المقامة البرلمانية
عبد الله محمد غالب الربابعة
أكاديمية الأمير حسين بن عبد الله الثاني
دعاني عيسى بن هشام، وهو رجل من الكرام،لزيارة عمان، بلدة عرفت فيما مضى بأجمل الجنان، قبل أن يداهمها البنيان‘ حتى أصبح الحليم فيها حيران، فلم يعد الجار يعرف جاره، ولم يعد للنساء مجلس في الحارة،وغدا التواصل بين الرجال، عبر رسائل الموبايل، سكنها الرومان سنوات،ولهم فيها آثار وذكريات ، فمن مدرّج للمسرحيات، إلى سبيل الحوريات، وغير ذلك مما تضيق به هذه الصفحات.
وصلت الدوار الثاني ، وفيه مضيفي تلقاني ،وبعد الترحيب والتهليل، أخبرني بأن الطريق طويل،فسرنا لساعات ، تعلونا يافطات، زينت بأحرف عربية،بكلمات تبدو أعجمية، وإن تكن جاءت على ألسنة الأنبياء، غير أنها بلهاء جوفاء.
سألت مضيفي بفذلكة،هل انتصرتم بمعركة، أم هي حكاية مفبركة،فقال يا فهمان ، إنه البرلمان،تدخله بانتخاب، فتفتح لك الأبواب ، لخدمة الأهل والأحباب. وكنت لفرط اهتمامي بالسياسة. واللهفة لمعرفة أخبار الساسة. والطامعين بالرياسة. أصغي باهتمام ، لحديث ابن هشام ،استمع إلى الحكايات المروية. ولمّا رأى مني الإصغاء،أدار لي تلفاز الفضاء. لأسمع حوار البرلمان المحتج بالقضاء،فأجهشت بالبكاء،وتمنيت لنفسي الفناء، لسوء ما شاهدت وعانيت. وشِبْتُ مما لقيت. لَيتَني لم أكن بقيت. فقد أهملوا مناقشة قانون الإرهاب. والناس يقتلون كما الذباب. ويدخل عليهم الموت من الأبواب..وهم يناقشون حرمان بنت وهبي هيفاء. من الرقص والغناء. ومن الظهور بقامتها الفرعاء. والله يعلم كيف كانت حاليه، وكأنني خارج التغطية. كيف ينسون ما حل بالعراق ولبنان وغزة. وكأنكهم من غير كرامة أو عزة. فانشغلوا بمناقشة الطرب والغناء. ونسوا تكالب الأعداء. ومشاكل الماء والغذاء والدواء والكهرباء.
ثمّ التفت وقلت إني مفارق دياركم، فلا عجب أن صار التقهقر حصادكم. والتخلف مهادكم. وعدوكم ينام في دياركم. وأرضكم منهوبة مغصوبة. وشعوبكم مأكولة مشروبة. وأنتم تناقشون موضوع هيفاء. إلا لعنة الله عليكم وعلى روبي وهيفاء. وعلى كل المنحرفين من الرجال والنساء. فهذا وربي تهور جياش. وبئس واقعكم المعاش. فالطيور واقعة على مثلها. والنفوس مائلة إلى شكلها. والإناء ينضح بمثلها. فالصراعات في البرلمانات تدور. والمراجل بين أروقتها تفور. وكان الله في عون الشعب العربي المقهور. والمواطن المغدور. . اللهم يا من خلق الإنسان. وعلمه البيان. ورفع السماء ووضع الميزان. أصلح حال البرلمان، في هذا الزمان وكل زمان. فكل من عليها فان. ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. .