أعداء لنظام الحكم المستبدّ ، المتسلّط على وطنهم !

+ حياته الأسرية : من أسوأ أنواع الحياة ، التي يمكن أن يتصوّرها إنسان عاقل كريم !

  فهو :

(ـ) في قلق دائم ، مع أسرته .. قلقٍ من شيء مجهول ، لا يعرف ما هو !

(ـ) في إحساس دائم ، بعذاب الضمير، واحتقار الذات ، وكره الآخرين ! وهذه الإحساسات ، يسعى ، جاهداً ، إلى دفنها في أعماق نفسه ، كيلا تنغّص عليه ساعات حياته اليومية ، بين أهله وأصدقائه ومعارفه !

(ـ) حالته المالية : لاتختلف ، كثيراً ، عن حالة العسكري والشرطي ، من حيث ضآلة الراتب ، والبحث عمّا يرمّمه ، من مال حرام ، عند هذا المواطن ، أو ذاك .. من خلال التهديد والابتزاز ، والإغراء بخدمات معيّنة ، على حساب مصالح الآخرين !

(ـ) حين تنتهي مدّة وظيفته ، أو صلاحيته لعمله ، ويجرّد من بطاقته ومسدسه .. يفقد ، تماماً ، أيّ إحساس بأهمّيته الإنسانية ، بصفته بشراً ، وأيّ إحساس بصفته مواطناً ، ذا أهمّية ، أو قيمة ، في وطنه ! لأنه يكون قد أعدَم هذه الإحساسات ، في أثناء فترة خدمته، وتحطيمِه لكرامات مواطنيه ، ولإحساساتِهم بإنسانيتهم ، وبحقوقهم في بلادهم !

(ـ) لايملك ذكريات طيّبة ، يرفع بها رأسه ، يحدّث بها أبناءه ، أو أحفاده ، أو أصدقاءه.. عند انتهاء خدمته ، وملازمة بيته ! فذكرياته ، كلها ، من النوع السيّء ، المقيت ، المخجل .. الذي لايحبّ أن يطّلع عليه أحد .. كيلا يحسّ أبناؤه وأحفاده ، باحتقاره ، واحتقار أنفسهم ، أمام زملائهم ، وأصدقائهم ، ومعارفهم..!

(ـ) لا وجه له يقابل به الناس ، في حياته .. وهو يعلم أنهم مطّلعون على جرائمه ، بحقّ أبناء شعبه ! ولا يستطيع أن يتمنّى الموت ، لأنه لا يملك وجهاً مشرّفاً ، يقابل به ربّه .. إذا كانت لديه بقيّة إيمان !

(ـ) يحسّ بأنه معرّض للانتقام ، من قِبل ضحاياه ، الذين عذّبهم وأهانهم..أو من أهليهم ، أو من ربّ العالمين ، الذي ينتقم للأبرياء من ظالميهم ! وكلّما مرض ، هو، أو أحد أفراد أسرته ، أو أصابته مصيبة .. تذكّر ضحاياه الأبرياء ، وبدأ يستعرض أسماءهم ، ليعرف أيّهم سبّب له الانتقام الربّاني !

(ـ) لو فكّر بالاستغفار، والرجوع إلى الله ، والندم على ما فعل بالبشَر.. فلن يشعر بالراحة ؛ لأن أول موجبات الندم والاستغفار، الاعتذار من المظلومين ، وإعادة حقوقهم المسلوبة ، وأخطرها : هي الكرامات المهدورة في السجون !

+ إن حياة هذا الموظّف البائس ، هي جحيم حقيقي ، يندفع إليه في بداية حياته ، جرياً وراء سرابِ سلطة ، ليس هو فيها ، سوى أداة رخيصة لغيره .. ومكانة مرموقة ، ليس له منها ، سوى وهم قاتل ! ثم يكتشف ، بعد وقت قصير، أيّ مصير بائس ، أوقع نفسه فيه .. ولا ينفعه عندها الندم !

+ فهل خطر في بال هذا الموظف البائس ، أن يفكّر ـ في موقعه ـ إذا كانت لديه بقية إحساس ، من كرامة أو إنسانية ـ ونحسب بعض هؤلاء ، لديهم شيء من هذه الإحساسات ـ .. هل خطر في باله أن يفكّر ، فيما يفكّر فيه ، أو ينبغي أن يفكّر فيه ، ضابط الجيش ، وضابط الشرطة ..!؟

·  أهذا تحريض ، للعسكر والشرطة والمخابرات .. على التمرّد ضدّ نظام أسد ، الذي يدمّرهم ، ويدمّر شعبهم وبلادهم !؟

لا .. هذا تذكير بالأمانة ، التي حملها هؤلاء ! أمانة الدفاع عن الوطن والشعب ، ضدّ كل صنف من صنوف العدوان والإجرام ، من أيّة جهة صدرهذا العدوان وهذا الإجرام ! وسواء أكان هذا العدوان ، على لقمة عيش المواطن ، أم كان على حياته ، أم كان على كرامته وشرفه وإنسانيته !

  أمّا التحريص ، فقد تولاّه آل أسد الميامين ، بما فعلوه بالبلاد والعباد ، طوال أربعين عاماً ! لقد تولّوا التحريض ، بأنفسهم ،  ضدّ أنفسهم ! ومَن لم يحرّضه هؤلاء الأسود البواسل ، وأعوانهم .. وظلمهم ، وفسادهم ، وجرائمهم .. على التحرّك لإنقاذ أهله ، وشعبه ، وبلاده .. فلن تحرّضه الكلمات ، مهما ذكّرته به ، من مآسي الواقع .. ومهما حملت من ضروب الفصاحة والبلاغة !