مجزرة أطفال غزة

مجزرة أطفال غزة...

نعي للأخلاق الدولية

د. ياسر سعد

[email protected]

أسفر قصف إسرائيلي بقذائف الدبابات عن مصرع أم وأربعة من أطفالها، جميعهم تحت سن السادسة، وكانت العائلة المنكوبة تتناول طعام الإفطار حين سقطت عليهم القذائف الإسرائيلية. وذكر معاوية حسنين، مدير عام الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة الفلسطينية، أن الشهداء هم: صالح (4 سنوات)، هناء (6 سنوات) ، ردينة (6 سنوات) ، مصعب (عام واحد) أبناء أحمد أبو معتق، بالإضافة إلى أمهم التي توفيت في المستشفى متأثرة بجراحها التي أصيبت بها أثناء القصف الصهيوني. وقال د. حسنين أن الشهداء وصلوا إلى مستشفيات قطاع غزة أشلاء ممزقة جراء القصف الإسرائيلي الشديد الذي استهدف المنزل، موضحاُ أن تسعة إصابات وصلت مستشفيي كمال عدوان والعودة بينهم حالات خطرة.

جريمة الحرب الإسرائيلية والتي استهدفت العائلة الفلسطينية وقضت على أطفالها الأربعة ستمر على الأرجح, كغيرها من الجرائم المتتالية بلا مبالاة دولية وبعجز عربي مؤلم وبإصرار رئاسي فلسطيني بالاستمرار في المفاوضات حتى النهاية. في أحسن الأحوال قد تعبر بعض الجهات الدولية عن أسفها لما حدث طالبة من جميع الأطراف ضبط النفس, في عبارات روتينية باردة.

أطفال فلسطين هم أكثر من يدفع من حاضرهم ومستقبلهم الكلفة الباهظة لاحتلال بغيض, فالاحتلال حرم غالبية أطفال فلسطين من التمتع بطفولتهم, وهم يعايشون القصف والاعتقالات والموت ومراسم العزاء بشكل متواصل, مما يؤثر على أوضاعهم وصحتهم النفسية بطريقة سلبية. كما يتعرض الأطفال الفلسطينيون لظروف معيشية قاسية جراء الحصار والتضييق والظروف القمعية, فحسب تقرير لمكتب مراقبة الأوضاع الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة التابع للأمم المتحدة صدر نهاية العام الماضي, فإن معدلات فقر الدم بين الأطفال الفلسطينيين اقل من عمر 5 سنوات ارتفعت لتصل إلى 56% في الضفة الغربية و82% في قطاع غزة. وحسب جهاز الإحصاء الفلسطيني فأن ما يناهز آلف طفل فلسطيني استشهد منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، فيما أكثر من (344) طفلاً ما زالوا يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

المجزرة الإسرائيلية تزامنت مع إعلان وزارة الصحة الفلسطينية عن وفاة المواطنة أنعام سراج أبومر جراء الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، ليصل عدد شهداء الحصار من المرضى إلى 138 شهيدا,وأكدت الوزارة أن أبومر استشهدت بعد أن منعت من السفر لتلقي العلاج بالخارج بعد  إصابتها بمرض السرطان. الحصار الحديدي المفروض على قطاع غزة ونتائجه الكارثية, والعنف الإسرائيلي والذي يؤدي إلى سقوط الضحايا من الأطفال والنساء في غزة, أمر لا يثير أصحاب الضمائر الغربية والذي يعلنون استعدادهم لانتهاك سيادة الدول وشن الحرب لحماية حقوق الإنسان كما حصل في العراق ويحدث في دارفور. الخارجية الأمريكية والتي تجد من الوقت والمصادر ما تناقش وبالتفصيل موضوع الكفيل في بعض دول الخليج, لا تجد فيما يحدث في غزة ما يستحق التوقف عنده, أكثر من تأكيدها على مصر -كما فعلت كونداليزا رايس أكثر من مرة- على تشديد الحصار على القطاع المنكوب وضبط الحدود معه.

إن ما يحدث في غزة والطريقة التي يتعامل فيها المجتمع الدولي مع الجرائم المرتكبة به وعجز النظام العربي الرسمي تماما عن الفعل السياسي والإنساني, تفرز أجواء مثالية لانتشار مشاعر من السخط والإحباط قد تتفاعل لتنشر ثقافة التدمير والتفجير والتكفير. الوقوف في وجه الجرائم الإسرائيلية وإغاثة الفلسطينيين المحاصرين واجب إنساني, والتقصير فيه مساهمة في صناعة الموت والمعاناة لشعب مضطهد وبريء.